أطراف شيعية تستولي على مساجد للسنة بالعراق

أطراف شيعية تستولي على مساجد للسنة بالعراق

441

كان الصراع الطائفي الذي اندلع في العراق بعد الغزو الأميركي عام 2003 عنوانا عريضا اندرجت تحته عشرات العناوين الجانبية، من أكثرها خطورة سيطرة أطراف شيعية على مساجد السنة.

وكانت أحزاب شيعية قد استولت على مساجد سنية في قلب بغداد بدعوى أن النظام السابق بناها على أراض تابعة للشيعة أو في مناطق تسكنها أغلبية منهم.

ولا يزال عدد من هذه المساجد بحوزة الأحزاب والمليشيات الشيعية، لا سيما في الأحياء المختلطة أو المهمة كجامع الرحمن الذي يقع في منطقة المنصور الحيوية والمليئة بالوزارات ودوائر الدولة غربي بغداد. وكذلك جامع الصحابي سلمان الفارسي في منطقة المدائن جنوب شرقي بغداد، لما له من رمزية دينية وتاريخية، وجامع الآصفية التاريخي الذي بسط الوقف الشيعي سيطرته عليه بدعوى وجود قبر المحدث الشيعي الكليني داخله.

اتصلنا بديوان الوقف السني لاستيضاح موقفه من هذه التجاوزات، فرفض مسؤولوه التصريح حول الموضوع لأسباب لم يوضحوها.

لكن مصدرا داخله طلب عدم ذكر اسمه أخبرنا أن رئاسة الديوان الجديدة ترفض الخوض في هذا الموضوع خوفا من ردود الفعل الحكومية، لا سيما أن رئيس الديوان الجديد عبد اللطيف الهميم جاء إلى هذا المنصب بصفقة مع رئيس الوزراء حيدر العبادي وأحزاب شيعية، على حد قول المصدر.

أسباب متعددة
ورغم تشكيل لجنة برلمانية لحل الخلاف بين الوقفين السني والشيعي فإن عملها توقف منذ فترة، كما يقول رئيس لجنة الأوقاف النيابية عبد العظيم العجمان الذي يؤكد أنه لا يوجد تقدير دقيق لأعداد هذه المساجد.

وأوضح العجمان أن بعض المساجد أخذت لأنها كانت تابعة لرئاسة الجمهورية في العهد السابق، لكن البعض الآخر أخذ لأسباب طائفية، وأن إعادتها مرتبطة بهدوء الوضعين الأمني والسياسي.

واستبعد أن يعود بعضها إلى الوقف السني مرة أخرى، كجامع علي الهادي في سامراء، مبررا ذلك بأنه مسجد يضم مرقديْ إمامين من أئمة الشيعة ولا يستقيم أن يديره السنة.

وأضاف العجمان أن عملية إدارة الوقف الشيعي لمسجد الهادي لا تعني الموافقة على أية تغييرات ديمغرافية هناك، مشيرا إلى وجود ردود أفعال غير منضبطة على أعمال إرهابية “كالتفجيرات الانتحارية” في مناطق الشيعة، تنعكس بالاعتداء على المساجد السنية، ومن يقوم بها أناس “مدفوعون ويلعبون على الوتر الطائفي”.

ولا تبدو عملية الاستيلاء على المساجد عفوية أو غير مقصودة، إذ غالبا ما تكون في أماكن حيوية كأحياء بغداد القديمة ذات الطابع السني، أو مناطق صراع ديمغرافي كسامراء وديالى وشمال بابل.

وعادة ما يتم الاستيلاء على ما حول المساجد من عقارات وأبنية كما يحدث في سامراء، وتحويل ملكيتها إلى الوقف الشيعي بغياب مالكيها، مما يشي بمحاولات خطيرة للتغيير الديمغرافي في تلك المناطق.

ويُتهم الوقف السني بأنه لم يقم بدوره في حماية هذه المساجد والسعي لاستعادتها كما يقول مدير مركز بغداد لحقوق الإنسان مهند العيساوي الذي يؤكد أنهم تقدموا إلى الوقف بعدة طلبات لتزويدهم بأرقام رسمية حول المساجد المعتدى عليها والأئمة المعتقلين، لكنه رفض المساعدة.

مكب للنفايات
وأكد العيساوي أن الاعتداءات تتنوع بين تحويل المساجد إلى تابعة للوقف الشيعي، وهجمات تحرق بعضها أو تفجره، بالإضافة إلى الاعتقالات التي تطال أئمة وخطباء ومؤذني المساجد، والحكم على بعضهم بالإعدام، مشيرا إلى وفاة بعضهم تحت التعذيب في السجون الحكومية.

كما أكد أنه لا يوجد أي سند قانوني لما تقوم به الجهات الشيعية، وأن الوثائق الرسمية والدلائل القانونية تقطع بعائديتها إلى السنة، في حين تقف السلطات العراقية موقف المتفرج ولم تقم بواجبها في حماية تلك المساجد.

لكن أسوأ ما في الموضوع -حسب العيساوي- أن بعض هذه المساجد أصبح مكبات للنفايات كما في مناطق البياع والحرية الثانية وحي العامل غربي بغداد، وتحول بعضها -كما في جنوب بغداد وجرف الصخر- إلى معتقلات للقتل والتعذيب تابعة للمليشيات، على حد قوله.

الجزيرة نت