أرجأ مجلس النواب العراقي، الثلاثاء، عملية التصويت على التشكيلة الوزارية المقترحة (نظريا) من رئيس الوزراء حيدر العبادي، إلى جلسة الخميس، وذلك في ظلّ الخلافات الحادّة بين الكتل السياسية المشكّلة للبرلمان حول الأسماء الواردة بالتشكيل المقترح، ومن يملك حقّ اقتراحها.
ويبدو العراق مقبلا على أزمة سياسية حادّة تضاعف المخاطر المحدقة به جرّاء الأزمتين الأمنية والاقتصادية.
ويعني العجز عن تمرير تعديل وزاري انسداد الأفق بشكل كامل أمام إمكانية الإصلاح، ولو في حدّه الأدنى، ما يرشّح الشارع للانطلاق في موجة احتجاج جديدة ستكون عصية عن الضبط والتحوّل إلى ثورة شاملة تستهدف أسس النظام القائم على حكم الأحزاب الشيعية والذي ترتبت عنه أوضاع كارثية تضع الدولة العراقية على حافّة الانهيار.
وكان رئيس الوزراء العراقي تقدّم قبل حوالي عشرة أيام إلى رئاسة البرلمان بقائمة أسماء مقترحة لشغل المناصب الوزارية، لكنها لقيت اعتراض الكتل السياسية التي ترفض أن تفقد حصصها من المناصب.
وقد اضطر العبادي، الثلاثاء، للتقدم بقائمة بديلة من اقتراح الكتل السياسية ذاتها، لكن بعض تلك الكتل اعترضت عليها مجدّدا وعلى رأسها كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، التي أعلنت مقاطعتها لجلسات البرلمان بما في ذلك جلسة الخميس.
وتمتلك الكتلة 34 نائبا بالبرلمان لكن وزنها الحقيقي يوجد في الشارع الذي اصطف مؤخرا وراء زعيم التيار، مقتدى الصدر في موجة احتجاجات اقتربت من المنطقة الخضراء موضع أهم المقرات السيادية والسفارات الأجنبية بالعاصمة بغداد. وفي حال فشل الصدر في تمرير منظوره للتغيير الحكومي، فإنه سيعيد أخذ القضية إلى الشارع، وهو الأمر الذي ينطوي على إمكانية انفلات الاحتجاجات هذه المرّة.
وكان من المقرر أن يناقش المجلس بحضور رئيس الوزراء خلال جلسة الثلاثاء ومن خلال لجان برلمانية أسماء 14 مرشحا قدمهم العبادي بعد الاتفاق مع الكتل السياسية.
وعقـد العبادي اجتمـاعا مغلقـا ضـم رئيـس المجلـس سليم الجبوري ورؤساء عدد من الكتـل السياسيـة، وفقـا لمصـدر برلماني.
وقال النائب عقيل عبدالحسين من التيار الصدري، للصحافيين ” للأسف انتهى اجتماع رئاسة مجلس النواب ورؤساء الكتل مع الرئيس ولم يفض إلى ما يتطلع إليه الشعب العراقي بولادة حكومة تنكوقرط مستقلين”.
وأضاف “للأسف مازالت المحاصصة وتدخلات الكتل السياسية مستمرة في تشكل الحكومة”. وذكر مصدر في المكتب الإعلامي لرئيس مجلس النواب سليم الجبوري أن الأخير رفع الجلسة إلى الخميس المقبل.
وكان الجبوري قال في تغريدة على تويتر، في وقت سابق، الثلاثاء، “استلمنا أسماء المرشحين من رئيس الوزراء وبإمكان النواب التصويت بالرفض أو القبول على الأسماء التي ستعرض”.
وأمام موجة غضب جماهيرية انطلقت الصيف الماضي احتجاجا على تردي الأوضاع، دعا حيدر العبادي إلى إجراء إصلاحات تشمل تغييرات جذرية في المواقع الوزارية من أجل تعيين “تكنوقراط مستقلين وأكاديميين” بدلا عن الوزراء الحاليين المرتبطين بأحزاب سياسية باتت لدى أغلب العراقيين رمزا للفشل وإهدار المال العام.
لكن مساعي العبادي لتحقيق الإصلاح مهددة بالفشل بسبب هيمنة الأحزاب الشيعية على السلطة وحرصها على الحفاظ على مكاسبها السياسية والمادية.
صحيفة العرب اللندنية