على وقع احتفاء قوات النظام السوري وحلفائه بالسيطرة على مدينة تدمر الإستراتيجية وسط البلاد ثم على مدينة القريتين بريف حمص، وبزيارات عربية لبعض رموزه في الآونة الأخيرة؛ اعتبر مراقبون ذلك استثمارا دبلوماسيا للتطورات الميدانية.
وكان وزير خارجية النظام السوري وليد المعلم قد زار نهاية الشهر الماضي الجزائر، بينما قام المفتي أحمد حسون بزيارة إلى سلطنة عُمان، وهو ما يهدف إلى إعادة تعويم النظام السوري وتأهيله ليكون شريكا رئيسيا لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، وللالتفاف على استحقاق الانتقال السياسي الذي يجري بحثه بجدية في المفاوضات الجارية في جنيف.
ويؤكد عضو الائتلاف السوري المعارض خطيب بدلة -في حديث للجزيرة نت- استحالة نجاح النظام في تجاوز الإجماع العربي على مقاطعته، مشيرا إلى أن الفضاء الدبلوماسي الذي يتحرك فيه النظام عربيا ضيق جدا ولا يتجاوز بضعة دول عربية تؤيده بالأساس منذ انطلاق الثورة السورية.
استثمار الميدان
وأكد بدلة أن إعادة تعويم النظام عربيا وغربيا غير ممكنة حاليا، في ضوء استمرار الولايات المتحدة والدول الأوروبية الداعمة للمعارضة السورية التأكيد على عدم صلاحية النظام السوري واعتباره فاقدا الشرعية.
وأشار عضو الائتلاف السوري إلى أن ثمة توافقا روسيا أميركيا “غامضا” جرى بشأن سوريا، إلا أنه استبعد في الوقت ذاته أية علاقة بين هذا التوافق والحراك الدبلوماسي الأخير للنظام السوري، مستعينا بالتصريحات الأميركية الأخيرة التي أكدت على التمسك بمرحلة انتقالية في البلاد.
وكانت جامعة الدول العربية قد أصدرت في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 قرارها القاضي بتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية إلى حين تنفيذ النظام السوري كامل تعهداته التي وافق عليها بموجب خطة العمل العربية لحل الأزمة السورية، وكان حينها وقف العنف أبرز ما جاء فيها.
وفي هذا السياق، نفت مصادر للجزيرة نت وجود أي تحرك سياسي يسعى إليه الائتلاف السوري في الوقت الراهن للضغط باتجاه تعزيز العزلة العربية على النظام السوري.
محاولات يائسة
ويرى الدبلوماسي السوري السابق أستاذ القانون الدولي حسام حافظ، أن التحركات الأخيرة للنظام لا تعدو أن تكون محاولات يائسة لاسترداد ما لا يمكن استرداده من وجود على الجانب الدولي.
وربط الدبلوماسي السوري السابق التحركات الأخيرة بمفاوضات جنيف الحالية القائمة على أساس قراري مجلس الأمن 2118 و2254 والتي تتحدث بشكل واضح عن انتقال سياسي حقيقي، منبها أيضا إلى أن استقبال الدول لمسؤولين من النظام لا يعكس بالضرورة رغبتها في إعادة الاعتبار له.
من جانبه، قال المحلل العسكري والإستراتيجي عبد الناصر العايد -للجزيرة نت- إن التحرك الأخير للنظام السوري هو جزء من خطة روسية متكاملة طويلة الأمد، تهدف إلى إعادة تأهيله.
وفي هذا السياق، بدأ النظام السوري الآن زيارة دول موقفها ليس سلبيا منه، وقد تشمل في خطوات لاحقة دولا أخرى تحت عناوين عدة قد تكون محاربة الإرهاب منها.
وبين العايد أن خطأ المعارضة السورية يتمثل في قبولها هدنة دون شروط واضحة، وهو ما أتاح للنظام تجميد جبهاته وتركيز جهوده العسكرية في جبهات فيها استعراض إعلامي يستغله مع عامل الزمن للالتفاف على قضية الانتقال السياسي والدفع بمحاربة الإرهاب إلى الواجهة.
ووفقا للعايد يأمل النظام -من خلال كل ذلك- في أن تشهد أطر المعارضة السورية السياسية والعسكرية المزيد من التفسخ والضعف.
رأفت الرفاعي
الجزيرة نت