شيعة العراق منقسمون بعد 13 عاماً من التغيير

شيعة العراق منقسمون بعد 13 عاماً من التغيير

شيعة العراق منقسمون بعد 13 عاماً من التغيير

“أنا حزين لأن الملايين من ضحايا صدام حسين لم يعلنوا فرحتهم بذكرى سقوطه في هذا اليوم، يا لها من غصة خانقة”!

هذا منشور عمد كاتبه الصحفي مازن الزيدي إلى أن نشره عبر حسابه في فيسبوك، وهو يبين مدى الإحباط الذي يعيشه الشارع العراقي -والشيعي على وجه التحديد- من التغيير الذي أزاح نظام الرئيس الراحل صدام حسين قبل 13عاما، والذي لم يرتق إلى تطلعاتهم بالعيش بشكل مغاير عما اعتادوا عليه قبل عام 2003.

وأنهت الولايات المتحدة وحلفاؤها في التاسع من أبريل/نيسان 2003 حكم حزب البعث للعراق الذي استمر أكثر من ثلاثة عقود، في واحدة من أكثر الحروب جدلاً، وأكبرها خسائر بشرية بين المدنيين في تاريخ العراق وتاريخ الجيش الأميركي.

ويرى مبرمج الحاسبات أحمد ستار أن الحديث عن “ظلم النظام السابق” لم يعد أمراً مؤثراً في نفوس العراقيين كما كان في بداياته، مضيفا أن “من حكم البلاد بعد عام 2003 لم يقدم غير الخراب ودخولتنظيم الدولة الإسلامية وما سببه من دمار، فضلاً عن الفساد الذي استشرى، وكان ضحيته المواطن البسيط”.

خيبة أمل
وبرر ستار غياب الاحتفال بذكرى تغيير نظام صدام بخيبة الأمل التي تولدت لدى الشارع العراقي والشيعي على وجه الخصوص، لا سيما ما وجده من قصور من قبل الطبقة السياسية التي تمثله وتتولى حكم البلاد منذ سنوات دون أي تقدم يذكر.

واعترف ستار بأن المقارنة بين واقع البلاد الآن وقبل عام 2003 باتت تفرض نفسها بقوة، مؤكداً أن أغلب الشيعة باتوا يتندرون بذكر فضائل نظام صدام، في محاولة للتنكيل بالأحزاب الحالية التي باتت تتمسك بالسلطة دون التفكير في السبب الذي جاءت لأجله، وفق تعبيره.

وما زالت وجهات النظر السياسية والشعبية مختلفة في توصيف هذا اليوم، فهناك من يعدّه تحرراً من النظام السابق ومناسبه تستحق الاحتفال، ومن يراه احتلالاً بكل ما تحمله الكملة من معنى، وهناك أيضاً من يخلط بين الاتجاهين ويصف المشهد بالمعقد.

فالطالبة الجامعية أمل.خ ترى في التاسع من أبريل/نيسان مناسبة يجب الاحتفال بها بالرغم من الظرف الذي تعيشه البلاد، وقالت “تحرير البلاد من نظام دكتاتوري أمر يدفعنا للاحتفال به كل يوم”.

وأضافت “لقد تخلصنا من التهميش والظلم الذي استهدف الشيعة دون غيرهم، الأمر الذي يجعلنا ممتنين للأميركان، ولكل من أسهم في إزاحة الطاغوت”، بحسب وصفها.

وبشأن الأزمات التي تعيشها البلاد جراء سوء حكم البلاد، أكدت أمل أنه “لا يمكن أن ننكر أن هناك أخطاء وسلبيات تحسب على الطبقة السياسية العراقية والشيعية تحديداً، لكن هذا ليس مبررا للترحم على أيام صدام”، مبينة أن أهم ما في الأمر أن الشيعة يحكمون العراق بعد سنوات من الظلم والإقصاء، وفق ما تذكر.

فشل
من جانبه، يرى الناشط المدني أحمد السهيل أن الولايات المتحدة فشلت في إنتاج نموذج وطني عراقي قادر على البناء والتأسيس لدولة مؤسساتية تحمي الكرامة الإنسانية وتدافع عنها وتحفظ حقوق الإنسان والحريات العامة.

ولفت إلى أن أميركا وعدت العراقيين قبل الشروع في إسقاط صدام ببناء دولة حداثية ديمقراطية، وهو ما لم يتحقق على أرض الواقع، وأكد أن العديد من صانعي الرأي العام والمثقفين وحتى العديد من العامة يرون أن كل تلك العوامل أفقدت العراقيين الرغبة في الاحتفال بذكرى التغيير، حسب رواية السهيل.

وألغت الحكومة العراقية منذ أعوام الاحتفال بالتاسع من أبريل/نيسان كذكرى لاحتلال البلاد.

ورأى المحلل السياسي جاسم الموسوي أن الشيعة أخطؤوا عندما ظنوا أن الصيغة الطائفية هي الأصح في إدارة البلاد بعد عام 2003، الأمر الذي أفقدهم -حسب الموسوي- مصداقيتهم أمام شارعهم بالدرجة الأساس.

وأوضح أن الشارع الشيعي وجد نفسه أمام طبقة سياسية لا تفقه في السياسة ولا في الدين الذي يدعو إلى التسامح وقبول الآخر.

وأكد الموسوي أن الشيعة تتوجب عليهم رغم ما عانوه مسؤولية تاريخية بألا يحملوا أي طائفة أخرى مسؤولية سلوك النظام السابق، مستدركاً “صدام لم يكن سنياً بقدر ما كان رئيساً يخدم مصالحه كأي رئيس آخر”.

أما الباحث السياسي قحطان الخفاجي، فيؤكد أن الخشية من عودة السنة إلى حكم البلاد أجبرت الشارع الشيعي على تقبل فشل وأخطاء طبقته السياسية التي يستشعر معها أن الحكم لن يذهب إلى غيره وإن تطلب التضحية بالعديد من التطلعات.

أميمة يونس

الجزيرة نت