مع دخول مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية في مطلع أغسطس/آب 2014 إلى مدينة سنجار غرب محافظة نينوى، دخل حزب العمال الكردستاني (التركي) إلى عمق تلك المنطقة، بعد أن ساهم بفاعلية في إعادة العائلات النازحة من سنجار إلى محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق عبر مناطق نفوذه داخل الأراضي السورية. وأتقن هذا الحزب استغلال تلك الفرصة التي سنحت له بسبب غياب سطوة أكراد العراق، ولا سيما بعد التراجع الدراماتيكي والمفاجئ لقوات البشمركة أمام تقدم مقاتلي تنظيم الدولة غرب محافظة نينوى. ولا يفوت حزب العمال فرصة ألا ويعلن فيها إصراره على المشاركة الفاعلة في معركة الموصل، وهو ينشغل هذه الأيام بتدريب مئات من مقاتلين إيزيديين ينتمون إلى ما يعرف بوحدات حماية سنجار. في هذا السياق قال القيادي في الحزب عكيد كيلاري إن “حزب العمال على استعداد للمشاركة بـ4000 مقاتل لخوض معركة الموصل، وهو مستعد للتعاون والتنسيق مع كل الأطراف والعشائر بهذا الشأن”. ورأى كيلاري أن القوات العراقية والبشمركة الكردية لا تستطيع خوض المعركة بمفردها. وتدعم وحدات مقاومة سنجار مشاركة حزب العمال في معركة الموصل، ويبرر قائدها هفال سعيد ذلك بالقول إن “حزب العمال الكردستاني له حضور قوي في مناطق مختلفة من العراق، وأي محاولة لعرقلة مشاركته في عملية إعادة السيطرة على الموصل تعد دعما لتنظيم الدولة”. وحسب سعيد، فإن “تركيا هي التي تدفع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البارزاني لمعاداة مشاركة حزب العمال في معركة الموصل، وهو لا يستطيع إلا الانصياع لأوامر أنقرة التي يرتبط معها بمصالح وشركات وتجارة النفط”.
رفض كردي
وردا على ذلك قال علي عوني القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة البارزاني في تصريح خاص للجزيرة إن حزبه يعترض على مشاركة حزب العمال بمعركة استعادة الموصل من قبضة تنظيم الدولة لأنه غير عراقي، “وهدفه ليس تحرير الموصل بل يسعى لاحتلالها مثلما حدث عند مشاركته في معركة مدينة سنجار ورفضه بعد ذلك الخروج منها”.
وشاطره في هذا الرفض رئيس مجلس محافظة نينوى بشار كيكي، ففي حديث للجزيرة نت قال إن “حزب العمال ليس طرفا عراقيا، وكل طرف غير عراقي يريد المشاركة في هذه العملية يجب أن يحصل على موافقتنا وحكومة بغداد تساندنا في هذا”.
ويعتقد محللون عسكريون أن عملية إعادة السيطرة على الموصل لن تكون سهلة، إذا ما أخذ بنظر الاعتبار مشاركة الفرقة (15) ولواءي (71) و(72) من الشرطة الاتحادية، وهي قوات لم تشارك في معارك حقيقية حتى الآن، وهو ما يعني عدم جاهزيتها لخوض غمار مهمتها المتمثلة في الانطلاق من مخمور للسيطرة على الساحل الأيسر من مدينة الموصل، بدءا من منطقة الشرقاط ومرورا بمنطقة القيارة.
لكن الناطق باسم عمليات تحرير نينوى محمود السورجي رفض ذلك، وقال في تصريح خاص للجزيرة إن “كل ما يقال عن عدم جاهزية القوات العراقية هو خاطئ وعار عن الصحة، فقواتنا دربها خبراء عراقيون ومن التحالف الدولي“، مشيرا إلى أنها شاركت في معارك حقيقية في قاطع الأنبار وأبلت بلاءً حسنا”.
وحسب مراقبين باتت عملية إعادة السيطرة على الموصل قريبة، لكن يبدو أن أمر من سيشارك فيها لا يزال بعيدا عن الحسم، في خضم التنازعات الطائفية والسياسية والمصالح الاقتصادية التي لن تجعل خوض هذه المعركة سهلا في كل الأحوال.
أمير فندي
الجزيرة نت