المعارضة السورية بجنيف وجدل الحضور والغياب

المعارضة السورية بجنيف وجدل الحضور والغياب

441 (1)
على أعتاب جنيف-3، تتحضر المعارضة السورية للمشاركة “من أجل حقن الدم السوري” ووسط متغيرات أبرزها “الهدنة المترنحة” ورغبة أميركية روسية بتحقيق خرق ما، لكن خلافا ما زال دائرا حول تركيبة المعارضة المفاوضة للنظام.

ويعد تمثيل المعارضة بالاجتماعات الدولية “ملفا ملغوما” أثر على سير المفاوضات أكثر من مرة وبالتالي على إمكانية الحل، وإن كان يأتي في سياق تدويلالأزمة السورية والتجاذبات الإقليمية والدولية التي يحصر بعضها التمثيل في أطراف دون أخرى.
وفي مؤتمر جنيف-2 الذي عقد في يونيو/حزيران 2012 احتكر الائتلاف السوري لقوى الثورة والمعارضة السورية آنذاك تمثيل المعارضة، ولم تدع أطراف أخرى للمحادثات غير المباشرة أو لم توافق على الحضور لأسباب متعددة، لكن مرحلة ما بعد التدخل الروسي فرضت واقعا جديدا جعل تمثيل المعارضة ملفا أساسيا للنقاش.

تمثيل أوسع
وكان مؤتمر فيينا حول سوريا، الذي انعقد يوم 30 أكتوبر/تشرين الأول 2015، قد دعا إلى تمثيل أوسع للمعارضة، وكذلك القرار الأممي رقم 2254 (في ديسمبر/كانون الأول) الذي دعا إلى جمع أوسع طيف ممكن من المعارضة التي يختارها السوريون، والتي ستقرر ممثليها للتفاوض وتضع مواقفها التفاوضية بما يمكّن من إطلاق العملية السياسية، وفق نص البيان.

وفي سياق محاولات لملمة شتات المعارضة أو فرض فريق منها، جرت عام 2015 اجتماعات بموسكو حضرها عدد من المعارضين وممثلين للنظام، كما حصلت اجتماعات مماثلة بمصر أهمها “مؤتمر القاهرة” في يونيو/حزيران 2015 والذي أصدر وثيقة “خارطة الطريق للحل السياسي التفاوضي من أجل سوريا ديمقراطية” تنص خصوصا على “استحالة الحسم العسكري للنزاع” وكذلك استمرار منظومة الحكم الحالية.

وفي مسعى من المملكة السعودية للم شمل المعارضة، اجتمع من يوم 8 إلى 12 ديسمبر/كانون الأول أكثر من مئة معارض سوري بالعاصمة الرياض، في محاولة لتشكيل جبهة موحدة استباقا لمفاوضات مع النظام لم تجر رغم حصول الاجتماع أواخر يناير/كانون الثاني.

ولأول مرة، حضرت اجتماعات المعارضة فصائل مسلحة، ومن بينها “جيش الإسلام” وحركة “أحرار الشام”. وضم الاجتماع أيضا الائتلاف الوطني، وهيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي، وتحالف الجبهة الجنوبية -الذي ينشط في جنوب سوريا- إضافة إلى أعضاء من مؤتمر القاهرة والمجلس الوطني الكردي وشخصيات مستقلة وناشطين.

وأفرز مؤتمر الرياض انتخاب هيئة عليا للمفاوضات ضمت أعضاء من هيئة التنسيق، ومن الائتلاف الوطني، إضافة إلى ممثلين من الفصائل المقاتلة ومستقلين، وممثل عن المجلس الوطني الكردي، وعين رياض حجاب منسقا لها وأسعد الزعبي رئيسا.

الرئيسي والثانوي
ورغم أهمية الحضور في مؤتمر الرياض والذي حاول أن يجمع طيفا واسعا من التنظيمات السياسية وكذلك بعض الفصائل المسلحة، فإن أطيافا أخرى في المشهد السوري استبعدت أو لم تدعَ.

وغابت عن الاجتماع الفصائل المسلحة الكردية ومن بينها وحدات حماية الشعب، وكذلك الجبهة الشعبية للتغيير والتحرير برئاسة قدري جميل، و”تيار قمح” الذي يرأسه هيثم مناع، وتيارات أخرى مما يعرف بمعارضة الداخل.

وفي رد فعل على مؤتمر الرياض، نظمت أطراف سياسية سورية مؤتمرا موازيا بمدينة المالكية في محافظةالحسكة (شمال شرق سوريا) شارك  فيه حزب “الاتحاد الديمقراطي الكردي” وهيئة التنسيق الوطنية و”تيار قمح” بالإضافة لعدد من الأحزاب الكردية والسريانية والآشورية ومنظمات مدنية.

وتدعو روسيا إلى مشاركة الأكراد في مفاوضات جنيف، واعتبر وزير خارجيتها سيرغي لافروف أن عدم دعوتهم سيعد “فشلا للمؤتمر ودليل ضعف المجتمع الدولي”. لكن الهيئة المنبثقة عن مؤتمر الرياض على لسان منسقها رياض حجاب هددت بعدم حضور مؤتمر جنيف إذا دعي أي طرف ثالث.

وفي خضم هذا الاختلاف، تسعى الأمم المتحدة -ممثلة بمبعوثها إلى سوريا ستفان دي مستورا- إلى ضمان إنجاح المحادثات المزمعة يوم 14 من الجاري بتأكيدها عدم دعوة أي طرف لم يدع إلى محادثات الشهر الماضي، لكن إمكانية مشاركة أطراف أخرى تبقى واردة بالمراحل اللاحقة، وفق دي مستورا. بينما ينتظر السوريون أن تأخذ المباحثات مسارا جديا ليروا ضوءا نهاية النفق المظلم.

الجزيرة نت