تداعيات التدخل العسكري بليبيا على تونس

تداعيات التدخل العسكري بليبيا على تونس

التدخل الغربي في ليبيا

يرى مراقبون في تونس أن توجيه ضربة عسكرية من قبل حلف شمال الأطلسي (ناتو) إلى تنظيم الدولة الإسلامية في ليبيا ستترتب عليه تداعيات أمنية واقتصادية خطيرة في تونس، التي دفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة على الحدود البرية.

وتعززت مخاوف المراقبين مع تزايد تصريحات مسؤولين عسكريين أميركيين وأوروبيين عن احتمال شن هجمات على التنظيم، بعد تأكيدات استخباراتية بشأن توسع نفوذه وتزايد أعداد مقاتليه في سرت، بما يهدد بقيام وضع مماثل لما يشهده العراق وسوريا.

مسألة وقت
ويرى الخبير العسكري مختار بن نصر أن تلك التصريحات لم تأت من فراغ، وأن احتمال شن ضربة عسكرية ضد تنظيم الدولة في ليبيا أصبح مسألة وقت، موضحا أن التدخل ستكون له آثار سلبية على تونس.

ويقول للجزيرة نت إن التحضير لاستهداف تنظيم الدولة بدأ يتهيأ من خلال قيام طائرات مجهولة بشن غارات محددة على مواقع للتنظيم، وقيام طائرات بطلعات استطلاعية وقدوم بوارج حربية أميركية.

وعلى اعتبار أن هجوما محتملا في ليبيا سيخلف أضرارا، يتوقع أن تتدفق على تونس مجموعات كبيرة من اللاجئين الليبيين، “مما يزيد من خطر اندساس إرهابيين وسط النازحين للعبور إلى تونس”، بحسب بن نصر.

ويحذر الخبير العسكري أيضا من إمكانية استغلال عناصر لها ولاءات لتنظيم الدولة هشاشة الأوضاع الأمنية لتنفيذ هجمات بتونس، رغم أنه يؤكد وجود يقظة أمنية وعسكرية ضيقت الخناق عليها.

الأمن والاقتصاد
من جهته يقول المتحدث باسم وزارة الدفاع بلحسن الوسلاتي إن الجيش التونسي عزز تواجده على الحدود البرية وإنه مستعد لأي سيناريو، مضيفا أنه سيتم قريبا تركيب منظومة مراقبة إلكترونية للحدود.

ويضيف للجزيرة نت أن تونس أخذت بعين الاعتبار إمكانية تصاعد الأوضاع في ليبيا وسرعت بناء ساتر ترابي وخندق على طول الحدود في ظرف أربعة أشهر، بعدما كان بناؤه مجدولا على مدى سنتين.

ورغم أهمية الاستعدادات الأمنية، يقول الخبير الاقتصادي رضا الشكندالي إن خطر تسلل إرهابيين من ليبيا يبقى قائما بعد ضربة محتملة ضد تنظيم الدولة بالنظر إلى إمكانية تدفق عدد كبير من اللاجئين.

ويؤكد للجزيرة نت أن إمكانية تسلل مسلحين سيؤجج “الإرهاب” في تونس وسيزيد من توتر مناخ الأعمال، مما قد يدفع مستثمرين للتفكير في مغادرة البلاد للاستثمار في مناطق تتمتع بمناخات أفضلكالمغرب، بحسب رأيه.

ويرى الشكندالي أن تراجع الاستثمار سيعطل خلق فرص العمل ويزيد من رفع معدل البطالة، خاصة أن الدولة باتت غير قادرة على توظيف العاطلين في القطاع العام.

كما يتوقع أن يؤدي قدوم أعداد كبيرة من اللاجئين الليبيين إلى رفع نسبة التضخم جراء الإقبال المتزايد على إيجار السكن في تونس، وهو ما قد يؤدي إلى احتقان اجتماعي للمطالبة برفع الرواتب.

ويقول الشكندالي إن استقبال وفود ليبية كبيرة في تونس مثلما حصل عام 2011 سيزيد حجم الاستهلاك الداخلي، وسيدفع الحكومة لضخ نفقات إضافية على مستوى دعم السلع.

ويتمثل الإشكال الكبير -بحسب الشكندالي- في إمكانية حدوث احتقان اجتماعي جنوب البلاد الذي يعتمد جزء من سكانه على بيع سلع مهربة من ليبيا كالمحروقات، مبينا أن تضرر مصالحهم بسبب التدخل في ليبيا قد يخلق توترات اجتماعية.

وبحسب دراسة أعدها المعهد الوطني للإحصاء (حكومي)، فإن 75% من فرص الشغل جاءت عن طريق التجارة الموازية. علما بأن المنتفعين من هذه التجارة شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما.

خميس بن بريك

الجزيرة نت