لجأ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى المحيط العربي في محاولة لإنقاذ حكومته من الانهيار على وقع الأزمة البرلمانية والسياسية المتفاقمة في البلاد.
يأتي هذا فيما يستبعد مراقبون أن تقبل دول عربية مركزية بأي دور يهدف إلى إنقاذ الأحزاب المرتبطة بإيران، أو التغطية على الفساد، أو ضخ أموال، دون أن يكون ذلك خادما لخيار عودة العراق إلى عمقه العربي.
وتلقى العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز، والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والرئيس الإيراني حسن روحاني، اتصالات من العبادي في يوم واحد.
وأشارت التصريحات الرسمية إلى أن العبادي سعى إلى الحصول على دعم المحيط العربي، إضافة إلى دعم إيران التي ترتبط حكومته بعلاقة وثيقة بها، في الحرب على داعش، خصوصا بعد زيارتي وزير الخارجية الأميركي جون كيري ووزير الدفاع أشتون كارتر إلى بغداد.
إلا أن المراقبين يقرأون مسعى أبعد من معركة القضاء على داعش في إعادة توجّه العبادي إلى المحيط العربي، وأن رئيس الوزراء العراقي ربما بحث عن إشراك العرب في مهمة إخراج العراق من الأزمة السياسية الخانقة التي يعيشها في ظل حكومة المحاصصة.
وكان وزير الدفاع الأميركي أشتون كارتر قد دعا دول مجلس التعاون إلى انخراط أكبر في العراق، وذلك إثر لقائه الأربعاء نظراءه الخليجيين في الرياض.
وقال كارتر “أشجع شركاءنا في دول مجلس التعاون على القيام بالمزيد، ليس فقط عسكريا كما تفعل السعودية والإمارات وأنا أقدر ذلك كثيرا، لكن أيضا سياسيا واقتصاديا”.
ويبدو أن دول الخليج ستتعامل باحتراز مع هذه الدعوة في ظل استمرار التوافق الأميركي الإيراني بشأن دعم العملية السياسية في العراق، خاصة أن المطلوب من العرب هو إعادة إعمار ما تولت منظومة ما بعد غزو 2003 تخريبه، وضخ الأموال العربية للتغطية على مخلفات فضائح الفساد.
وتتهم دول خليجية، لا سيما السعودية، إيران بالتدخل في العراق وفق اعتبارات مذهبية، وخصوصا أن الحكومة تسيطر عليها أحزاب شيعية. كما تدعم إيران ميليشيات شيعية يراد لها أن تخلف القوات العراقية في خوض المعارك ضد داعش.
واعتبرت أوساط سياسية تدعم ارتباط العراق بمحيطه العربي، أنه من المبالغة تفسير اتصالات العبادي على أنها خطوة في اتجاه انفتاح العراق على محيطه العربي، وبالأخص الدول المعنية بالشأن العراقي والتي يمكنها أن تمد له يد العون.
وقرأت هذه الأوساط الخطوة المتأخرة التي قام بها العبادي على أنها محاولة من رئيس الوزراء المهدد بالإقالة لتحقيق ضربة استباقية ضد خصومه.
ورأت أن جل ما يمكن أن يطلبه العبادي من زعماء الدول العربية التدخل بين الأطراف المتنازعة وفض الاشتباك بعد أن فشل الاتفاق الأميركي الإيراني في إنجاز ذلك.
ويرى الكاتب السياسي العراقي فاروق يوسف أنه ليس لدى العبادي الآن ما يسنده للحديث الواثق عن مستقبل علاقات العراق بمحيطه العربي، مثله مثل بقية السياسيين الذين لم يحلوا عبر أكثر من عشر سنوات من وجودهم في السلطة مشكلة نظام الحكم.
وقال يوسف في تصريح لـ”العرب”، “إن المشكلة تفاقمت بسبب ما انتهى إليه فشل حزب الدعوة في إدارة السلطة من انهيارات اقتصادية وسياسية واجتماعية بدأت تداعياتها المأساوية تظهر علنا، وهو ما قاد إلى سلسلة من التظاهرات والاعتصامات الشعبية المطالبة بالتغيير الشامل”.
وسيبقى عدم اطمئنان الدول العربية إلى الموقف الإيراني من الأزمة حاجزا يقف بينها وبين أن تمد يدها إلى ما يمكن تسميته وفق الكاتب العراقي “جحر الأفاعي الإيرانية”.
ويطلق نوري المالكي، زعيم حزب الدعوة، من خلال هذا الجحر تصريحاته المعادية للمحيط العربي، إضافة إلى أن وجود عدد من الميليشيات التابعة لإيران والتي تأمل في أن يكون لها دور في نشر الفوضى في الدول المجاورة لا يشجع على النظر بطريقة جادة إلى مبادرة العبادي التي تستنجد بالعرب.
صحيفة العرب اللندنية