أثار إدراج العراق ضمن قائمة الدول عالية المخاطر بشأن غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والذي اتخذته المفوضية الأوروبية، قلق سلطات البلاد بخصوص ما سيترتب على ذلك من تأثيرات سلبية خطيرة، ما دفعها إلى التحرك في محاولة لرفع اسم العراق من اللائحة.
وأدرجت المفوضية الأوروبية العراق مع دول أخرى، من بينها سورية وأفغانستان وباكستان واليمن وغيرها، ضمن القائمة السوداء للدول التي تشكل مخاطر مالية على الاتحاد الأوروبي، بسبب مؤشرات وجود غسل الأموال وتمويل الإرهاب فيها، معتبرة أنها باتت تمثل تهديدا للنظام المالي للاتحاد.
إدراج العراق ضمن القائمة تترتب عليه تبعات خطيرة جدا، إذ أكد مسؤول حكومي عراقي، لـ”العربي الجديد”، أن “من بين تلك التبعات سيكون فرض قيود ما زالت غير معروف نوعها أو شدتها وتأثيرها على التحويلات المالية من وإلى العراق، الأمر الذي سينعكس سلبا على الاستثمار وعمل المستثمرين في البلاد”.
وأضاف المسؤول العراقي أن “هناك رقابة مشددة ستفرض من جراء ذلك على التحويلات المالية للعراق، والتي ستحتم عليها تدقيقا كبيرا، وإثباتا لشرعية تلك الأموال ومصادرها، وأوجه صرفها، وهذا كله سيعرقل الدخول المالي للعراق، كما أن كلفة التحويل والائتمان ستتضاعف، وسيؤثر ذلك سلبا على العراق وسيفاقم أزمته المالية”.
ووفقا للمتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف، فإن “الوزير دعا وزراء خارجية الدول الأوروبية إلى رفض القرار”، مؤكدا، في بيان، أن “الوزير أكد لنظرائه في الرسالة أن العراق نفذ على مر السنين قوانين وإجراءات مُهمّة، بهدف مكافحة غسل الأموال، وتمويل الإرهاب، وتخفيف المخاطر المرتبطة بها”.
وأضاف أنه أكد أن “عدم رفض القرار سيكون له تأثير اقتصادي واجتماعي كبير على العراق، وسيُؤثر في التعاون مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقيّة الشراكة والتعاون بينهما”.
إلى ذلك، اعتبر مكتب مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في العراق، اليوم الخميس، أن سبب إدراج العراق في قائمة الاتحاد الاوروبي للدول عالية المخاطر بهذا الشأن يعود إلى “الوضع الأمني”.
وقال المكتب المرتبط بالحكومة العراقية إن “الجهود المبذولة لرفع اسم العراق من القائمة الأوروبية للدول عالية المخاطر ما زالت مستمرة منذ صدور تلك القائمة لأول مرة عام 2016، وأشار إلى أن “استمرار إدراج العراق في قائمة الاتحاد الأوروبي لم يكن بسبب تأشير وجود قصور في ملف العراق، وإنما كان تحت ذريعة الوضع الامني في العراق”.
وزير الخارجيّة العراقي فؤاد حسين أرسل رسالة إلى وزراء الخارجية الأوروبيين، طلب منهم رفض قرار المفوّضية ليتسنى للعراق التخلص من تلك التبعات
عضو البرلمان العراقي السابق ماجد شنكالي حذر من مغبة عدم اتخاذ العراق خطوات عاجلة ترفعه من القائمة، وتعالج ملفات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مؤكدا، لـ”العربي الجديد”، أن “إدراج العراق من ضمن هذه الدول له خطورة كبيرة، إذ سيترتب عليه الكثير من الالتزامات للخروج من هذه القائمة مرة أخرى”، مبينا أن “محاولة الخروج من القائمة مهمة جدا في هذه المرحلة، خاصة في ظل ما يعانيه العراق من أزمة مالية واقتصادية”.
وأكد أن “البنك المركزي العراقي مطالب باتخاذ الكثير من الإجراءات في ما يتعلق بغسيل وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، إذ إن التقارير الأوروبية تعتمد على الكثير من المعايير التي قد يصعب على العراق الالتزام بها، لكنها ضرورية”، مشيرا إلى أن “القائمة ستحرم العراق من الكثير من المزايا التي يتمتع بها بالتعاملات المالية والمصرفية، وستؤثر سلبا على العراق إن لم تكن هناك إجراءات عاجلة تتسبب برفع اسمه من تلك القائمة”.
وأضاف أنه “حتى إذا رفع اسم العراق من القائمة، فستكون هناك مراقبة شديدة عليه خلال مدة 3 أو 6 أشهر، وإذا لم ينفذ التزاماته سيعاد مرة أخرى إلى القائمة، الأمر الذي يحتم على الحكومة والجهات المختصة أن تتخذ إجراءات صارمة تنهي ذلك الخطر”.
مسؤولون عراقيون حملوا الحكومة مسؤولية ما وصل إليه العراق من فساد خطير، مطالبين بمعالجات وحلول.
وأكد النائب عن تحالف القوى، رعد الدهلكي، أن “نتائج ذلك ستكون قاسية على العراق، لذلك على وزير الخارجية أن يبحث عن أسباب وصول العراق إلى هذه المرحلة الخطيرة”.
وقال الدهلكي لـ”العربي الجديد”، إن “سوء الإدارة السياسية تسبب بكل ذلك للعراق، وإن عدم وجود رادع للخارجين عن القانون وعدم وجود ضبط للعلاقات مع دول الجوار، وخاصة إيران، جعل من العراق بلدا لغسل الأموال وتمويل الإرهاب”، مشددا: “نحتاج إلى إجراءات سياسية صارمة، ونطالب المجتمع الدولي بأن لا يعاقب العراقيين بجريرة من يتبعون إلى جهات خارجية ويعملون بأجندات أخرى”.
وأشار إلى أن “الدول الأوروبية تتبع حقائق وإثباتات في تحديد ذلك، وأننا في حال لم نضع حدا لتلك الحال التي وصلنا لها، ستكون النتائج خطيرة على البلاد”.
أما عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، النائب عامر الفايز، فقد اعتبر أن محاولة العراق الخروج من تلك القائمة “ينم عن أن الحكومة العراقية ووزير الخارجية يقفان بالضد من النشاط الدولي في سبيل كشف العاملين في غسل الأموال، وهو غير صحيح”.
وأكد الفايز “من المفترض أن يعمل العراق على معالجة هذا الخلل الذي حدده التقرير، وأن يسعى لأجل إنهاء ملفات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأن لا تكون الحكومة عاجزة عن التحقيق بالملفات ومعالجتها، ويجب عليها الاستعانة بالجهد الدولي لأجل ذلك، لا أن تتوسط لرفض التقرير”، مشددا “لا تمكن التغطية على الملف، وعلى الحكومة أن تعي مخاطر ذلك”.
أكثم سيف الدين
العربي الجديد