الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية*
مارثون البحث عن خليفة لرئيس الوزراء المنتهية ولايته اصطدم برفض المالكي وتمسكه بحقه في رئاسة الحكومة للمرةالثالثة على الرغم من كل المغريات التي قدمت له لحل عقدة الكتلة الأكبر التي عمقت الخلافات بين الباحثين عن الحل.
و كشف مصدر سياسي بارز لمركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية عن خفايا اسرار المباحثات والاتصالات السياسية السرية منها والعلنية بين بغداد وطهران وواشنطن وعواصم إقليمية معنية بالشأن العراقي لبلورة الموقف إزاء معضلة الكتلة الأكبر، واختيار مرشح لرئاسة الحكومة العراقية .
وبحسب ذات المصدر فان المالكي تمسك بحقه بتجديد ولايته الثالثة ورفض أي خيار اخر على الرغم من المفاوضات الماراثونية بين مكونات التحالف الوطني الذين لم يصلوا الى نتيجة مع المالكي بسبب رفضه ترك المنصب.
، وبحسب رواية المصدر فان اجتماعا خاصا ضم رئيس التحالف الوطني إبراهيم الجعفري والمالكي وطارق نجم ، اقترح فيه الجعفري ان يكون طارق نجم بديلا عن المالكي ، الذي رد بهستيريا وغضب على هذا العرض وخيم على الاجتماع التوتر وغادر بعدها طارق نجم بعده الى لندن .
وكشف المصدر أيضا ان احد الحلول التي اقترحها مجلس شورى حزب الدعوة ، كان ترشيح حيدر العبادي بديلا للمالكي ، الا ان ايران رفضت بسبب انه كان يرأس جناح حزب الدعوة ( ساحة اوربا ) ولاتوجد لديه علاقة استراتيجية وسياسية معها.
وفي اطار البحث عن مرشحين تم طرح أسماء ( إبراهيم الجعفري وعادل عبد المهدي وباقر الزبيدي واحمد الجلبي ) قوبلت كلها برفض من قبل دولة القانون لانها المعنية باختيار المرشحين باعتبارها الكتلة الأكبر بحسب رأيها، وطبقا لذات المصدر فقد تم تداول اسمي ( حسين الشهرستاني, وهادي العامري ) بدلاء للمالكي الا ان الرفض كان نصيبهما ايضا باعتبار ان حصة رئيس الوزراء لحزب الدعوة .
ويؤكد المصدر الذي كان قريبا من أجواء المباحثات ، ان التحالف وافق على جميع طلبات المالكي لكي يتنازل عن المنصب التي نالت موافقة واشنطن وايران ودول إقليمية ، الا انها اصطدمت برفض المالكي ، ونوه المصدر الى ان ابرز طلبات المالكي كانت استبعاد أسامة النجيفي عن رئاسة البرلمان الذي تنازل بعد ضغط من واشنطن وايران وإسطنبول لتسهيل خروج المالكي من الحكومة ، فيما كان طلب المالكي الثاني عدم ترشيح برهم صالح لرئاسة الجمهورية ، وأوضح المصدر ان جميع المحاولات التي اقترنت بتقديم التنازلات للمالكي باءت بالفشل رغم ان المرجعية العليا بالنجف دعت الى عدم التشبث بالمنصب فضلا عن رفض السنة والاكراد توليه رئاسة الحكومة مجددا وقوى أخرى داخل التحالف الشيعي التي حملته مسؤولية الاخفاقات السياسية والأمنية على مدى ولايتيه الأولى والثانية ، وتحويل العراق من دولة المؤسسات الى دولة المليشيات وخروج محافظات ومدن عراقية عن سيطرة حكومته .
وكشف المصدر عن ان المالكي وفي اطار تحسبه لمستجدات الموقف بدأ ومنذ أسبوع بإعادة تنظيم قواته الخاصة, وقرر تشكيل الفرقة الرئاسية الخاصة, التي عين ابن مديننته طويريج الفريق الركن محمد رضا قائدا لها وانضم اليها اللواءان ( 56 ،57 ) وفوج الحماية الخاصة، فضلا عن تأسيس سرايا للتدخل السريع وتشكيل كتائب معززة بالدبابات والمدرعات والطائرات السمتية ، كما فرض سيطرته على الأجهزة الأمنية ,والاستخباراتية وقد أدت هذه الإجراءات التحسبية للمالكي الى قلق وخوف من اقرب المقربين له لمخاطرها على الوضع العام .
وعن دور الجنرال قاسم سليماني في عملية البحث عن رئيس للوزراء ، كشفت المصادر ان المسؤول الإيراني غادر بغداد على عجل الى طهران واوجز نتائج لقاءاته في بغداد للمرشد الاعلى علي خامنئي والى مستشار الامن الوطني الإيراني شمخاني والتي تزامنت مع ضغوطات كبيرة من قبل اية الله هاشمي شهرودي وكاظم الحائري اللذين دعما موقف المالكي في ترشيحه لولاية ثالثة.
وأوضحت المصادر ان سليماني عاد الى بغداد امس السبت حاملا موقف القيادة الإيرانية الذي عرضه في اجتماع موسع للتحالف الوطني الذي تلخص بان ايران لايوجد لديها فيتو على أي مرشح لرئاسة الحكومة, مؤكدا ان ايران مع أي اتفاق يتوصل اليه التحالف الوطني بالنسبة للكتلة الأكبر, واسم المرشح.
وترى المصادر ان موقف ايران الذي حمله سليماني هو رفع تحفظها على تجديد ولاية المالكي، وبالتالي فان التحالف الوطني يحتاج الى فسحة جديدة للتوافق على قرار نهائي حسب المعطيات الجديدة،وهذا يعني انه لن يقدم مرشحه اليوم ضمن المدة الدستورية .
ولفتت المصادر الى ان قرار ايران يرفع تحفظها على تجديد ولاية المالكي يصطدم برفض واشنطن للتجديد ولاسيما ان الرئيس الأمريكي باراك أوبامادعا لتشكيل حكومة شراكة وطنية لاتستثني احد اوان مجيء المالكي يعني الاستمرار بهذه السياسة وإبقاء الازمة مستعرة ، والموقف الإيراني الجديد حسب المعلومات سيتقاطع مع موقف رئيس الجمهورية فؤاد معصوم الرافض لتجديد ولاية المالكي, واعتبار ائتلافه الكتلة الأكبر على الرغم من تهديدات المالكي.
واستبعدت المصادر خيار حل البرلمان, واستقالة رئيس الجمهورية لانهما سيدخلان العراق في المجهول، ويظهران المالكي دكتاتورا لايتمتع بالشرعية فضلا عن الرفض العربي والإقليمي والدولي لهذا المنهج الذي سيقود العراق الى المجهول, بسبب تمسك المالكي بكرسي رئاسة الحكومة.
وخلصت المصادر الى ان المالكي يحاول بشتى وسائل التهديد, والوعيد والترغيب, وتقديم الرشى لكي يبقى رئيسا الوزراء ، وفي حال عدم تمكنه من تحقيق ذلك سيضطر الى ترشيح احد المقربين منه رئيسا للوزراء, ويقبل بمنصب نائب رئيس الجمهورية والمسؤول عن إدارة الملف الأمني ويضمن ان تكون الحكومة تحت امرته لان رئيسها من الموالين له فضلا عن رئيس جمهورية ضعيف .
وفي حال قبول المالكي بالتنازل عن الولاية الثالثة، فانه سيرشح لخلافته طارق نجم أو وخضير الخزاعي في اطار سعيه للهيمنة على القرار السياسي .
وهذا السيناريو براي المصادر الموثوق بها سيقود العراق الى الانهيار، والتفكك ويبقي المالكي مهيمنا وقويا ,ويفرض سلطانه على الحكومة حتى وان خرج من رئاستها.
ولعل السيناريو الاكثر صدقية؛ هو انقلاب المالكي على الدستور ليعلن تمسكه بمنصب رئيس الوزراء ويتبدى ذلك من خلال نشره قوات خاصة موالية له في مواقع استراتيجية في بغداد ليل العاشر من اب/ اغسطس 2014، وبعد ان اطلق كلمة صارمة في التلفزيون اشار فيها الى انه لن يرضخ للضغوط الرامية الى تخليه عن محاولته اليقاء في فترة ثالثة في رئاسة الحكومة، متهما الرئيس فؤاد معصوم بخرق الدستور بعدم تكليف مرشح ائتلاف دولة القانون، وهي الكتلة البرلمانية الاكثر عددا التي تحددت في الجلسة الاولى لمجلس النواب حسب قرار المحكمة الاتحادية.
ووفقا لما تقدم فان احتمالات انزلاق البلاد الى وضع سياسي خطير,بدأت تلوح في الافق مع اقرار المحكمة الاتحادية العليا بحق دولة القانون تشكيل الحكومة،اضف الى ذلك ما يدور في البلاد من حرب اهلية،وغياب للأمن و الاستقرار.