بدت مفاوضات جنيف السورية – السورية المقررة الإثنين في حكم المؤجلة قطعاً، وإن لبضعة أيام، ريثما تتمكن القوى الدولية الفاعلة ومعها الأمم المتحدة من تذليل العقبات التي تعترض انعقادها في موعدها، وسط تهديد روسيا بإجراء مفاوضات بين النظام ووفد مستقل من المعارضة غير ذلك الذي تشكّل بناء على مؤتمر الرياض الأخير وضم فصائل مسلحة ومدنيين اتفقوا جميعاً على الحل السياسي للأزمة السورية.
ونفى المبعوث الخاص الدولي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا في شكل قاطع صحة تقارير نسبت إليه أنه حمّل السعودية مسؤولية تأخير انطلاق مفاوضات جنيف، وأكد أن المفاوضات التي كانت مقررة الإثنين «ستُرجأ أياماً قليلة». وقال دي ميستورا لـ «الحياة» في رسالة الكترونية من جنيف رد فيها على مزاعم انه اتهم المملكة بالتسبب في تأخير انطلاق المفاوضات، وقال: «لم أقل هذا، ولم أذكر أي دولة على وجه التخصيص وحتماً لم أذكر المملكة العربية السعودية».
وكان تقرير إعلامي ذكر أن دي ميستورا «اتهم السعودية» خلال إحاطته أمام مجلس الأمن في ١٨ الشهر الحالي «بتقويض جهوده لجمع أطياف المعارضة الرئيسية على طاولة المفاوضات» في جنيف. وفي شأن إرجاء انطلاق هذه المفاوضات، قال دي ميستورا إن التأخير «لن يكون لوقت طويل، بل لبضعة أيام، وهو ما يستحق الانتظار إن أدى الى التوصل الى انطلاقة أفضل للمحادثات». وأوضح: «ذكرت أمام مجلس الأمن أن أطرافاً فاعلين، بصيغة الجمع، يعقّدون مسألة توجيه الدعوات من خلال وضعهم فيتو، وفيتو مضاداً، على مدعوين محتملين».
وقال الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة فرحان حق إن دي ميستورا «يواصل اتصالاته مع كل الأطراف في محاولة لتعزيز الزخم المتولد من عملية فيينا، والهدف هو عقد جولة المفاوضات في ٢٥ الشهر الجاري». لكنه أوضح أن «موعد المفاوضات قد يتأجل أياماً قليلة في حال واجهتنا أسباب تقنية، على رغم أننا نفضل عقد المفاوضات في موعدها المقرر». وأضاف: «سنقوّم الوضع مع حلول نهاية الأسبوع ونقرر الموعد المناسب» لانطلاق المفاوضات.
وفي جانب متصل، وجهت عشرات المنظمات الإنسانية وغير الحكومية مناشدة مشتركة دعت فيها الى «إنهاء سفك الدماء في سورية والتوصل الى وقف لإطلاق النار وإيجاد طريق للسلام».
ونقلت وكالة «رويترز» أمس عن ديبلوماسي روسي ان موسكو ستدعم وفداً بديلاً من المعارضة السورية للتفاوض مع النظام إذا لم يتم تعديل تشكيلة الوفد الحالي أو إذا قاطع هذا الوفد المنبثق من مؤتمر المعارضة السورية في الرياض مفاوضات جنيف، كما لوّح رئيس الهيئة العليا للتفاوض رياض حجاب. وأقر الديبلوماسي بأن روسيا تعمل على «توسيع» الوفد المعارض الحالي أو تكوين وفد منفصل يضم من بين أعضائه صالح مسلم من الاتحاد الديموقراطي الكردي والناشطين هيثم مناع وقدري جميل ورندة قسيس. وقال الديبلوماسي إن يوم 29 الشهر الجاري سيكون «اليوم الأخير» الممكن أن تلتئم فيه المفاوضات السورية – السورية، أي أن التأخير سيكون لمدة أيام معدودة فقط.
والتقى وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع دي ميستورا في دافوس أمس بعد يوم من إجرائه محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في زوريخ.
ورد ديبلوماسي غربي لاحقاً على تصريحات زميله الروسي بالقول إنه لا يمكن ان تحصل مفاوضات إذا لم تشارك فيها المعارضة.
وفي باريس (رويترز) قال ديبلوماسي فرنسي كبير إنه ينبغي وضع إطار عمل جاد قبل إجراء محادثات السلام السورية، مضيفاً أن المعارضة التي اجتمعت في الرياض الشهر الماضي ينبغي أن تقود المحادثات. وأضاف الديبلوماسي: «لا ينبغي أن تبدأ عملية (سلام) فقط من أجل أن تبدأ عملية لكن من أجل النجاح وتحقيق حل فعال ودائم».
ورداً على مقترحات روسية بوجود وفد ثالث يمكن أن يشارك في المحادثات قال الديبلوماسي الفرنسي إن المنبر الذي تأسس في الرياض أمر أساسي لأي محادثات وفق قرار الأمم المتحدة في كانون الأول (ديسمبر).
في غضون ذلك، كثفت باريس التي تعد لاستقبال الرئيس الإيراني حسن روحاني الثلثاء المقبل، اتصالاتها لتعزيز فرص نجاح جولة المفاوضات السورية في جنيف، وفق مصدر ديبلوماسي فرنسي مطلع. وقال المصدر إن فرنسا تسعى إلى تهدئة التوتر بين ايران والمملكة السعودية وتعتبر أن التهدئة تمر أيضاً عبر حل الأزمات الإقليمية وعلى رأسها الأزمة السورية.
ولفت إلى أن هدف المفاوضات ينبغي أن يكون محدداً وأن تكون العملية الانتقالية على جدول اعمالها، مشدداً على ضرورة رفع الحصار عن المدن ووقف «القصف العشوائي» الذي تقوم به قوات النظام وروسيا، كما قال.