رسميًا، أعلن حلف شمال الأطلسي “الناتو”، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية انتهاء مهمته في أفغانستان، وقال الرئيس الأمريكي باراك أوباما، إن بلاده خرجت من أطول حرب في التاريخ الأمريكي، وأضاف في بيان له أن القوات الأمريكية في أفغانستان قدمت “تضحيات استثنائية”، مشددًا على امتنانه من أداء الجيش الأمريكي، مذكرًا أن الحرب في أفغانستان تسببت بمقتل ألفين و200 جندي أمريكي.
ولكن هل انتهت الحرب فعلًا؟ وهل انتصر “الناتو” وتحقق لأمريكا وحلفائها ما كانوا يصبون إليه؟ وهل صارت أفغانستان أمنة مستقرة وتخلصت من “طالبان” و”القاعدة”؟
من انتصر؟
صحيفة “الإندبندنت” البريطانية في تقرير لها بعنوان “الحرب انتهت.. إلا أن المعركة ما زالت مستمرة”، أكدت فيه أن الصراع مستمر رغم إعلان خروج “الناتو”، وقالت في تقريرها إن “الولايات المتحدة والناتو أعلنا رسميًا انتهاء الحرب في أفغانستان وتحقيق النصر بعد مهمة استغرقت 13 عامًا”، وأضافت أنه “تم بناء أفغانستان مرة جديدة، إلا أنه بالنسبه للكثيرين من الأفغان فإنهم ما زالوا يعيشون أجواء الحروب لاسيما في الإقاليم المضطربة في البلاد”.
وأوضحت “الإندبندنت” أن “طالبان لا تزال قوة جامحة في البلاد، كما أن سلطة الحكومة محدودة للغاية”، وأشارت إلى أنه “خلال المراسم الاحتفالية في كابول، أعلن عن مهمة جديدة للولايات المتحدة والناتو تحت عنوان “عملية الدعم الحازم” غير قتالية سيبدأ الحلف في تنفيذها في افغانستان في أول يناير/كانون الثاني المقبل، وتقضي هذه المهمة بتدريب الجيش الأفغاني ومساعدته ليواكب دخول البلاد في مرحلة جديدة من الصراع مع طالبان”.
عبوات ناسفة وقنابل بدائية
وأكد التقرير أن عملية تدريب الجيش الأفغاني مهمة للغاية؛ لأن طالبان طورت طرق تصنيع عبوات ناسفة وقنابل تستخدمها في هجماتها، وباتت تستخدم موادًا بسيطة للغاية وبطريقة يسهل معها إخفاء هذه المتفجرات على جوانب الطرقات وبتكلفة أقل بكثير من الأسلحة الجديدة الباهظة التكاليف، وأكد عبد الجعفر أفغانار الذي يعمل في مجال تفكيك العبوات الناسفة لصالح الشرطة الأفغانية في إقليم هلمند، أنه “فكك بيديه حوالي 6 آلاف عبوة ناسفة مزروعة على جوانب الطرقات العام الماضي، إضافة إلى تفكيك 6 سيارات مفخخة”، وأضاف أنه “يمكن تصنيع عبوات ناسفة بسيطة مؤلفة من جهاز راديو وقدر الضغط، أو من علبة مياه غازية بتكلفة لا تتعدى 13 جنيهًا إسترلينيًا، إلا أنها قادرة على تدمير دبابات ومركبات مجهزة بأفضل الأسلحة”.
وأردف “أفغانار” أنه يتلقى كمًا هائلًا من التهديدات هو عائلته من قبل طالبان، ويصفه الكثيرون في أفغانستان بأنه “بطل”، وهو يفكك العبوات الناسفة بيديه ومن دون أي نوع من الحماية، وأنشأ “أفغانار” صفحة خاصة له على موقع فيس بوك يوثّق فيها تفاصيل تفكيك هذه العبوات القاتلة، إلا أنه يؤكد دومًا أنه مهتم بإتمام عمله والعودة إلى أولاده.
أطول حرب في التاريخ الأمريكي
أما الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فقال إن “بلاده خرجت من أطول حرب في التاريخ الأمريكي وهي منتصرة”، ولكنه قال إن “أفغانستان ما تزال مكانًا خطرًا، وأن الشعب الأفغاني وقوات الأمن سيواصلون تقديم تضحيات كبيرة من أجل الدفاع عن بلدهم”، وأشار أوباما إلى أن الولايات المتحدة ستواصل تدريب القوات الأفغانية، وتقديم المشورة لها، بناء على طلب من الحكومة الأفغانية، وأنها احتفظت بوجود عسكري محدود في أفغانستان لمواصلة شن عمليات ضد تنظيم القاعدة الإرهابي ومكافحته.
احتفال رسمي في كابول
وكانت مهمة قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان، انتهت بإقامة احتفال رسمي في العاصمة كابول، وحضر الاحتفال كل من قائد قوات الناتو في أفغانستان، الجنرال “جون كامبل”، ومستشار شؤون الأمن القومي في رئاسة الوزراء الأفغانية “حنيف أتمر”، إضافة إلى حشد من كبار المسؤولين الأفغان والأجانب، وقال الجنرال “كامبل” في كلمة ألقاها بالاحتفال: “إن أفغانستان تشهد اليوم انتهاء مرحلة، وافتتاح مرحلة جديدة”، مضيفًا “لن ننسى الأبطال الذين ضحوا بحياتهم في أفغانستان، أنجزنا هذه المهمة بنجاح بفضل تضحياتهم، أخرجنا الأفغان من الظلمات واليأس معًا، ومنحناهم الأمل بالمستقبل”.
50 دولة شاركت في “إيساف”
بدوره أكد مستشار شؤون الأمن القومي الأفغاني “حنيف أتمر” أن بلاده لن تنسى من ضحوا بحياتهم من أجلها، موضحًا أن قوات الأمن الأفغانية ستتحمل مسؤولية أمن البلاد، وكانت مهمة القوات الأطلسية، المسماة بقوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان “إيساف”، بدأت قبل 13 عامًا بمشاركة أكثر من 50 بلدًا، لمكافحة حركة طالبان وتنظيم القاعدة، وستتحول بعثة الحلف في الأول من كانون الثاني/يناير 2015 إلى التدريب والدعم، حيث يبقى 13500 جندي أجنبي، بينهم 11 ألف أمريكي، في أفغانستان لتقديم خدمات التدريب والاستشارة والمساعدة للقوات الأفغانية، ويشارك جزء محدود من الجنود الأمريكيين في عمليات في الحالات الخاصة.
وسيتحمل 350 ألف عنصر أمن أفغاني مسؤولية توطيد الأمن في البلاد مع انتهاء المهام الحربية للناتو، فيما تقدم الولايات المتحدة الأمريكية دعمًا جويًّا فقط، الجدير بالذكر أن قوات المساعدة الدولية لإرساء الأمن في أفغانستان فقدت 3500 جندي خلال مهمتها، التي بدأت عام 2001، بينهم 2224 أمريكيًا.
عبداللطيف التركي – التقرير
http://goo.gl/7ufiI7