تعكف وزارة الخارجية الروسية على صياغة إستراتيجية جديدة لسياسة البلد، ورغم أن ملامحها الرئيسية لم تتضح بعد يرى المراقبون أنها ستحمل تغييرات واضحة باتجاه المزيد من المواجهة والتحدي للتوجهات السياسية الغربية.
وتأتي العقيدة الجديدة لتحل محل العقيدة السابقة التي أقرت عام 2013 قبل وقوع روسيا تحت تأثير الأزمة الأوكرانية وقبل إرسال قواتها الجوية لسوريا.
وقد أعلن وزير الخارجية سيرغي لافروف مؤخرا أن وزارته باشرت العمل على صياغة عقيدة جديدة للسياسية الخارجية بناء على توجيهات الرئيس فلاديمير بوتين المخول دستوريا بتحديد ملامح السياسات الخارجية الروسية.
وأشار الوزير إلى أن الحاجة للتحديث فرضتها طبيعة الظروف المعقدة التي استجدت على العالم، موضحا أن العقيدة الجديدة تقوم على تعددية الأقطاب واعتماد مبدأ التعاون مع مراكز القوة في العالم لإيجاد حلول للقضايا والأزمات الدولية.
وكان لافروف صرح مرارا بأنه لا يمكن تحديد مصير العالم من طرف دولة واحدة أو لمجموعة محدودة من الدول، وسبق لرأس الدبلوماسية الروسية أن علق على الإستراتيجية الأمنية الأميركية العام الماضي بقوله إن واشنطن ترى أنها تدير العالم بمفردها.
القطب الثاني
أندريه باكلانوف السفير والمستشار السياسي في مجلس الدوما الروسي يرى أن الحاجة لإدخال تعديلات وإعادة صياغة توجهات السياسية الخارجية الروسية الحالية تمليها التطورات التي يشهدها العالم وطبيعة العلاقات الدولية القائمة.
وأضاف للجزيرة نت أن هذا يتطلب إعادة النظر في أولويات سياستها مع الأخذ بعين الاعتبار تنامي الدور الروسي على الساحة الدولية.
وأوضح باكلانوف -الذي شارك في المنتدى الذي خصص للحديث عن العقيدة الجديدة- أن الأهداف الأساسية للسياسة الخارجية تتمثل في ضمان الأمن الوطني لروسيا، واتخاذ موقع ثابت وراسخ فيالمجتمع الدولي، بالإضافة لإيجاد أشكال من التعاون وتوفيق المصالح مع غيرها من الدول، والعمل جنبا إلى جنب مع الدول المحورية استنادا إلى القرارات الدولية لإيجاد حلول للمشاكل والتحديات التي تواجه العالم.
وأكد المتحدث أن روسيا تمتلك مقومات عسكرية وثروات طبيعية وإمكانات علمية تؤهلها للاضطلاع بدور أكبر على الساحة الدولية، موضحا أن روسيا لا تسعى لشغل مكانة الاتحاد السوفياتي السابق ولكنها لن تقبل في الوقت نفسه بأن تستفرد الولايات المتحدة بالقرار وتحديد مصائر الشعوب والدول، وتجاهل القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن.
وشدد باكلانوف على أن تجربة القطب الواحد أثبتت فشلها أمام الكثير من التحديات، وأن الولايات المتحدة مطالبة بأن تعي أن تضافر الجهود سيعيد التوازن المفقود في العلاقات الدولية.
تثبيت للوضع القائم
واعتبر الناشط السياسي والحقوقي المعارض إيغور ياكوفينكو أن السياسة الخارجية التي تنوي القيادة الروسية إقرارها موجودة بالفعل، وهي مطبقة منذ ما يزيد على عامين بالتدخل في أوكرانياعسكريا ودعم المتمردين في الشرق ضد الحكومة الأوكرانية، واتخاذ قرار أحادي بضم شبه جزيرة القرم.
وأضاف ياكوفينكو في حديث للجزيرة نت أن “إرسال طائرات لإلقاء القنابل والصواريخ فوق المدن السورية من أجل دعم نظام بشار الأسد الدكتاتوري وكل ما تقدم يعبر عن سياسة خارجية روسية عدوانية”، مضيفا أن ما يقوم به لافروف بأمر من بوتين ما هو إلا توثيق لوضع قائم بالفعل تحت مسمى “العقيدة الجديدة للسياسة الخارجية”، وهي سياسة على الأرجح ستكون عدوانية لا تقيم وزنا للأعراف والقوانين الدولية.
وأوضح أن روسيا تسعى بشكل محموم لاستعادة المكانة التي افتقدتها بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، لكنها تفتقر للإمكانات الاقتصادية والجيوسياسية التي كانت لدى الاتحاد، ومنها أيديولوجيا ومعسكر يتبعها (حلف وارسو) وقواعد عسكرية في مناطق عديدة بالعالم.
والأكثر من ذلك -يضيف المتحدث- أن روسيا تعيش اليوم ما يشبه العزلة في ظل عقوبات اقتصادية مفروضة عليها، مما يعني عجزها عن تحمل تبعات سياساتها الخارجية إذا كانت متهورة وغير مدروسة.
افتكار مانع
الجزيرة نت