نأى أكراد العراق بأنفسهم عن الصراع الحامي بين الأطراف الشيعية التي تقود الحكومة المركزية في بغداد، مطمئنين إلى أن حصتهم تظل محفوظة في ظل التوازنات القائمة، وخاصة لوجود ضمانات دولية دعمها الدور البارز الذي لعبوه في الحرب على تنظيم داعش.
وأكدت رئاسة إقليم كردستان الأربعاء أن “مبدأ الشراكة في الحكومة العراقية لم يعد له معنى”.
وأوضح سفين محسن دزيي، المتحدث الرسمي للرئاسة، في بيان على موقعها الإلكتروني أن “التعديلات المقترحة في تشكيلة الحكومة العراقية وترشيح أشخاص آخرين للمناصب الوزارية أو إبعاد بعض الوزراء من التشكيلة الحكومية، لم تعد لها أي أهمية تذكر لدى الرئيس (رئيس إقليم كردستان العراق) مسعود البارزاني، لأن مبدأ الشراكة في الحكومة العراقية لم يعد له أي وجود أو معنى”.
وذكر المتحدث أنه يقصد بذلك الرد على ما تناقلته بعض وسائل الإعلام بأن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد اتصل هاتفيا بالبارزاني وتحدث معه بخصوص المقترحات المقدمة حول التعديلات الوزارية في تشكيلة الحكومة العراقية، مشددا على أن “الاتصال الهاتفي الأخير، لم يتطرق أبدا إلى المقترحات المقدمة حول التعديلات الوزارية”.
واستدرك “لكن رئيس جمهورية العراق فؤاد معصوم أجرى اتصالا هاتفيا لاحقا مع البارزاني، الذي أبدى اعتراضه وعدم رضاه لانعدام مبدأ الشراكة في الحكومة العراقية”.
واعتبر مراقبون أن الأكراد يعرفون أن ما يجري من صراع بين الأحزاب الشيعية قد لا يخرج عن دائرة الرغبة في تحسين المواقع داخل التحالف الوطني الشيعي، وأن حكومة التكنوقراط ربما تتولى وضع وجوه جديدة بدل الوزراء الذين فشلوا في إدارة الأزمات، لكنهم لا يستبعدون أن يفضي هذا الصراع إلى إنهاء العملية السياسية والتأسيس لعملية جديدة وبتوازنات مختلفة.
وقال مراقب سياسي عراقي إن الأكراد اختاروا أن ينأوا بأنفسهم مؤقتا عن العملية السياسية في انتظار ما يمكن أن يسفر عنه صراع شيعي ــ شيعي بدأت نذره وليس في الإمكان اليوم التكهن بما سينجر عنه من عواقب وتداعيات في وقت قريب، قد لا يتجاوز أياما معدودات.
وأضاف المراقب في تصريح لـ”العرب” أن الأكراد مطمئنون إلى أن حصتهم في الغنائم تظل محفوظة، لذلك فإن انتظارهم خارج الحلبة لا يعد وقتا مهدورا.
وأشار إلى أن هذا الصمت سيحسب لهم في المستقبل، ذلك لأنهم لم يورطوا أنفسهم في صراع، هو من وجهة نظرهم محسوم ضد الجميع. بمعنى أن نهاية العملية السياسية في العراق لا بد أن تقود إلى البدء بعملية سياسية جديدة، سيرتاح فيها الأكراد من حوار عبثي، كان طرفه الآخر وهو حزب الدعوة الحاكم قد أصم أذنيه عن سماع مطالبهم الاقتصادية بالدرجة الأولى.
ويرى المراقبون السياسيون أن الأمور كلها تسير لمصلحة الزعامة الكردية التي تواجه بدورها أزمات داخل الإقليم لا تختلف كثيرا عن تلك الأزمات التي تواجهها بغداد. لذلك فإنهم يرون أن الأزمة في بغداد بإمكانها أن تؤجل اندلاع شرارة أزمتهم لوقت يكون فيه وضع الإقليم أفضل.
وسبق أن أعلن رؤساء الكتل الكردية في البرلمان العراقي أنهم لن يقبلوا بأقل من 20 بالمئة من المناصب في الحكومة العراقية، المزمع إعادة تشكيلها من قبل رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي.
جاء ذلك عقب اجتماع رؤساء الكتل الكردستانية مع رئيس مجلس النواب العراقي، سليم الجبوري، ضمن مساعي تشكيل حكومة تكنوقراط.
وقالت رئيسة كتلة “الاتحاد الوطني الكردستاني”، في البرلمان العراقي، آلاء الطالباني “لن نرضى بإعطاء الأكراد أقل من 20 بالمئة من المناصب في بغداد في أي عملية تغيير”، لافتة أنه “يجب أن يشارك الأكراد في العملية السياسية وعلى الحكومة العراقية ألا تكرر تجارب الحكومة السابقة”.
صحيفة العرب اللندنية