فقد أكدت الهيئة الطبية في مضايا أن عدد الوفيات بسبب الجوع ونقص التغذية منذ دخول المساعدات يوم 11 يناير/كانون الثاني الماضي وصل إلى 18 شخصا، مشيرة إلى أن الهلال الأحمر عجز عن إخراجهم إلى مشافي دمشق بسبب رفض النظام.
وبالإضافة إلى حالات التسمم والإغماء المستمر من نقص الطعام وأكل الحشائش بشكل عشوائي، بدأت أعراض جديدة للجوع تظهر على أجساد المحاصرين وخاصة الأطفال والعجائز، إذ بدأ مرض انتفاخ البطن والوجه والأطراف يتفشى في ثنايا البلدة الجائعة بشكل ينذر بتحوله إلى كارثة.
وضع كارثي
مسؤول الهيئة الطبية في مضايا الطبيب محمد يوسف أكد أنه رغم إدخال المساعدات في المرة الأولى من قبل الأمم المتحدة، فإنها لم تقدم الغذاء الكافي لأجساد الجائعين، مما أوصل بعضهم إلى الدرجة القصوى من نقص البروتينات الحيوانية والنباتية في أجسادهم، والتي كانت السبب الأساسي في تفشي مرض انتفاخ الأعضاء.
وأضاف يوسف للجزيرة نت أن عدم معالجة هذا المرض تحت إشراف طبي مستمر وتعويض النقص في البروتينات في أجساد المصابين به، سيؤدي إلى الوفاة في نهاية الأمر.
وأشار إلى أن هناك 18 حالة وصل الانتفاخ بها مرحلة الخطر، بالإضافة إلى عشرات آخرين ما زالوا في المراحل البدائية للمرض.
وشدد يوسف على أن الكادر الطبي في البلدة يقف عاجزا أمام معظم الحالات، وذلك بسبب عدم وجود أدوية تحتوي على البروتين، وأنهم يستخدمون بعض الحشائش والنباتات التي يحصّلونها من مزارع البلدة علها تحتوي جزءا من البروتين وتخفف من درجة انتفاخ أجساد المرضى.
مساعدات شحيحة
من جهة أخرى قال عضو المجلس المحلي في مضايا سمير العلي إن “مساعدات الأمم المتحدة المقدمة في المرة الأولى كانت عبارة عن 7600 حصة غذائية، وتحتوي على مواد غذائية نباتية مع طحين وبعض النشويات فقط، دون احتوائها على أي لحوم تحتوي على بروتينات حيوانية”.
وأضاف العلي للجزيرة نت أن هذه الحصص هي نصيب أربعين ألف محاصر في البلدة منذ أشهر طويلة، وهو ما جعلها تنفذ بسرعة قصوى ولا تغطي احتياجهم الغذائي إلا لأيام قليلة، الأمر الذي دفعهم للعودة إلى تناول الحشائش والبحث عن الغذاء من جديد في مناطق التماس المباشر مع حزب الله والمزروعة بالألغام.
وأشار إلى أن عشرات الأهالي عادوا للمخاطرة بأنفسهم والتوجه مجددا إلى حدود البلدة المحاصرة بما يزيد عن عشرة آلاف لغم؛ وذلك بحثا عن مزيد الطعام وخاصة الحشائش التي يمكن إعدادها كطبقهم اليومي الرئيسي. إلا أن هذه المخاطرة عادت لتحصد من أرواح شباب البلدة عبر قناصة حزب الله، عدا حالات البتر المتكررة بسبب انفجار الألغام.
وتابع العلي “لا توجد لقاحات للأطفال في البلدة، وقد ناشدنا كل المنظمات الإنسانية إدخالها وعدم ربطها بالصراع السياسي والعسكري، إذ إن استمرار حرمان الأطفال من اللقاحات اللازمة لفترة أطول ينذر بكارثة إنسانية لهم على المدى البعيد”.
وشدد على أن إدخال المساعدات بشكل متقطع ليس حلا لمشكلة المجاعة في مضايا، بل الحل في فك الحصار عن البلدة وترك الناس كما كانوا سابقا، لهم حرية الخروج والدخول وتحصيل متطلباتهم بأنفسهم.
وسيم عيناوي
الجزيرة نت