الحكومة التونسية في مواجهة تحديات التنمية والبطالة

الحكومة التونسية في مواجهة تحديات التنمية والبطالة

الحكومة التونسية وتحديات البطالة

تعيش الحكومة التونسية وضعا حرجا أمام مشاكل التنمية وتفاقم البطالة التي فجرت احتجاجات غير مسبوقة منذ الإطاحة بالنظام السابق، ورغم أنها قدمت أمام البرلمان مخططا تنمويا للسنوات الخمس القادمة لدفع الاستثمار وتوفير فرص العمل، فإن كثيرا من ردود الأفعال حوله كانت متشائمة.

وعقب احتجاجات عارمة للمعطلين عن العمل انطلقت من ولاية القصرين لتتوسع بسرعة في كامل البلاد التي تعاني من اقتصاد مأزوم، عقد البرلمان التونسي جلسة عامة طارئة يومي الأربعاء والخميس مع الحكومة طرحت خلالها خطة تنموية لمجابهة البطالة المتزايدة وتقليص الفوارق الاجتماعية. ووضعت الوثيقة التوجيهية لمخطط التنمية 2016-2020 التي طرحها رئيس الحكومة الحبيب الصيد أمام البرلمان التونسي هدفا لبلوغ نسبة نمو 6%، وخفض معدل البطالة من 15.3% إلى 11%، وخفض التضخم من 5.3% إلى 3.6% عام 2020.

حلول ومقترحات
وحول أهمية الوثيقة، قال وزير التشغيل زياد العذاري للجزيرة نت إنها تتضمن منوالا تنمويا جديدا يشمل المشاريع التي ستعمل الحكومة على تحقيقها والقطاعات الواعدة التي ستقوم بالتركيز عليها من أجل دفع النمو والتنمية والتشغيل خلال السنوات الخمس المقبلة.

وأوضح العذاري أنه سيتم قريبا عرض هذه الوثيقة التوجيهية لمخطط التنمية كمشروع قانون على لجان البرلمان من أجل التصديق عليها للخروج بمخطط دقيق يشكل رؤية عمل واضحة لتحقيق الإقلاع الاقتصادي برفع نسبة النمو والاستثمار وتشغيل المعطلين.

غير أن أحزاب المعارضة قللت من أهمية الوثيقة، حيث اعتبر النائب عن الجبهة الشعبية اليسارية زهير حمدي أنها “مجرد غطاء لتغطية فشل الحكومة عن تحمل مسؤولياتها لإنقاذ الوضع الاجتماعي المنهار نتيجة خياراتها الليبرالية المعادية للشعب المهمش”.

وعن الخيارات البديلة، يقول حمدي للجزيرة نت إن حزبه اقترح فرض ضريبة استثنائية وظرفية على الثروات الكبرى، إضافة إلى تعليق سداد الديون لفترة وبيع الممتلكات المصادرة من النظام السابق لتعبئة موارد مالية تقوم الدولة بتوظيفها لإقامة مشاريع تنموية بالجهات.

من جهة أخرى اعتبر النائب عن حزب حركة النهضة وليد البناني أن الوثيقة التي قدمتها الحكومة تمثل جزءا من الحل، لكنه شدد على ضرورة تجسيد الحكومة بسرعة لمشاريعها على أرض الواقع مع توفير تمويلات بنكية كافية لأصحاب الشهادات العليا لبعث مشاريعهم.

كما دعا البناني إلى تبني مقترح حزبه والاتحاد العام التونسي للشغل -أكبر منظمة نقابية في تونس- لتنظيم حوار وطني حول التشغيل “في ظل محدودية قرارات الحكومة الأخيرة”، مؤكدا للجزيرة نت أن عقد مثل هذا المؤتمر من شأنه أن يساهم في إيجاد حلول للبطالة المزمنة.

وتساند عديد الأحزاب السياسية عقد هذا المؤتمر لبحث حلول ملموسة لما تسميها عراقيل مكبلة لتطوير النمو الاقتصادي والتنمية والتشغيل مثل استشراء الفساد والرشوة وتفاقم البيروقراطية وتقاعس الإدارة واستمرار المحسوبية والتعيينات وفق الولاءات.

ظروف صعبة
وفي ظل الصعوبات التي تواجه الاقتصادي التونسي الذي دخل في حالة انكماش منذ العام الفارط جعلت نسبة نموه لا تتجاوز 0.5%، يشكك الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان في قدرة المخطط التنموي الحكومي على تحقيق أهدافه في امتصاص البطالة.

ويقول سعيدان للجزيرة نت إن وثيقة المخطط تحدثت عن خفض البطالة من 15.3% إلى 11% في ظرف خمس سنوات بما يعني خلق 120 ألف فرصة عمل، “وهذا أمر مستحيل في حقيقة الأمر لأن الاقتصاد دخل في وضع انكماش لا يمكّنه من خلق هذا العدد الكبير”.

وأضاف أن “الوثيقة تحدثت أيضا عن إنجاز استثمارات بـ215 مليار دينار (105 مليارات دولار) في خمس سنوات رغم أن الدولة عاجزة عن إنجاز استثمارات بعشرة مليارات دينار في السنة الواحدة”، مبينا أنتونس تواجه صعوبة في الاقتراض بعد خفض تصنيفها الائتماني.

من جانبه يقول الخبير الاقتصادي معز الجودي إن المخطط الذي طرحته الحكومة يبالغ في حديثه عن إمكانية تحقيق نسبة نمو بنسبة 6% خلال الخمس السنوات المقبلة، مؤكدا أن البلاد غير قادرة حتى على تحقيق النمو المقدر في موازنة العام الجاري بنسبة 2.5%.

وأكد للجزيرة نت أن الاقتصاد التونسي يعيش في هذا الظرف وضعا صعبا للغاية، معتبرا أنه لا توجد قرارات اقتصادية ولا برامج إصلاحات حقيقية على أرض الواقع لتحسين مناخ الأعمال وجذب الاستثمار وتسريع إنجاز المشاريع الحكومية المبرمجة في الجهات.

خميس بن بريك