تحالف ضمني بين واشنطن وطهران لدعم العبادي

تحالف ضمني بين واشنطن وطهران لدعم العبادي

441
دخلت الولايات المتحدة وإيران في تحالف ضمني لدعم رئيس وزراء العراق حيدر العبادي، وهو يتحدى النخبة الحاكمة بخطط لتشكيل حكومة من غير السياسيين يتصدى بها لفساد يأتي على ما تبقى من استقرار اقتصادي وسياسي في بلاده.

وفي الوقت الذي كانت فيه الأصوات تتعالى بالداخل مطالبة بتنحي العبادي -ومنها صوت سلفه نوري المالكي– كان هو يسعى لتعديل وزاري يهدف للوقوف في وجه الفساد الذي أصبح قضية رئيسية بعد انهيار أسعار النفط عام 2014 ما أثر بقوة على موارد الحكومة.

ويقول سياسيون ودبلوماسيون ومحللون إن واشنطن وطهران مارستا ضغوطا على حلفائهما بالعراق كي لا يسعوا لتنحية العبادي في وقت يسعى فيه لتشكيل حكومة تكنوقراط، ووفق مصادر فإن مساعي الدولتين ساعدت على وأد محاولة الأسبوع الماضي لإبعاد العبادي عن منصبه قام بها المالكي.

وقال وزير التعليم العالي بالحكومة المنتهية ولايتها حسين الشهرستاني إن المالكي كان يطالب بتغيير كامل لمجلس الوزراء يشمل العبادي نفسه.

وذكر النائب الشيعي البارز موفق الربيعي أن الأمر بلغ بالمالكي حد أنه كان مستعدا لقبول شخصية تحل محل العبادي حتى ولو من خارج حزب الدعوة.

ورغم نفي متحدث باسم المالكي أنه حاول إبعاد العبادي، فإنه قال إن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه لن يمنع أحزابا أخرى من أن تحل محله ما دام سير العملية السياسية محفوظا.

وقدم العبادي للبرلمان الخميس الماضي قائمة تضم 14 اسما -كثير من أصحابها أكاديميون- في خطوة تهدف لتخليص الوزارات من براثن نخبة سياسية استغلت نظام الحصص العرقية والطائفية الذي أرسي بعد الغزو الأميركي عام 2003 في تكوين الثروات والنفوذ بطرق ملتوية.

وأحدثت تلك الخطوة صدمة في المؤسسة السياسية التي تحكم العراق منذ الإطاحة بـ صدام حسين، ومنها حزب الدعوة الذي ينتمي إليه العبادي نفسه، والمجلس الأعلى الإسلامي، والائتلاف الكردي. فقد كانت هذه الجهات بعد انتخاب العبادي للمنصب قبل عامين تريد أن يكون لها قول فصل في كيفية تشكيل الحكومة.

توافق
وقالت مصادر على دراية بسير الأمور إن جو بايدن نائب الرئيس الأميركي والجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني أوضحا بالفعل قبل الإعلان عن التشكيل الوزاري العراقي الجديد أنه ينبغي عدم القيام بأي محاولة لتنحية العبادي حفاظا على قوة الدفع في الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال سجاد جياد، وهو محلل يقدم المشورة لرئيس الوزراء، إن الأميركيين والإيرانيين والمرجع الشيعي العراقي علي السيستاني كان لهم جميعا نفس الرأي بأن “يبقى العبادي في السلطة ويعين وزراء جددا”.

ورغم أن أراضي العراق تحوي بعضا من أكبر الاحتياطيات النفطية في العالم، يعاني أبناؤه البطالة وانقطاع الكهرباء وسوء الخدمات العامة، مما زاد من مشاعر الاستياء من الفئة الحاكمة المتهمة بتبديد الإيرادات التي تحققت خلال نحو عشر سنوات شهدت ارتفاعا في أسعار النفط.

ويرى جياد أن دعوة أطلقها نائب الرئيس الأميركي دعمته (العبادي) وكان مغزاها “أنت أملنا الأخير بالعراق”. وحين سئل أحد مساعدي بايدن عن الدعوة قال “أشارت الإدارة على كافة المستويات إلى أن مساعي إبدال رئيس الوزراء أو اتخاذ خطوات أخرى من شأنها أن تشل حركة الحكومة ستأتي بآثار عكسية تماما بالنسبة لاستقرار العراق والحملة المشتركة لدحر تنظيم الدولة الإسلامية”.

وقال دبلوماسي أميركي كبير في بغداد إن هناك رغبة في وجود حكومة عراقية قوية يرأسها العبادي يمكنها أن تواصل الحرب على التنظيم.

بدورها، نقلت إيران رسالة مماثلة للمسؤولين العراقيين. وقال سياسي شيعي إن سليماني اجتمع مع ممثلين للمالكي ومع زعيم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي عمار الحكيم.

خيارات
ووفق نائبين في مجلس النواب، فإن العبادي توجه الخميس الماضي إلى مقر البرلمان يحمل تشكيلا وزاريا كاملا في يد، وتعديلا جزئيا في اليد الأخرى. وبعد لقاء دام ساعة ونصف الساعة مع رئيس البرلمان خرج بقائمة التعديل الوزاري الشامل وطلب من النواب قبولها أو رفضها أو تعديلها.

وقال البرلمان إنه سيستغرق عشرة أيام في مراجعة ترشيحات العبادي التي تحمل أسماء غير معروفة جيدا اختيرت دون التشاور مع الأحزاب السياسية.

ولم تسعد معظم الجماعات السياسية بالترشيحات التي طرحت دون التشاور معها، فيما عدا التيار الصدري الذي رأى أن قائمة العبادي قابلة للتعديل ما دام المرشحون الجدد غير منتسبين لأحزاب سياسية.

ويتوقع مشرعون ومحللون أن يرفض البرلمان ما يصل إلى نصف المرشحين بالقائمة. لكن هذا لن يمثل مشكلة كبرى للعبادي ما دام سيكون لديه في النهاية عدد كاف من الخبراء المستقلين سياسيا.

الجزيرة نت