مرت سنة أخرى على سوريا، مع عدم وجود نهاية في الأفق للصراع الذي أودى بحياة 200 ألف نسمة، وأصاب مليون شخص بجراح، وشرد نحو نصف عدد السكان. وخلال أربع سنوات، سعت إدارة أوباما إلى إيجاد استراتيجية فعالة لسوريا من دون جدوى.
ولكن، وفي انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني، حصل الجمهوريون على السيطرة على مجلس الشيوخ. ويشير بعض المحللين إلى أنه، وفي دورة العام المقبل، قد يدفع الكونغرس الجديد الولايات المتحدة باتجاه اتخاذ موقف أكثر عدوانية ضد كل من المتشددين الإسلاميين، ونظام بشار الأسد، على حد سواء.
2014: نقطة تحول
انتهت جولتان من محادثات السلام في بداية عام 2014 دون اتفاق. وفي الربيع، استعاد النظام السوري اثنين من معاقل المتمردين الرئيسية، هما يبروت، وحمص.
وأعلن الرئيس السوري، بشار الأسد، عن إجراء الانتخابات في 3 يونيو، وفاز بها (كما هو متوقع) بأغلبية ساحقة. وفي الشهر نفسه، أعلنت الأمم المتحدة أنها انتهت من إزالة الأسلحة الكيميائية، وأعلنت جماعة الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) عن أنها قد أنشأت الخلافة.
وعند هذه النقطة، أصبح الثوار يخوضون حربًا على جبهتين. على الجبهة الأولى، قام جيش الأسد بشن ألفي ضربة جوية ما بين 20 أكتوبر و29 نوفمبر فقط، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو ما أسفر عن مقتل أكثر من 500 من السوريين، على الرغم من أن الطائرات الأمريكية كانت في الأجواء السورية. كما أن النظام يستعد، وفقًا للمحللين، لأخذ ثاني أكبر المدن السورية حلب، ما لم تتمكن الأمم المتحدة من تحقيق التجميد المقترح للقتال.
وعلى الجبهة الثانية، كما حذر السناتور الجمهوري، ماركو روبيو من فلوريدا، مؤخرًا في صحيفة واشنطن بوست، فهي تضم مجموعة “الدولة الإسلامية” التي تنتشر الآن في شمال أفريقيا، وعبر الشرق الأوسط، وباكستان، وجنوب آسيا، إلى جنوب شرق آسيا.
وقال شادي حامد من مركز معهد بروكينغز لسياسة الشرق الأوسط: “قوات المتمردين تخسر المعركة تلو المعركة أمام داعش، وكذلك فرع تنظيم القاعدة، جبهة النصرة“. وأما فاليري آموس، وهي مسؤولة رفيعة عن أعمال الإغاثة التابعة للأمم المتحدة، فقد قالت مؤخرًا لمجلس الأمن إنه “لا يوجد كلمات كافية” لشرح مدى “الوحشية، والعنف، والاستخفاف بالحياة البشرية، في سوريا اليوم”.
فقدان البوصلة؟
وفي سبتمبر، أعلن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، استراتيجية ذات شقين لتفكيك ومن ثم تدمير “الدولة الإسلامية” في كل من سوريا والعراق.
وأجرت الولايات المتحدة، وإلى حد أقل حلفاءها العرب الخمس الضربات الجوية ضد داعش في سوريا ومعظمها استهدفت كوباني بالقرب من الحدود التركية. وقال خبير الإرهاب في جامعة نورث إيسترن، ماكس ابرامز، إن تأثير هذه الضربات قد يكون نفسيًا أكثر من أي شيء آخر.
وأما المكون الثاني من الاستراتيجية الأمريكية، وهو تدريب وتسليح المتمردين “المعتدلين”، فلن يبدأ حتى مارس 2015. ولكن محللين قالوا إنه قد يكون من الصعب العثور على شركاء على استعداد للعمل مع الولايات المتحدة في هذا المجال أيضًا.
وقال حامد: “نحن نتحدث هنا عن 500 مليون دولار لتدريب حوالي 5 آلاف مقاتل“. وأضاف: “عندما نتحدث عن المسرح العسكري الذي يوجد فيه أكثر من 100 ألف مقاتل ينتمون لمجموعة متنوعة جدًا من أسباب التمرد، فإن 5 آلاف مقاتل ليسوا سوى قطرة في بحر“.
والسؤال الرئيس الذي يركز عليه حامد، هو ما الذي سوف يفعله هؤلاء المقاتلين؟ ويقول: “بناءً على تعليقات الجنرال مارتن ديمبسي، وتعليقات مسؤولين آخرين، يبدو أن قوة القتال هذه مخصصة في المقام الأول لمكافحة داعش“. ويضيف: “ولكن، كيف يمكن إقناع 5 آلاف من المقاتلين بوقف إطلاق النار ضد عدوهم الأساسي، نظام الأسد، والتركيز فقط على داعش؟“.
وإذا كانت الولايات المتحدة تريد كسب ثقة المعارضة السورية، وفقًا لحامد، فإنه يتعين عليها أن تعترف أنها قامت بأشياء خاطئة، وأن تعالج مسألة نظام الأسد نفسه. وبدوره، قال أندرو جيه تابلر، وهو زميل في برنامج معهد واشنطن للسياسة العربية: “طالما أن الأسد في السلطة، سيستمر تقسيم سوريا. وطالما ازداد تقسيم سوريا، طالما أطلق العنان أكثر لداعش في أنحاء البلاد“.
كونغرس جديد، سياسة جديدة؟
وقال أبرامز إن الانتخابات النصفية التي عقدت في نوفمبر شهدت فوز الجمهوريين بالسيطرة على مجلس الشيوخ الأمريكي، وهذا قد يغير المعادلة. وأضاف: “هناك بعض الاختلافات الحقيقية بين الديمقراطيين والجمهوريين في الكونغرس بما يتعلق بكيفية مواصلة الحرب ضد الدولة الإسلامية. كما أن هناك الكثير من التناقضات في هذا المجال داخل الأحزاب نفسها، وخاصةً في الحزب الجمهوري“.
وسوف يشغل السيناتور الجمهوري، جون ماكين، وهو من أشد منتقدي سياسة أوباما تجاه سوريا منصب رئيس لجنة القوات المسلحة في يناير/كانون الثاني. وكان ماكين، وزميله السناتور الجمهوري ليندسي غراهام، قد دعيا الإدارة مرارًا إلى اتخاذ موقف أكثر قوة، “ودعم وتمكين الجيش السوري الحر”، من خلال إنشاء مناطق آمنة محمية، وفرض منطقتي حظر جوي في سوريا.
وبالإضافة إلى ذلك، دعا السيناتوران إلى “مزيد من القوات على الأرض، وضربات أكثر قوة، ومزيد من القوات الخاصة، ومواصلة تسليح قوات البيشمركة الكردية”. كما أنهما يشتركان مع تركيا في أنه من غير الممكن هزيمة المتشددين طالما بقي الأسد في السلطة.
ومن جانب الديمقراطيين، قال تابلر إن “هيلاري كلينتون، هي حتى الآن واحدة من المرشحين المحتملين للحزب في الانتخابات المقبلة، وقد دعت الإدارة سابقًا إلى بذل المزيد من الجهد فيما يخص سوريا“.
أول الأشياء أولاً
ولكن، قبل أن يقرر الكونغرس الجديد ما سيتخذه من إجراءات، سيكون عليه مناقشة من يحق له أن يأذن بمثل هذه الإجراءات في المقام الأول. وقد قال أوباما مرارًا وتكرارًا إنه من المبرر له السماح بإجراء الغارات الجوية، مستخدمةً تراخيص عامي 2001 و2002 لاستخدام القوة العسكرية في أفغانستان والعراق. ولكن العديد من الجمهوريين يقولون خلاف ذلك، ويؤكدون على أن الدستور ينص على أن الأمر متروك للمشرعين عندما يكون هناك حاجة لإقرار ما إذا كانت البلاد سوف تذهب إلى الحرب، وأين، ومتى.
ووافقت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، الأسبوع الماضي، على القرار الذي من شأنه أن يعطي الرئيس سلطة استخدام القوة العسكرية ضد “الدولة الإسلامية” لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، ولكن هذا القرار يمنع استخدام القوات البرية، إلا في ظروف محددة.
ويعتقد تابلر أن الجمهوريين سوف يضغطون أكثر وأكثر على أوباما لبذل المزيد من الجهد في سوريا. وقال: “المشكلة هي أنه كلما استمر هذا الوضع أكثر، كلما سيسيطر الجهاديون على مساحات أكبر من سوريا والعراق“. وأضاف: “أعتقد أن هذه الحرب لم تعد حرب سوريا أو العراق أو حتى داعش، فقط. إنها الآن شيء أكبر وأكثر خطورة بكثير“.
سيسلي هيلاري – فويس أوف أمريكا (التقرير)
http://goo.gl/DYV2u3