إن الدعم الذي تقدّمه الولايات المتحدة الأمريكية لحزب الاتحاد الديمقراطي، يعتبر دعما واضحا للإرهاب. هذا الدعم يكشف مدى تناقض الولايات المتحدة الأمريكية في تعريفها للإرهاب. وهذا التناقض يؤدي إلى وضع غير آمن تجاه “الحلفاء الاستراتيجيين” مع السياسية الخارجية للولايات المتحدة. كما أنه يكشف أن أمريكا لا تلتزم بالسياسات والأهداف الاستراتيجية ومعايير الصداقة والعداوة التي أعلنت عنها مسبقا.
موقف عدائي
الولايات المتحدة الأمريكية أظهرت موقفا عدائيا تجاه تركيا، الشريك الاستراتيجي لها، عبر دعمها لحزب الاتحاد الديموقراطي. كما قامت بإجراء تغييرات على الخطط المتفق عليها مسبقا مع تركيا ودول المنطقة.
لأن الدعم المقدّم من أمريكا لحزب الاتحاد الديموقراطي، هو أحد أهم القوى الداعمة لبشار الأسد؛ وهذا يعني أنها تقدم الدعم المباشر للأسد. حيث أن قوات الأسد تستعيد قوتها بتقدم حزب الاتحاد الديموقراطي على حساب قوات المعارضة السورية. كما تستعيد السيطرة على الأماكن التي فقدتها من قبل.
الولايات المتحدة الأمريكية تعرّف الإرهاب والإرهابيين حسب هواها؛ ثم تقوم بالضغط على من تريد، بذريعة “دعم الإرهاب”. وهو ما تقوم به الآن، لمعاقبة حلفائها الاستراتيجيين.
إيران تدعم حزب الاتحاد الديموقراطي بشكل واضح وجلي. في هذا الحال يجب الإفصاح عن التغيّر الجذري للولايات المتحدة، ووقوفها إلى جانب إيران.
لا يوجد لدينا اعتراض على ذلك أبدا. لكننا نرجو من الولايات المتحدة الأمريكية، ألا تقف مع إيران أو مع أي طرف آخر في المنطقة. والشيء الوحيد الذي نريده، هو أن يحل السلام في كل بلدان المنطقة، وأن يتم رفع المعاناة عن الشعوب. ولكن للأسف، فكل التدخلات الخارجية، لا تحل مشاكل الناس في المنطقة، بل تعمل على استفحالها.
شراكة مع “محور الشر”
عند النظر إلى الأحداث، يخطر على البال هذا السؤال: ما هي الإستراتيجية التي اتّخذتها الولايات المتحدة الأمريكية لتقف في صف نظام الأسد وإيران، فقد كانت تعتبرهما حتى الأمس محور الشر في المنطقة، لتصبح اليوم شريكة لهما في الإبادة التي تحدث ضد المدنيين والمظلومين في المنطقة؟ هل هذا التغير الاستراتيجي حدث بموافقة حلفائها الاستراتيجيين في المنطقة كالسعودية ودول الخليج؟.
اليوم أصبح واضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية تقف مع إيران في سوريا والعراق، ضد المملكة العربية السعودية. لذلك فأهم ورقة تحملها إيران في عداوتها مع السعودية منذ أربعين عاما، هي قربها من الولايات المتحدة الأمريكية والاتفاق معها.
في السابق، كانت السعودية الحليف الأقوى للولايات المتحدة الأمريكية، في كل حروبها الباردة والساخنة مع إيران. وعندما أعلنت إيران عن دعمها وتسليحها للأقلية الحوثية في اليمن -والذين يشكّلون تهديدا على أمن السعودية- قامت أمريكا بترك السعودية كحليف استراتيجي، واتفقت مع عدوها التاريخي إيران. لو أن هذا كان حلما في منام لما صدّقه العقل.
هذه الأمور تُظهر أنه لا ثقة ولا قيمة للعلاقات أو لمصطلحات “التحالف الاستراتيجي”، لدى الولايات المتحدة الأمريكية. فهي تقوم بلعبة استراتيجية حسب هواها. وتنظر لحلفائها على أنهم مجرد أشياء إضافية تستخدمهم عندما تقتضي الحاجة، لتنفيذ أجندتها وتحقيق مصالحها.
ومن خلال هذا، يتبيّن لنا أنه يجب ألا تقوم أي علاقة من هذا النوع، بمجرد الثقة والعودة إلى مفاهيم ومصطلحات “التحالف الاستراتيجي” الفارغة. السياسة الأمريكية وتحالفها تتطابق مع مفهوم “التُقية” لدى إيران. وظهر ذلك جليّا أثناء فترة العداوة التي كانت بينهما.
طبيعة سياسة متقلّبة
يمكن القول بأن أمريكا لم تكن لديها نية سيئة- تم عقدها من قبل-مما يدفعها للقيام بهذا. ولكن الطبيعة المتقلبة للسياسة الخارجية الأمريكية، تعيق الاستمرار والتناسق فيما يتعلّق بالأهداف والعمليات الاستراتيجية ومعايير الصداقة والعداوة في سياسة الدولة بشكل عام.
الصعوبة التي تبديها أمريكا اليوم في عملية اتخاذ القرار، تُظهر أنها تتصرف بلا مسؤولية. وهي كثيرا ما تكون محايدة لأهدافها الاستراتيجية.
أعضاء الكونجرس الأمريكي -الذين تربطهم علاقة باللوبيات-يقومون باستخدامها مع الأموال في الانتخابات بشكل علني، بعيدا عن أبسط قيم للديموقراطية. فيترتب على هذا هشاشة في الأهداف القوية وطويلة المدى. هذه الحقائق تقلّل من إمكانية التنبؤ بأن الولايات المتحدة الأمريكية ستستمر على نفس الوضع والقوة التي تعيشها اليوم.
لنعد إلى دعم الولايات المتحدة الأمريكية لحزب الاتحاد الديموقراطي. الكل يعرف أن حقيقة الحرب على تنظيم الدولة، تأتي في آخر الأعمال التي يقوم بها حزب الاتحاد الديموقراطي مع روسيا وإيران وأمريكا في العراق وسوريا.
إن الدعم المقدّم لحزب الاتحاد الديموقراطي،لا يُستخدم في مواجهة تنظيم الدولة، بل يستخدم في مواجهة الجيش السوري الحر، العدو الأول لتنظيم الدولة. أليس هذا دليلا كافيا على أن تنظيم الدولة جزء من هذا التحالف؟
ما هذا التكتيك في توزيع الأدوار، هذا ما يجب فهمه بلا شك.
ياسين إقطاي
موقع تركيا بوست