دفع الانخفاض الكبير لأسعار النفط حكومات دول الخليج العربية إلى الاقتراض لدعم اقتصاداتها، وقد بدأ تأثير ذلك يمتد إلى بنوك المنطقة أيضا لتعقد جهودها لتدبير السيولة التي تشترطها الجهات التنظيمية.
وكان لهذا الأمر تداعياته على البنوك الخليجية، إذ إن تراجع أسعار الأسهم وتذبذبات سوق السنداتالتي تلت ذلك جعل من المستحيل على البنوك جمع رؤوس أموال جديدة منذ بداية العام الجاري، وهو وضع من المستبعد أن يتحسن في المستقبل القريب، إذ يتطلب ذلك مزاحمة الحكومات التي تحتاج لاقتراض مليارات الدولارات لسداد التزاماتها.
وأعلن نحو عشرة بنوك إقليمية خططا لزيادة رأس المال في محاولة لاستيفاء المتطلبات التنظيمية المحلية التي تتجاوز في بعض الحالات المستويات المنصوص عليها في معايير بازل-3 المصرفية، وهي معايير عالمية.
خطط معلقة
غير أن خطط زيادة رأس المال معلقة حاليا، إذ إن بنوك الخليج مطالبة بأن تحسم أمرها إذا كانت ستقترض بكلفة أعلى أم لا، مع ما ينطوي عليه ذلك من المخاطرة بعدم استيفاء المتطلبات التنظيمية الأشد صرامة التي سيبدأ سريانها في غضون الأعوام الثلاثة المقبلة.
تعقيد آخر محتمل يتمثل في أن عزوف المشترين الأجانب سيضطر البنوك إلى طرق باب المستثمرين المحليين لشراء ديونها أو أسهمها، غير أن المشكلة أن البنوك نفسها هي أكبر مستثمري الديون في المنطقة.
وبعدما كانت البنوك الخليجية قد عززت احتياطياتها الرأسمالية في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008، وهو ما جعلها بمعزل عن أي خطر وشيك، لم تعد تلك المؤسسات المالية تمتلك نفس السيولة السابقة نتيجة سحب حكومات المنطقة بعض ودائعها لسد عجز الموازنات، وهو ما كشف -مثلما حدث في أوروبا أثناء أزمة منطقة اليورو- عن علاقة الترابط بين الحكومات والبنوك عندما تتراجع أسواق السندات.
ويقول رئيس مجلس إدارة مصرف قطر الإسلامي الشيخ جاسم بن حمد آل ثاني إن “تقلبات السوق أثرت بالتأكيد على خطط لإصدار صكوك لتعزيز رأس المال، لكننا في وضع جيد”.
تذبذب السوق
ويرى مدير المحافظ في أبو ظبي للاستثمار رام موهان ناتاراجا أن التذبذب في أسواق السندات في الخليج أجبر أصحاب الثروات والبنوك الخاصة -وهم تقليديا من حملة السندات الدائمة- على البيع، وسيثنيهم عن إعادة الشراء.
وحتى بنك الكويت الوطني الذي يباهي بامتلاكه أحد أعلى التصنيفات الائتمانية في المنطقة ارتفعت نسبة العائد على سنداته من 5.75% في أبريل/نيسان 2015 إلى 7.27% يوم 22 يناير/كانون الثاني 2016.
وتشير هذه المتغيرات إلى أن إقناع المستثمرين بشراء سندات جديدة لتعزيز رأس المال سيتطلب من البنوك دفع المزيد وتقديم نسب عوائد أكثر جاذبية، ويقول مصرفيون إن البنوك تبدو مستعدة لانتظار تحسن الأسواق من أجل طرح سندات وصكوك لتعزيز رأس المال، على الرغم من أن الوقت محدود أمامها.
الجزيرة