عندما احتلّ تنظيم «الدولة الإسلامية»/«داعش» الموصل وشنّ هجوماً على «إقليم كردستان»، قامت القوّات الكردية بتطوير استراتيجية مكوّنة من ثلاثة أجزاء لوقف تقدّم التنظيم ودحره وإلحاق الهزيمة به في النهاية. ومن خلال جهود وحدات البشمركة وبمساعدة القوّات الأمريكية وقوّات التحالف، تقوم القوّات الكردية حالياً بدحر تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وقد استعادت 27 ألف كيلومتر مربّع من الأراضي؛ وأسفرت هذه العمليات عن مقتل 1,603 محارب من البشمركة وأُصابة أكثر من 8,000 آخرين بجروح. لقد اضطلعت قوات البشمركة ومجلس أمن «إقليم كردستان» بقيادة السيّد بارزاني بدور رئيسي في هزيمة تنظيم «داعش». فاليوم على وجه التحديد، ألقي القبض على شبكة إرهابية في إربيل. إنّها معركة مستمرّة، وتُعتبر الإنجازات ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» كبيرة حتى الآن.
وتُعدّ الموصل مفتاح هزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية» والقضاء عليه. وفي حين تُعتبر الرمادي والرقّة مهمتَين، إلّا أنّ الموصل تشكّل عاصمة الخلافة المعلنة وأكبر مدنها، وتوفّر ملاذاً آمناً لـ تنظيم «داعش»، بالإضافة إلى مصادر دخله وموارده. وتسيطر قوّات البشمركة على التخوم الشمالية والشرقية والغربية المحيطة بالموصل وتتطلب إشعار لأسبوع واحد فقط قبل القيام بشن عمليّاتها. وتحافظ «حكومة إقليم كردستان» على اتّصالات يومية بشركائها العراقيين، وهناك اتّفاق باستخدام مدينة مخمور [في «إقليم كردستان العراق»] كمنصة لإطلاق عمليّات الموصل ولدمج الألوية العراقية. وتؤمّن مدينة مخمور موقعاً مجاوراً مهمّاً لمنطقة القيارة [في الموصل]. وفي الأسبوع الماضي، قامت قوّات البشمركة بدعم من عرب العشائر المحلّيين بتحرير نقطتَين استراتيجيتَن قريبتين هما [قريتي] كوديلا وكرمدي. وسيساعد ذلك على تمهيد الطريق للعملية المقبلة في الموصل.
إن عملية الرمادي ما زالت مستمرة، وتتطلب التدخّل المتواصل لقوّات الأمن العراقية. وفي حين أن هناك حديث عن تمركز ٤٥٠٠ من هذه القوّات في مخمور، يكمن السؤال الرئيسي بالنسبة إلى الموصل في الناحية السياسية من العملية، والذي يتضمن إدارة الموصل ما بعد التحرير وتحديد دور المحاربين السنّة و”وحدات الحشد الشعبي”. فسكان الموصل يريدون ضمانات عن عدم تكرار الأخطاء التي تعمّق الصراع الطائفي، كما حدث في عملية تكريت وديلاوري.
ويهدّد وجود تنظيم «الدولة الإسلامية» في الموصل جميع أنحاء منطقة «كردستان العراق». وفي الوقت نفسه، تهدّد الأزمة الاقتصادية في «كردستان» جهود المنطقة في محاربة تنظيم «داعش». فقوّات البشمركة لم تتلقَ أجورها منذ شهر أيلول/سبتمبر، كما أنّ «حكومة إقليم كردستان» غير قادرة على تحمّل التكاليف المالية للحرب، بما في ذلك النقل والخدمات اللوجستية والغذاء والخدمات الطبّية. فالعمليّات في سنجار، على سبيل المثال، يتم تمويلها من قبل شخص ثري في دهوك وليس من قبل الحكومة. وهناك حاجة إلى قوّات على الأرض لاستعادة الموصل، وتُعدّ قوّات البشمركة موضع الثقة الأكبر في المنطقة. إلّا أنّ الوضع الاقتصادي لـ «حكومة إقليم كردستان» يعيق قدراتها. وقد توجّه ممثّلون أكراد إلى واشنطن للسعي إلى [تأمين] وتنسيق مساعدات طارئة للحرب ضدّ تنظيم «الدولة الإسلامية».
وفي حين نعترف بوجود أخطاء حوكمة وأخرى اقتصادية، من الواضح أنّ الوضع الاقتصادي قد تفاقم بسبب ثلاثة عوامل رئيسية هي: قرار الحكومة العراقية في شباط/ فبراير 2014 باقتطاع ميزانية كردستان، والهبوط الكبير في أسعار النفط، وأثر إيواء1.8 مليون شخص من المشردين داخلياً. فلو كانت أسعار النفط 67 دولاراً للبرميل، لبلغت عائدات «حكومة إقليم كردستان» 1.3 مليار دولار في الشهر، ما يكفي لتغطية النفقات. كما أنّه وفي حين نتلقّى بعض الدعم لـ 300 ألف لاجئ، إلّا أنّ الدعم الدولي للنازحين ضئيل، ما يؤثّر سلباً على المجتمعات المحلّية التي تستضيفهم. ومن التعقيدات الأخرى هو حاجة اللاجئين والنازحين إلى خدمات طبّية يكثر الطلب عليها من قبل قوّات البشمركة المصابة، الأمر الذي يجبر بعض الجنود إلى السفر إلى تركيا للمعالجة.
ولكي يتمكّن «إقليم كردستان العراق» من مواجهة تنظيم «الدولة الإسلامية» ومشاكل أخرى، نحتاج إلى دعم من شركائنا الدوليين.
هيمن هورامي, ديفيد بولوك, و مايكل نايتس
معهد واشنطن