يثير الإهمال الحكومي لملف تسليح ودعم العشائر في المناطق المحرّرة من سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، خصوصاً في محافظة صلاح الدين، مخاوف الأهالي من عودة التنظيم لا سيّما أنه بدأ ينشط وينفّذ هجمات في بعض مناطق المحافظة، الأمر الذي دفع عشائر مدينة تكريت، مركز المحافظة، لتشكيل قوة عشائريّة بهدف حماية مناطقها.
وقال الشيخ مناف الجبوري، وهو أحد شيوخ عشائر تكريت لـ”العربي الجديد”، إنّ “خطر داعش مازال يهدّد بعض مناطق محافظة صلاح الدين، ومنها مناطق تكريت”، مبيناً أنّ “التنظيم يتحرّك في جزيرة سامراء وبعض المناطق الخاضعة لسيطرته، ويشنّ هجمات هنا وهناك، الأمر الذي جعل أغلب مناطق المحافظة في خطر تلك الهجمات، ما يستدعي توفير الحماية اللازمة لها”.
وأضاف المسؤول العشائري، أنّ “العشائر خاطبت مجلس المحافظة، وخاطبت الحكومة للتحرّك وتوفير الحماية لمناطقهم، ولكنّ تلك المناشدات باءت بالفشل، ولم تقدّم الجهات المسؤولة أيّ دعم سوى لعدة مناطق وهي القريبة من سامراء، والتي تولّت مليشيات الحشد الشعبي مسكها وكثّفت تواجدها فيها، بغية توفير الحماية لمرقد الإمامين العسكريين فيها، فيما لم يقدّم أيّ دعم للمناطق الأخرى”.
الجبوري أشار الى أنّ “عشائر تكريت عقدت اجتماعا، حضره شيوخ البلدات والمناطق التابعة للمدينة، وناقشت خطورة هذا الملف وضرورة توفير الحماية خصوصا للمناطق التي على تماس مع المناطق الخاضعة لسيطرة داعش، أو التي تعدّ أهدافاً له”، مبينا أنّ “الاجتماع تمخّض عنه اتفاق بين الشيوخ والوجهاء، على تشكيل قوات لحماية تلك المناطق من أبناء العشائر”.
وأوضح، أنّه “تم البدء بتشكيل قوة في بلدة العلم شرقي تكريت، قوامها يصل الى نحو 2500 مقاتل من أبناء المنطقة”، مبيناً أنّ “القوة ستكون تحت قيادة ذوي الخبرة من أبناء المنطقة من الضباط السابقين في الجيش العراقي”.
اقرأ أيضاً مسلسل تدمير المدن العراقية: أرض محروقة وتحرير فتغيير ديموغرافي
وأكّد، أنّ “العشائر أنشأت صندوقاً خاصاً لدعم حماية المناطق، وبدأت بجمع التبرعات فيه، وسيكون تسليح تلك القوات بالاعتماد على تلك التبرعات”، مشيراً إلى أنّ “التجربة ستعمّم في أغلب مناطق تكريت، وأنّها ستعمل بالتنسيق والتعاون مع القوات الأمنيّة”.
من جهته، أكّد النائب عن المحافظة أحمد السامرائي، أنّ “التحرّك العشائري وتشكيل قوات لحماية المناطق جاء بوقت مناسب جدّا، حفاظاً على المكتسبات الأمنيّة التي تحقّقت في المحافظة”.
وأوضح السامرائي، خلال حديثه لـ”العربي الجديد”، أنّ “الحكومة ليس لديها الأعداد الكافية لحماية كافة المناطق، خصوصاً أنّ القوات الأمنية منشغلة بمعارك تحرير الرمادي، الأمر الذي استوجب تحرّكاً من العشائر لتشكيل تلك القوات”.
وأكّد، أنّ “تلك القوات ليست خارجة عن سلطة الدولة، بل ستكون تحت إمرة القوات الأمنيّة في داخل مناطقها”، مطالباً الحكومة بـ”توفير الدعم اللازم لها، كونها قوات ساندة للقوات الأمنيّة”.
يشار إلى أنّ تنظيم “داعش” نشط أخيراً في محافظة صلاح الدين، وشنّ هجمات خاطفة في بعض مناطق المحافظة، بينما تنشغل القوات الأمنيّة ومليشيا “الحشد الشعبي” بتوفير الحماية لمدينة سامراء، حرصاً على مرقدي الإمامين العسكريين فيهما، في وقت تهمل فيه المناطق الأخرى في المحافظة.
أكثم سيف الدين
صحيفة العربي الجديد