من عام الحرب في 2014 إلى عام الجبهات الساخنة و«الباردة» في 2015

من عام الحرب في 2014 إلى عام الجبهات الساخنة و«الباردة» في 2015

b4a71ee2-e46f-46c6-bc2c-5529cb8f72b8_16x9_600x338

هيمنت الحرب على المشهد الإستراتيجي عام 2014 في الشرق الأوسط وشرق أوروبا، وأوكرانيا، واحتمال الحرب غلب على منطقة بحر الصين الجنوبي. ولكن ماذا عن مشهد 2015 الإستراتيجي؟

في الجبهة الشرق الأوسطية: برزت «الدولة الإسلامية» وترسخت في اقليم يمتد من العراق الى سورية. وهي سيطرت على ثاني كبرى المدن العراقية، الموصل، وتحكم 6 ملايين شخص وتواصل نزاعها المسلح ضد سلطات دمشق وبغداد. ويسعى هذا التنظيم الى تبديد الحدود الإقليمية وإحياء «خلافة» ضعيفة الصلة بالواقع. وتعد قوات الدولة الإسلامية نحو 30 الف مسلح، وتنتشر على حدود تركيا والأردن، وتهيمن على مناطق السنة في العراق وجذورها رسخت في سورية. وتهديد «داعش» حمل باراك اوباما على استئناف الأعمال الحربية في المنطقة. وفي 2015، يتوقع ان تواصل أميركا حملتها الجوية على «داعش»، وأن تتعاون مع القوات الكردية العراقية والجيش العراقي وميليشيات تأتمر بأمرة إيران. ولم تعارض روسيا هذا التحالف الهجين بين الأميركيين وإيران ودول اقليمية، لكنه، الى اليوم، لم يفلح في حمل «داعش» على التراجع تراجعاً يعتد به.

توقعات 2015: تكر سبحة خسارة «الدولة الإسلامية» الأراضي في العراق وقد تقتلع من الموصل، لكنها لن تلقى مصيراً مماثلاً في سورية حيث انتخب التنظيم الرقة، في الشمال الغربي، ملاذاً له وبؤرته النواتية. وفي هذا البلد لا تملك اميركا حلفاء يؤدون دور القوات البرية، وقدرتها محدودة. فالغارات لا يسعها حمل «داعش» على التراجع ما خلا في كوباني، على الحدود التركية. والتدخل الأميركي «الجوي» يتجنب اصابة قوات نظام دمشق. وهذا الموقف أثار غضب مجموعات الثوار من الإسلاميين وغيرهم من الساعين الى اطاحة ديكتاتورية بشار الأسد التي تدعمها روسيا وايران. ولن تغلب كفة أي من اطراف الحرب في سورية. والحرب في عامها الرابع في بلد مدمر صار نصف سكانه لاجئين.

جلجلة الآلام ستتواصل في العام المقبل إلا إذا سعت روسيا وإيران، الوصيتان على الأسد وحارستاه، الى التفاوض على حل إثر انهيار اسعار النفط ودبيب الوهن في أوصالهما. وحظوظ الحل في سورية ترجَح، إذا ابرم اتفاق نووي مع طهران.

على الجبهة الأوكرانية فلاديمير بوتين هو الفيصل. وفي آذار (مارس) المنصرم، كادت الصحف الغربية تحتفي بإنجازاته: ضم القرم إثر تنظيم العاب أولمبية باهرة في سوتشي. وظهر الرئيس الروسي على انه قائد استراتيجي وقيصر روسيا الجديدة. وعشية 2015، يترنح الاقتصاد الروسي على وقع هبوط اسعار النفط والعقوبات الغربية، وتقلص موازنة الدولة الروسية الى النصف. ومن العسير استباق اثر الانهيار الروسي في سياسة الكرملين الأوكرانية. ومنذ ضياع القرم، خطا النظام الأوكراني المنبثق من «ثورة ميْدان» خطوات كبيرة: انتخاب الرئيس بيترو بوروشينكو في أيار (مايو)؛ وتوقيع اتفاق الشراكة التجارية مع الاتحاد الأوروبي في حزيران (يونيو) المنصرم؛ فوز مجموعات وسطية موالية لأوروبا في الانتخابات التشريعية في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي.

لكن الاقتصاد الأوكراني في حال يرثى لها، وكييف على شفير الانهيار المالي. وفي شرق البلاد، تتناسل فصول الحرب بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا. وخلفت الحرب في اوكرانيا حوالى 4 آلاف قتيل في أحد عشر شهراً.

الانفصاليون ترعاهم موسكو وتدربهم وتسلحهم، وهم يواصلون تقطيع اوصال اوكرانيا: نظموا انتخابات مطلع تشرين الثاني (نوفمبر)، وأعلنوا نشوء جمهوريتين مستقلتين في دونيتسك ولوهانسك. وإثر الانتخابات، زوّد الكرملين الجمهوريتين الوليدتين أطناناً من المعدات العسكرية. فهما تسعيان الى التوسع. والغرب يرد على هذه الخطوات بفرض عقوبات. وفي ختام تشرين الثاني، بدا ان بوتين يسعى الى التهدئة والحوار مع كييف والاتحاد الأوروبي. ويسعى الى بلوغ مأربين في 2015، انقاذ الاقتصاد الروسي وتقويض استقلال اوكرانيا. وعلى رغم ان عملية الإنقاذ الاقتصادي تفترض تهدئة الجبهة الأوكرانية، لن يتخلى بوتين عن طموحه الإستراتيجي، زعزعة نظام كييف. ويرجح أن ينتهج تارة نهج التهدئة وأخرى نهج تسخين الجبهة مع اوكرانيا.

على جبهة بحر الصين الجنوبي: توالت فصول النزاع البحري في شرق المحيط الهادئ بين الصين وعدد من دول الجوار. ورمت بكين الى تثبيت سيادتها على مجموعة جزر يدور خلاف على ملكيتها. وتوسلت سياسة عدائية تبث الخوف في اوصال المنافسين: حرس سواحل عدائي وزوارق صيد حربية تحاصر زوارق «الأعداء» … وكانت دول المنطقة قاب قوسين من حوادث بحرية مسلحة – بين الصينيين واليابانيين، وبين الصينيين والفيتناميين، وحوادث جوية بين المقاتلات اليابانية والمقاتلات الصينية. وعلت اصوات القوميين في طوكيو وبكين.

ولكن، شيئاً فشيئاً، مع إحكام شي جينبينغ قبضته على جهاز الحزب الحاكم والدولة، خففت الصين نبرتها العدائية. واستقبل شي رئيس الوزراء الياباني، شينزو آبي، وأبرم البلدان اتفاق حسن سلوك في بحر الصين. وعادت الزوارق الى الصيد وتركت المناورات العدائية. وفي 28 تشرين الثاني، اعلن شي في خطاب امام الحزب الشيوعي ان الدولة الكبرى «تنتهج سياسة جوار سلمية». ويتوقع ان يعم الهدوء بحر الصين عام 2015 إذا سارت الأمور على ما يرام في الداخل الصيني.

ألان فراشون: مراسل عن «لوموند» الفرنسية

اعداد منال نحاس

الحياة اللندنية

http://goo.gl/JY25WJ