أصبح الإرهاب عاملا مؤثرا في النظام العالمي وتفاعلاته منذ هجمات 11 سبتمبر .2001 هزت تلك الهجمات القوة الدولية التي كانت وحيدة حينئذ في قمة هذاالنظام. أعلنت الولايات المتحدة، التي ضرب تنظيم “القاعدة” قلبها، ما سمته إدارة بوش الثاني حربا على الإرهاب.
غير أنه بعد أكثر قليلا من عقد واحد على إعلان تلك الحرب، ازداد الإرهاب قوة وقدرة على التأثير، وتحول من عامل مؤثر إلي أحد أكثر العوامل تأثيرا في النظام العالمي. وعادت الولايات المتحدة في صيف 2014 لتعلن حربا جديدة عليه تستهدف تنظيما آخر أكثر قوة، وبأسا، وقسوة من تنظيم “القاعدة”، وهو التنظيم المسمي “الدولة الإسلامية”، والمعروف باختصار اسمه السابق “داعش”. وكان هذا إعلانا ضمنيا عن تحول الإرهاب إلي “قوة كبري” في النظام العالمي، تستدعي مواجهتها بناء “تحالف” يضم عشرات الدول.
ولذلك، لم يكن مثيرا للاستغراب أن تكون تداعيات هذا الإرهاب هي الدافع لإثارة الجدل الذي بدأ في نهاية عام 2015 حول احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة في الوقت الذي بدا فيه النظام العالمي فاقدا الاتجاه، فلم تعد له وجهة أو قضية، وانكشف عجزه عن تحقيق أي من الأهداف التي التزم بها، ووصلت شيخوخة منظمته الدولية (الأمم المتحدة) إلي ذروة لا يرجي فيها إلا “حسن الخاتمة”.
لفد بدا ذات يوم، حين انهار الاتحاد السوفيتي السابق ونموذجه، أن العالم يتغير، ليس فقط في هيكله الذي ظهر لبعض الوقت أنه أحادي، ولكن أيضا في قضاياه. بشَّر من يضيقون ذرعا بالأفكار والمرجعيات بأن انتهاء “السرديات الكبرى” يفتح الباب أمام “سياسات واقعية”، ويتيح بناء أجندة موحدة لنظام عالمي تتضافر الجهود فيه لتنفيذ برامج لإنقاذ الكوكب من أخطار هائلة.
غير أن مرحلة السياسات والبرامج المسماة واقعية كشفت عن خواء فيما كان هيجل يسميه “روح العالم”، على نحو يؤدي إلي تدمير تدريجي لأهم ما أنتجه عصر التنوير من قيم، وفي مقدمتها قيمة الإنسان، وما يرتبط بها من نزعة إنسانية، فضلا عن الحرية، واحترام التعدد، والتنوع، والاختلاف، والتسامح، وقبول الآخر، والدفاع عن حقوقه.
أسئلة حول حرب ثالثة:
كثيرة هي التقارير التي نشرتها وبثتها وسائل إعلام، والأوراق التي أعدتها مراكز أبحاث، ونوقش بعضها في ندوات في بلاد عدة، حول احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة، منذ أن رفع التدخل العسكري الروسي في سوريا منسوب التوتر في المنطقة إلي مستويات غير مسبوقة، منذ الفترة التي سبقت الغزو الأمريكي للعراق في مارس .2003
ويبدو أن القلق من احتمال هذه الحرب كان دافعا مهما لتحرك الولايات المتحدة وروسيا لتحقيق هدنة في سوريا، بدأت في منتصف ليلة 27 فبراير .2016 لم تكن هذه الهدنة على جدول أعمال الدولتين حين سعتا إلي ترتيب مفاوضات في جنيف قبلها بنحو أسبوعين.
وربما أسهم فشل تلك المحاولة في السعي إلي تحقيق هدنة. ولكن إغفال الدولتين قاعدة تبدو بديهية، وهي عدم إمكان إجراء مفاوضات جادة في ظل قتال ضار، وقصف مدمر، قد يدل على أن فشل محاولة ترتيب هذه المفاوضات لم يكن العامل الوحيد وراء الاهتمام المفاجئ بوقف إطلاق النار.
كان الجدل حول احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة قد توسع عندما تحركت واشنطن وموسكو لترتيب الهدنة، بعد أن شرعت أنقرة في قصف مواقع داخل سوريا تسيطر عليها “قوات حماية الشعب” التي تلقي دعما واسعا من واشنطن وموسكو على حد سواء.
غير أن إعلان الهدنة لم يضع حدا للجدل حول احتمال نشوب حرب عالمية، ربما لأن خطرها ليس محصورا في سوريا، رغم أن الوضع فيها هو المؤهل أكثر من غيره في الوقت الراهن لإطلاق شرارة هذه الحرب. فالتعقيدات التي تنطوي عليها الحرب في سوريا، بعد أكثر من أربعة أعوام على بدء توسعها، أدت إلي صيغة هشة للهدنة، مثلها مثل تلك التي أريد إجراء مفاوضات مستحيلة في جنيف على أساسها قبل ترتيب هذه الهدنة.
وتعود هشاشة صيغة الهدنة إلي استنادها إلي افتراضات لا تراعي أوزان العناصر الأساسية للأزمة والحرب، والتي أدت إلي استمرارها على مدي سنوات، ولذلك يظل سؤال الحرب العالمية مطروحا ومثيرا للجدل.
وقد شمل هذا الجدل في الفترة السابقة على إعلان الهدنة في سوريا مدي إمكان المقارنة بين الأجواء الراهنة في المنطقة، وتلك التي كانت قائمة في أوروبا، عشية الحرب العالمية الأولي، وتحولت في ظلها عملية اغتيال ولي عهد النمسا على يدي طالب صربي في سراييفو إلي أزمة أشعلت هذه الحرب. ورغم أن الأزمة كانت بعيدة عن القوي الأوروبية الرئيسية في ذلك الوقت، فإن أنماط التحالفات حينها قادت إلي تورط هذه القوي، وتوريط العالم في حرب مريعة.
وأثير، في سياق الاهتمام باحتمال نشوب مثل هذه الحرب، أسئلة لا يزال بعضها موضع جدل، خاصة عن السيناريو المحتمل لها، بدءا من نوع الصدام الذي يمكن أن تقود تداعياته إليها.
وكان هناك ميل في البداية لدي من لا يستبعدون احتمال نشوب حرب عالمية ثالثة إلي تصور أن يبدأ هذا الصدام نتيجة احتكاك جوي غير مقصود، في ظل امتلاء المجال الجوي السوري بعدد كبير من طائرات دول مختلفة. وقد أعاد بعضهم النظر في هذا السيناريو عندما أسقطت طائرات تركية طائرة روسية في آخر نوفمبر 2006. وبلغ التوتر ذروة شديدة الارتفاع، ولكن دون أن يؤدي إلي رد عسكري روسي يمكن أن يخلق شرارة الحرب التي يدور الجدل حولها.
غير أن خبراء آخرين لم يسقطوا سيناريو بداية هذه الحرب عبر احتكاك جوي آخر، خاصة في حال إسقاط تركيا طائرة روسية ثانية على نحو لا يترك لموسكو خيارا إلا ردا عسكريا قد يخلق الشرارة التي تشعل حربا قابلة للتوسع.
كما دار جدل، ولا يزال، حول ما إذا كانت هذه الشرارة محصورة في سوريا، أم أنها يمكن أن تكون في العراق أيضا. وثمة جدل أيضا في أوساط من رجحوا أن تكون الشرارة في سوريا حول مدي ارتباطها بحدوث صدام بين روسيا وتركيا دون غيرهما، خاصة في ظل توقع استمرار الاضطرابات في المنطقة لسنوات طويلة قادمة.
ولذلك، أثيرت تساؤلات عن المواقع المحتملة للصدام – الشرارة، وهل تقتصر على المناطق الأكثر حساسية على الحدود بين تركيا وروسيا فقط، أم تشمل مواقع أخري لا تقتصر على سوريا؟.
حرب نظامية أم “ميليشياوية”؟:
غير أنه رغم صعوبة استبعاد أي احتمال في الوضع الراهن في المنطقة بكل تعقيداته، ربما يكون توسع حرب “الميليشيات” أقوي من سيناريو حرب على نسق حربي 1914-1918، و1939 .1945 فهناك حرب “ميليشياوية” جارية بالفعل وآخذة في التوسع، وقابلة لأن تأخذ طابعا عالميا، بعد أن تراكمت العوامل المغذية لها على مدي أكثر من عشرة أعوام.
فقد تسبب الغزو الأمريكي للعراق في إعادة إنتاج ما أدي إليه الاحتلال السوفيتي لأفغانستان من زاوية نشوء “ميليشيات” لا يقتصر هدفها على مواجهة الغزاة، وقد لا يكون هذا الهدف إلا ذريعة بالنسبة إلي بعضها، أو حتي كثير منها. وكان من نتائج هذا الغزو تورط النظام السوري في دعم “الميليشيات” المتطرفة، بدءا بتنظيم “القاعدة في بلاد الرافدين”، في إطار سعيه إلي “زلزلة الأرض تحت أقدام الولايات المتحدة”، خلال احتلالها العراق. كما حصلت هذه “الميليشيات”، وفي مقدمتها “الميليشيا” التابعة لتنظيم “القاعدة”، على دعم إيراني صار بعض أوجهه معروفا الآن، قبل أن تسفر عن موقفها العدائي ضد الشيعة، وينضم إليها عدد كبير من ضباط الجيش العراقي المهزوم وجنوده إليها، سعيا إلي الانتقام من الجماعات التي نكلت بهم على أساس مذهبي، وسعت إلي إذلالهم واستباحتهم.
وعندئذ، تحولت طهران باتجاه إقامة “ميليشيات” تابعة لها في العراق، وتنامي نفوذ هذه الميليشيات، وصارت أقوي من الجيش الرسمي الجديد. كما تورطت واشنطن في تأسيس نوع آخر من الميليشيات في المناطق الشمالية “السنية” تحت مسمي “الصحوات” لمحاربة تنظيم “القاعدة”، ثم تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق”.
وعندما اندلعت الانتفاضة السلمية في سوريا في مارس 2011، كان تكتيك نظام الأسد وإيران هو إغراقها في محيط من العنف، وأدي ذلك إلي اتجاه بعض المنتفضين لحمل السلاح، وانشقاق ضباط وجنود في الجيش الرسمي، فضلا عن خلق بيئة أتاحت مجالا لتنظيمات متطرفة وإرهابية، بدءا بـ “جبهة النصرة”، التابعة لتنظيم “القاعدة”، وصولا إلي “داعش”. وأتاح ذلك لإيران مبررا لإرسال مجموعات من “الميليشيات” التابعة لها في بلاد عدة.
وخلق التدخل العسكري الروسي بيئة مهيأة لعولمة هذه الحرب “الميليشياوية”، في الوقت الذي تدعم فيه واشنطن مجموعات مسلحة جديدة على نسق “الصحوات” في شمال العراق.
وهكذا، يبدو أن حربا عالمية “ميليشياوية” أولي قد تكون أقرب من حرب عالمية نظامية، أوتقليدية ثالثة، في ظل التوسع المتواصل في الإرهاب باتجاهاته المتعددة والمختلفة التي تتعامل معها القوي الدولية الكبري بطريقة انتقائية، بل تستخدم بعضها ضد بعض آخر.
إرهاب مسكوت عنه:
تؤدي انتقائية القوي الدولية الكبري في التعامل مع الإرهاب إلي السكوت عن أشكال منه، يؤدي تناميها إلي تدعيم ركائز التنظيمات التي تستهدفها هذه القوي. ففي الوقت الذي تتنافس فيه الدول الكبري في إعلان مواجهة إرهاب تنظيم “داعش”، بغض النظر عن حقيقة هذه المواجهة، أو زيفها، وتوزع الأدوار بينها، رضاء أو اضطرارا، إذ بها تصمت حين يتعلق الأمر بميليشيات أخري مسلحة تستغل الحرب على هذا التنظيم ذريعة لممارسة إرهاب لا يقل وطأة في العراق، وتشارك وحدات تابعة لبعضها في الحرب “الميليشياوية” في سوريا. ولا تكتفي القوي الكبري بذلك، بل يتواطأ بعضها مع هذه الميليشيات، بينما يدعمها بعض آخر بشكل ضمني تحت لافتة القضاء على “داعش” في العراق.
ولذلك، لم يكن دقيقا التقرير الصادر عن “مجلس أوروبا للعلاقات الخارجية” بلندن في يناير 2016 تحت عنوان (لماذا تعرّف كل حكومة الإرهاب وفق منطقها الخاص؟)، لأنه لم يلاحظ أن هذا الاختلاف في التعريف لا يشمل الدول الكبري بعد التحول الذي حدث في السياسة الأمريكية، وأدي إلي تفاهم مع روسيا والصين على أن الإرهاب محصور في تنظيمي “داعش” و”القاعدة”. ولا يحدث توسع في “التعريف” في هذا السياق إلا عندما تصر روسيا على إدراج جماعات سورية معارضة لنظام الأسد في إطار الإرهاب.
أما ممارسات الجماعات المسلحة العراقية، ذات التوجهات المذهبية، فهي مستثناة من تعريف الإرهاب، رغم أنها لا تختلف من حيث الجوهر عن الجرائم التي يرتكبها تنظيما “داعش” و”القاعدة”. فهي تقتل على الهوية المذهبية، وتعمل في خدمة مشروع يحمل لافتة دينية، وترتكب جرائم في بعض المناطق التي تتمدد فيها، إذا كان سكانها أو أغلبيتهم من السنة، كما فعلت في بعض مناطق، طُرد مسلحو تنظيم “داعش” منها بين مارس ويوليو.2015 وإذا وجدت سكانا عانوا ويلات “داعش”، اتهمتهم بأنهم احتضنوه كذريعة للتنكيل بهم. وإذا كان السكان قد غادروا بلدة أو أخري هربا من بطش “داعش”، منعتهم من العودة بدعاوي، أكثرها شيوعا وجود ألغام تتطلب إزالتها وقتا.
والفرق الوحيد بين “داعش” وهذه الميليشيات هو أن الأول يجهر بذبح بعض ضحاياه، ويبث صورهم خلال عملية نحرهم، لأن بث الرعب في قلوب أعدائه يعد جزءا من عقيدته. أما الميليشيات التي لا تقل قسوة عن “داعش”، فهي تخفي هذه البشاعة، مثلما تسعي إلي عدم إظهار جرائمها بوجه عام، لأن “التقية” جزء من عقيدتها.
وإذا كان “داعش” يدمر التراث الإنساني في المناطق التي يتمدد فيها، نتيجة اعتقاد ساذج في أنه يتعارض مع الشريعة الإسلامية، فكذلك تفعل الميليشيات التي تستهدف كل ما تظن أنه يتعارض مع المذهب الشيعي الذي تسئ إليه مثلما يفعل هذا التنظيم في المذهب السني. وقد بدأ متطرفون شيعة هذا التدمير في وقت مبكر جدا، منذ أن وقعت بغداد بين أيديهم عقب الغزو الأمريكي. وكان النصب التذكاري للخليفة العباسي أبي جعفر المنصور، مؤسس مدينة بغداد، هو الهدف الأول لهذا التدمير في أكتوبر 2005، أي في مرحلة اختمار العنف الذي مارسته ميليشيات مسلحة بعد ذلك بدعم من إيران.
وهكذا، يتبين أن الميليشيات العراقية، ذات الركائز المذهبية، هي بمنهجها وعقليتها، وليس بممارساتها فقط، الوجه الآخر للتنظيمات التي أصبح “داعش” أهمها وأكثرها خطرا في المرحلة الراهنة. وإذا كان “داعش” تنظيما إرهابيا، فلا بد أن تكون الميليشيات التي تمثل الوجه الآخر له كذلك أيضا، إذا التزمنا معيارا واحدا في التصنيف. ولكن ازدواج معايير القوي الدولية الكبري يؤدي إلي التواطؤ مع إرهاب ضد آخر، رغم أن كلا منهما يغذي الآخر، ويصب زيتا على النار التي يوقدها.
ويرتبط هذا الازدواج في المعايير بالمصالح التي لا تترك مجالا لمبادئ، أو قواعد عامة، أو سياسات مستقيمة في مواجهة إرهاب متعدد الخلفيات بطريقة تفيد في وضع حد لحرب “الميليشيات” الضارية، وتجنب تحولها إلي حرب عالمية.
إغفال البيئة المنتجة للإرهاب:
يزداد الاعتقاد في أن محاربة الإرهاب عسكريا وأمنيا تكتسب أولوية مطلقة، كلما توسع نطاق الخطر الذي يمثله تنظيم “داعش”. ويظهر ذلك بوضوح على المستوى العالمي، منذ هجمات باريس الإرهابية في 13 نوفمبر .2015 فقد تصاعدت الحرب المفتوحة على الإرهاب، أو بذريعته، وطغي المنهج الأمني على ما عداه، وأصبح التغير في مواقف بعض الدول الغربية تجاه الأزمة السورية أكثر وضوحا.
ويقود هذا الاعتقاد في إمكان القضاء على الإرهاب، عبر الأدوات العسكرية والأمنية وحدها، إلي إغفال العوامل الأساسية المسببة لهذا الإرهاب، أو البيئة المنتجة له. وينطوي ذلك على التباس يحدث عادة عند الفصل بين عناصر لا يمكن إلا أن تكون مرتبطة، لأنها تشكل معادلة واحدة لا تتجزأ. فالاستبداد يعد في أعلى مراحله نوعا من الإرهاب يعرّف في القانون الدولي بإرهاب الدولة. ولكن هذا النوع من الإرهاب مسكوت عنه -بدوره- الآن، رغم أنه من أهم أسباب الإرهاب “الأسود” الذي يتصدر جدول الأعمال العالمي.
وهذه العلاقة الوثيقة بين الإرهاب والاستبداد ثابتة في كثير من الكتابات التحليلية، لعل آخرها كتاب عالم الاجتماع العراقي إبراهيم الحيدري “سوسيولوجيا العنف والإرهاب”، الصادر عام .2015 فالاستبداد ينطوي على عنف ضد المجتمع، أو بعض فئاته. ولذلك، تنتشر ثقافة العنف عادة في المجتمعات المقهورة، على النحو الذي يوضح كتاب الحيدري كيفية حدوثه في العراق في العقود الماضية. وقد حدث ذلك في سوريا أيضا، وفي بلاد أخري بدرجات متفاوتة. ولو أن القنابل والصواريخ تكفي للقضاء على الإرهاب، لصدق بوش الثاني، عندما أعلن في مايو 2003، وهو في قمة النشوة، أن المهمة أنجزتMission Accomplished وفق تعبيره، وما كان هناك “داعش” اليوم.
غير أن هذه السياسة، التي تفصل بين الإرهاب والبيئة المنتجة له، أدت إلي توسع نطاق الإرهاب، وازدياد خطره، بل تحوله إلي قوة عالمية، ولن يؤدي استمرارها إلا إلي نتيجة مماثلة. قد تضعف هذه السياسة تنظيم “داعش”، ولكنها تخلق بيئة مواتية لظهور تنظيمات أكثر عنفا وشراسة، مثلما ظهر هذا التنظيم بعد إضعاف “القاعدة”.
ولذلك كله، أصبح من الضروري إدراك أن القضاء على “داعش” أو إضعافه، بدون أن تظهر تنظيمات أكثر خطرا، يتطلب تغييرا سياسيا حقيقيا يؤدي إلي نظام ديمقراطي تعددي يقوم على المواطنة في العراق وسوريا، حيث موطنه الأساسي، إلي جانب فتح أبواب المشاركة الحرة التي تخلق أملا في مستقبل أفضل أمام الشباب في غيرهما من بلاد المنطقة.
د.وحيد عبدالمجيد
مجلة السياسة الدولية