استعادت قوات النظام مدعومة بالمليشيات والطيران الروسي، السيطرة على مدينة تدمر (شرق حمص) من تنظيم الدولة الإسلامية؛ وذلك بعد حملة عسكرية استمرت أكثر من عشرين يوما وأسفرت عن دمار أحياء في المدينة.
وأعلنت القيادة العامة لجيش النظام السيطرة على المدينة وعلى التلال المحيطة بها صباح الأحد، مشيرة إلى أن تدمر ستكون قاعدة ارتكاز لتوسيع العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة على محاور عدة، أبرزها دير الزور والرقة.
واعتبر النظام أن السيطرة على تدمر دليل على أن جيشه “هو القوة الوحيدة الفاعلة والقادرة على مكافحة الإرهاب واجتثاثه”.
وكان تنظيم الدولة سيطر على مدينة تدمر ومحيطها في أوائل مايو/أيار الفائت، إثر معارك لم تدم سوى أسبوع أفضت إلى انسحاب قوات النظام، حيث ذكرت مصادر مطلعة في حينها أن النظام تعمد تسليم المدينة للتنظيم كي يضغط على المجتمع الدولي، على اعتبار أن المدينة مدرجة على لائحة التراث العالمي.
تدمير للتاريخ
وذكر الناشط الإعلامي خالد الحمصي أن ما لا يقل عن 40% من مدينة تدمر تعرض للتدمير، مضيفا للجزيرة نت أن الطيران الروسي شن أكثر من 1500 غارة على المدينة خلال أسبوع، منها ستمئة خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، لافتا إلى أن المدينة خالية تماما من السكان.
ويرى أغلب المحللين أن خروج النظام من المدينة والعودة إليها هو للحصول على انتصارات إعلامية تساعده في الهروب من استحقاقات سياسية ربما تؤدي إلى سقوطه، وللظهور أمام الرأي العام العالمي مدافعا عن التراث الإنساني أمام الإرهاب.
ويشير سفير الائتلاف الوطني السوري في روما بسام العمادي إلى أن ما جرى في تدمر محاولة من موسكو لتعزيز موقع نظام بشار الأسد محاربا للإرهاب، ولفرضه على المجتمع الدولي بهذه الصفة، وفق قوله.
ودعا العمادي الهيئة العليا للتفاوض التابعة للمعارضة إلى التمسك بموقفها حول عدم بقاء الأسد وأركان حكمه في المرحلة الانتقالية، وعدم السماح له بترجمة ما جرى في تدمر سياسيا على طاولة التفاوض في جنيف، معتبرا أن المجتمع الدولي “غير مكترث بالسوريين ومستقبل بلادهم”.
دعاية مفضوحة
وشاطره الكاتب والمعارض السوري محمود الحمزة الرأي، حيث رأى أن ما جرى في تدمر “دعاية إعلامية مفضوحة ولعبة طرفاها نظام الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية، تحت إشراف إيراني روسي مباشر”.
وأعرب للجزيرة نت عن اعتقاده بأن النظام كان سلّم تدمر للتنظيم لغايات سياسية، وأنه رجع إليها لإيصال رسالة للمجتمع الدولي مفادها أنه وروسيا يحاربان الإرهاب.
كما اعتبر الحمزة أن النظام غير قادر على الاستفادة سياسيا من “سيناريو تدمر” في الجولة القادمة من مفاوضات جنيف، مضيفا “هو للاستهلاك الإعلامي الداخلي والعالمي بالدرجة الأولى”.
ويُعتقد أن استعادة جيش النظام لتدمر ستفتح شرق سوريا أمامه، حيث يسيطر تنظيم الدولة على معظم محافظتي دير الزور والرقة، ولكن المحلل العسكري العقيد مصطفى البكور استبعد أن يتحرك النظام في الوقت الراهن باتجاه الشرق، مرجحا سعي الأسد وراء “نصر إعلامي مزيف للحصول على شهادة حسن سلوك” بهدف إقناع المجتمع الدولي بالضغط على المعارضة للتنازل عن شرط تنحيه.
وأعرب البكور في حديث للجزيرة نت عن اعتقاده أن الفترة المقبلة ستشهد هجمات جوية “مدمرة” من قبل الطيران الروسي ومقاتلات النظام على مدينتي الرقة ودير الزور لتدميرهما كما دُمّرت تدمر، مضيفا “يمكن أن يتكفل الأكراد بالرقة، وبعض الفصائل الأخرى بدير الزور، وبتوجيه ودعم روسي أميركي مشترك”.
أمين الفراتي
الجزيرة نت