لم تنقطع محاولات قوات سوريا الديمقراطيةللسيطرة على مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، حيث يرى متابعون أن الهدف من ذلك هو إنشاء ولاية كردية في إطار فيدرالية سورية.
وحاولت هذه القوات -التي تشكل فيها وحدات حماية الشعب الكردية الثقل الرئيسي- منذ أيام اقتحام إعزاز تحت غطاء ناري جوي من الطيران الروسي، فتدخلت مدفعية الجيش التركي لإيقافها، حيث صرّح رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أكثر من مرة بأن بلاده لن تسمح للوحدات الكردية بالسيطرة على المدينة، مهددا بأنها ستواجه “أقسى رد فعل”، مشيرا إلى أنها “بيدق ضمن المساعي الروسية التوسعية في سوريا”.
مدينة إعزاز التي خرجت عن سيطرة النظام منتصف 2012، تقع إلى الشمال من مدينة حلب بنحو خمسين كيلومترا، وهي غير بعيدة عن الحدود السورية التركية، حيث لا تبعد سوى خمسة كيلومترات عن معبر باب السلامة، وهي أهم مدن ريف حلب الشمالي الذي يشهد معارك طاحنة حققت فيها مليشيات تابعة للنظام وقوات سوريا الديمقراطية تقدما كبيرا على الأرض بدعم من الطيران الروسي.
ضغط على الأتراك
ويرى الرائد موسى الخالد، القيادي في الفرقة 13 الفاعلة شمال حلب، أن سعي وحدات حماية الشعب الكردية للسيطرة على إعزاز هو بمثابة ورقة ضغط روسية على الأتراك.
وأضاف الخالد في حديث مع الجزيرة نت أن “روسيا تريد معاقبة تركيا، والدليل مئات الغارات الجوية التي استهدفت إعزاز ومحيطها، مشيرا إلى أن القصف وصل “لدرجة الجنون”، حيث أصاب مشفى المدينة وقتل مدنيين.
وقال الخالد إن الوحدات الكردية تتلقى دعما غير محدود من الطيران الروسي، بينما الدول الداعمة للسوريين لم تقدم ما يلزم للدفاع عن ريف حلب الشمالي، متوقعا عودة محاولات السيطرة على إعزاز من قبل الوحدات الكردية، لافتا إلى أنها لن تنجح في ذلك.
ويعتقد مراقبون للمشهد السوري أن محاولات الوحدات الكردية التقدم باتجاه إعزاز يندرج في سياق مشروعها الهادف إلى إنشاء تجمع كردي، إثر تشكيلها ما يُسمى “الإدارة الذاتية” في مناطق نفوذها، وهذا ما أشار إليه الصحفي السوري فراس ديبا في حديث مع الجزيرة نت.
وقال ديبا إن وحدات حماية الشعب الكردية تريد ربط مدينة عفرين شمال غرب حلب التي تسيطر عليها مع باقي مناطق نفوذها في شمال سوريا.
وعدّ ديبا محاولات الوحدات الكردية الاقتراب من إعزاز في أعقاب تقدمها في عدة نقاط شمال حلب بمثابة “جس نبض” للطرف التركي لمعرفة طريقة تعامله مع الوضع الجديد، مستبعدا أن تكون إعزاز هدف الوحدات القادم، مرجحا تقدمها باتجاه مارع وما بعدها إثر سيطرتها على تل رفعت.
ولاية كردية
من جانبه، يرى الأكاديمي والمحلل السياسي السوري محمود حمزة أن حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي يريد السيطرة على كل الشمال وصولا إلى شواطئ المتوسط، ليعلن ولاية كردية ضمن الفيدرالية السورية، مشيرا إلى أن بشار الاسد “موافق على ذلك لأنه يحضر لدويلة علوية بإشراف روسي”.
وأعرب حمزة – المقيم في موسكو– في حديث مع الجزيرة نت عن اعتقاده بأن الولايات المتحدة تعيق تدخلأنقرة في إعزاز، مضيفا أن تركيا لم تأخذ بعد ضوءا أخضر من حلف الناتو للتدخل، وعندما تأخذ هذا الضوء سيعجز الروس الداعمون للوحدات الكردية عن التصدي للأتراك، وفق تعبيره.
وكان حزب الاتحاد الديمقراطي افتتح منذ أيام ما أسماها “ممثلية غرب كردستان” في موسكو، مظهرا خريطة للمناطق التي يسعى للسيطرة عليها في شمال سوريا، ومنها مدينة إعزاز.
ولا ينكر المسؤول الإعلامي السابق في الإدارة الذاتية مصطفى بالي أن السيطرة على إعزاز هي من ضمن أهداف قوات سوريا الديمقراطية، مضيفا أن هذه المناطق يعيش فيها الكرد والعرب والتركمان، ومن الطبيعي أن تكون لها إدارة تعبر عن إرادة هذه المكونات، وفق تعبيره.
وذهب بالي في حديث مع الجزيرة نت أبعد من ذلك بقوله إن مدينة إعزاز “آخر معبر حدودي تستفيد منه جبهة النصرة والتنظيمات الإرهابية، ومن حق قوات سوريا الديمقراطية أن تحارب الإرهاب في سوريا”، وفق قوله.
أمين الفراتي
الجزيرة نت