فرص التعاون: حوار عربي- ياباني لمواجهة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط

فرص التعاون: حوار عربي- ياباني لمواجهة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط

الحوار العربي الياباني

نظم “المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية في القاهرة بالتعاون مع المعهد الياباني للشئون الدولية ومركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبو ظبي “مؤتمرًا يوم الأربعاء الموافق 17 فبراير 2016 بعنوان “الحوار الأكاديمي العربي الياباني: نحو تعزيز الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط”، واستهدف مناقشة آفاق التعاون المستقبلية بين اليابان ومصر والدول العربية.

افتتح جلسات الحوار الدكتور عبد المنعم سعيد، مدير المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية بالقاهرة ، والسفير يوشيجي نوجامي، رئيس معهد اليابان للشئون الدولية ، والدكتورة أمل صقر نائب مدير مركز المستقبل للأبحاث و الدراسات المتقدمة، والسيد تاكهيرو كاجاوا سفير اليابان في جمهورية مصر العربية، والسيد عمرو موسى الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية.
وشارك في المؤتمر العديد من المسئولين والدبلوماسيين والخبراء من الدول العربية واليابان، ومن أبرزهم السفير صلاح عبد الصادق رئيس الهيئة العامة للاستعلامات في مصر، السفير هشام الزميتي، عضو مجلس إدارة المجلس المصري للشئون الخارجية ، والدكتور محمد كمال أستاذ العلوم السياسية جامعة القاهرة ، والبروفيسير ريوجي تاتياما الأستاذ غير المتفرغ بالاكاديمية الوطنية اليابانية للدفاع ، والدكتور عوض البادي، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية بالمملكة العربية السعودية ، والدكتور بهجت قرني أستاذ العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، والدكتور أحمد قنديل مدير برنامج دراسات الطاقة بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والدكتور سلطان محمد النعيمي الأستاذ بجامعة أبو ظبي.
 تحولات المنطقة    
تأتي أهمية الحوار الأكاديمي العربي الياباني في وقت تواجه منطقة الشرق الأوسط تحولات جوهرية منذ عام 2011 في ظل تصدع وانهيار عددٍ من دول الإقليم، وتصاعد تهديدات التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة، وتمدد الصراعات الداخلية، وانتقال تداعياتها إلى دول الجوار، وتردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية في عددٍ كبيرٍ من دول الإقليم، بخلاف تدفقات اللاجئين العابرة للحدود، وعدم استقرار أمن الطاقة العالمي، والافتقاد للتوازن في التفاعلات الاقتصادية الدولية.
وفي افتتاح الحوار العربي الياباني، ألقى السيد عمرو موسى كلمة أكد فيها أن منطقة الشرق الأوسط تخضع لعملية تغيير جذري منذ إندلاع ثورات الربيع العربي، وأنها لن تظل أسيرة لترتيبات حدثت في القرن الماضي. ودعا إلى ضرورة صياغة نظام إقليمي جديد يقوم على سياسات ومواقف إقليمية مشتركة متوافق عليها في مجالات الإصلاح والاقتصاد والأمن الإقليمي. ورأى أن الدور الياباني التنموي في المنطقة سيكون محورياً، وأن قدومها اليوم والبحث عن حوار هو بداية مطمئنة لمستقبل العلاقات العربية – اليابانية.
رؤى يابانية
تناولت الجلسة الأولى من الحوار محددات السياسة الامنية اليابانية فى ضوء المشهد الأمني الآسيوي، فضلا عن أهمية منطقة الشرق الأوسط بالنسبة لليابان. وفي هذا الإطار، أكد البروفيسور ريوجي تاتياما الأستاذ غير المتفرغ بالاكاديمية الوطنية اليابانية للدفاع أن النظام الاقليمي فى منطقة الشرق الأوسط يمر حالياً بمرحلة إعادة تشكيل نتيجة لتغير ميزان القوى النابع من ظاهرة ” فراغ السلطة متعددة المستويات Multi-layer power vacuum  “، والتي تتشكل في ثلاثة مستويات، الأول على مستوى الدولة : حيث إنهارت معظم دول المنطقة على رأسها سوريا، العراق ، اليمن، ليبيا والعراق منذ إندلاع ثورات الربيع العربى. بينما الثاني على المستوى الاقليمي، حيث تعاني معظم الدول من عدم الاستقرار السياسي، و الحروب الأهلية، بالاضافة إلى إستغلال إيران للأوضاع الراهنة و محاولة ملء الفراغ و توسيع نفوذها الاقليمي، وثالثا واخيراً على المستوى الدولي، والمتمثل في الانسحاب الأمريكي من المنطقة، والتدخل العسكري الروسي لصالح نظام الأسد.
وفيما يتعلق بمحددات السياسة الأمنية اليابانية، أشار السفير يوشيجى نوجامي رئيس معهد اليابان للشئون الدولية إلى أن التهديدات التي تواجهها بلاده في محيطها الاقليمي هى المحرك الاساسي للسياسة اليابانية الامنية، ومن أبرز هذه التهديدات، تعاظم القدرات العسكرية الصينية، والتخوف من تراجع دور الولايات المتحدة فى المنطقة، مما قد يؤدى الى تضاؤل الالتزام الأمنى طويل الأمد تجاه اليابان، والدخول في سياسة تعاونية مع بكين من أجل الحفاظ على النفوذ العالمي الأمريكي.
أضف لذلك، التهديد المطروح من التكنولوجيا النووية والصاروخية لكوريا الشمالية، ولذا، لجأت اليابان – بحسب نوجامي- إلى وضع تشريعات أمنية جديدة لتعزيز الأمن الوطني القومي من خلال إعادة تفسير المادة 9 من الدستور الياباني، مما يسمح بإرسال قوات الدفاع الذاتي خارج حدود اليابان لدعم الولايات المتحدة وحلفاءها. وأكد أيضاً على أن أهمية منطقة الشرق الأوسط لليابان تنبع من أنها سوق مهم لتصريف المنتجات اليابانية وأحد المصادر المهمة للطاقة، إلى جانب خبرات معظم دول المنطقة في مجال مكافحة الارهاب .
رؤى عربية:
تناولت الجلسة الثانية من الحوار نظرة عامة عن أهم التحديات التي تواجهها منطقة الشرق الأوسط من منظور باحثين مصريين وعرب، حيث  أكد الدكتور عبد المنعم سعيد أن التطورات الراهنة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط تقتضي بناء نظام إقليمي جديد وفعال يكفل حقوق الأقليات ويسعى إلى تطبيق اللامركزية من أجل تعزيز إستقرار المنطقة.
من جانبه، اتفق الدكتور عوض البادي مع أطروحة بناء نظام إقليمي جديد، لكنه أشار إلى ضرورة توافر قيادة تتزعم هذا النظام، بينما تحدث الدكتور بهجت قرني عن أهمية بناء رأس المال الاجتماعي وبناء الثقة بين القوى المختلفة، مشيرا إلى أن ذلك لن يتحقق ذلك إلا من خلال إطلاق عملية إئتلاف وطني تضم القوى الفاعلة في المجتمع، حتى يتحقق الاستقرار في المنطقة.
في الوقت نفسه، ركز الدكتور سلطان محمد النعيمي الأستاذ بجامعة أبو ظبي أن هناك غيابا لرؤية عربية مشتركة حول العديد من قضايا المنطقة وأن ثمة توجها إيرانيا لبسط النفوذ على الإقليم، معتبرا أن الأمرين يشكلان عوامل حاسمة في زعزعة الاستقرار .
وخلصت المناقشات في الحوار العربي الياباني إلى التأكيد على تعدد فرص وأطر مجالات التعاون بين اليابان والعديد من بلدان المنطقة، حيث إن هناك فرصا للتعاون الاقتصادي من خلال دعم المشاريع الاقتصادية الضخمة وفي مجالات الطاقة، والتعليم، بخلاف الاستفادة من الخبرات اليابانية في مجال الأمن الإنساني وتسوية النزاعات وتقديم المساعدات الإنسانية.
سلمى العليمي

مركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية