سارع بنيامين نتنياهو رئيس حكومة الكيان «الإسرائيلي» إلى عقد اجتماع لحكومته في هضبة الجولان السورية المحتلة معلناً ألا انسحاب منها و«أن الجولان سيبقى تحت سيادة إسرائيل إلى الأبد».
وكان الكنيست فرض القانون «الإسرائيلي» على الجولان في سنة 1981، وهو قرار لم يعترف به أحد في المجتمع الدولي ورفضه مجلس الأمن بموجب القرار رقم 497.
وقد نفى نتنياهو مراراً أن يكون أبدى استعداده قبل سنوات للانسحاب من الجولان، وكانت وثيقة أمريكية نشرت في سنة 2012 أشارت إلى أن نتنياهو ذهب بعيداً في استعداده للانسحاب من الجولان وتسليم شواطئ طبريا، وهو ما لم يفعله قادة «إسرائيليون» من قبل، حيث كان الخلاف في مفاوضات سرية جرت في عهد الرئيس السوري السابق حافظ الأسد، هو مطالبة سوريا بأن يشمل الانسحاب شاطئ طبريا الشرقي، وهو ما كانت ترفضه «إسرائيل» أيام حكم إيهود باراك وإيهود أولمرت.
وقد جاءت الحرب الحالية في سوريا كهدية لـ«إسرائيل»، حيث تمارس القصف الجوي والعمليات الخاصة ضد النظام دون رد عليها فيما استقبلت مستشفيات «إسرائيلية» قرابة 13 ألف جريح من المعارضة السورية، مما مكن سلطات الاحتلال من معرفة الكثير من الأسرار وسير المعارك والجماعات والتيارات داخل سوريا، بحيث صارت «إسرائيل» مرجعية دولية مخابراتية لما يحدث هناك بسبب حصولها على معلومات من الجرحى أو مباشرة من بعض فصائل المعارضة التي أقامت علاقات معها، وهي علاقات مادية تنسيقية مع بعض القوى في «الجيش الحر» و«جبهة النصرة» وحتى بعض أمراء «داعش» في منطقتي درعا والجولان، كما زارها عدد من أقطاب المعارضة، أشهرهم كمال اللبواني، وكانت آخرها في شهر مارس/آذار الماضي، حيث طلب من «إسرائيل» إقامة منطقة آمنة في الجولان وجنوب سوريا، وأبدى استعداداً طبقاً لمصادر «إسرائيلية» للتنازل عن الجولان مقابل دعم «إسرائيلي» جوي للمعارضة لإسقاط النظام السوري، قائلاً إن «بيع الجولان لـ«إسرائيل» أفضل من خسارة سوريا والجولان معاً».
فكيف لـ«إسرائيل» أن تنسحب من الجولان، وهي ترى أن النظام لا يستطيع شيئاً، وكذلك المعارضة المستعدة لتقديم ما يلزم لها! وكان آخر معارض دعا إلى مفاوضات مع «إسرائيل» هو أحمد الجربا، الذي شكل تيار الغد «السوري وطالب بمفاوضات سرية أو علنية مع «إسرائيل» في رسالة كشفت عنها صحيفة «الجيروسالم بوست» وكتبت بالعبرية، ورد معارضون وطنيون سوريون برفض التنازل عن الجولان، وقال رياض نعسان الآغا، إن تصريحات نتنياهو حول الجولان لا تقنع أحداً في العالم لأن الجولان سوري وسيبقى سورياً. وقال رياض حجاب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، إن والد بشار هو من سلم الجولان لـ«إسرائيل» وأن «إسرائيل» تحمي النظام و«لولا دعمها لما بقي نظام بشار».
«إسرائيل» حالياً غير معنية إلا باستمرار الحرب الأهلية في سوريا إلى أجل غير مسمى، لأن مصلحتها تكمن في استمرار المقتلة الكبرى هناك بعد أن ألحقت الحرب بسوريا ما لم تلحقه الحرب العالمية الثانية بألمانيا أو اليابان من دمار، وتقول معلومات، إن «إسرائيل» طلبت من روسيا تجنب قصف «جبهة النصرة»، وشطبها من قائمة الجماعات الإرهابية في سوريا، بحجة أن هذه الجبهة ستكون العدو المحتمل لمواجهة «حزب الله»، لكن الروس رفضوا ذلك، إذ إن الكيان «الإسرائيلي» يخطط لمرحلة ما بعد انتهاء الحرب الحالية، لإشعالها مجدداً عندما يريد فرض وصاية على قوى سورية داخلية وتحريكها وفقاً لمصالحه. ولعل مسارعة نتنياهو إلى الجولان، وكشفه قبل اجتماع حكومته هناك عن تنفيذ جيشه لعمليات كثيرة في سوريا لمنع «حزب الله» من نقل أسلحة إلى لبنان يأتي في إطار الصراع المحتدم بين نتنياهو وحلفائه من اليمين الحاكم مثل افيغدور ليبرمان ونفتالي بينيت في اتخاذ مواقف متطرفة لكسب أصوات اليمين المتطرف. وسبق لليبرمان أن اتهم نتنياهو بعرض الانسحاب من الجولان على النظام السوري قبل تفجر الأزمة السورية بأسبوعين مقابل أن تفك سوريا ارتباطها مع «حزب الله»، لكن اليميني الآخر نفتالي بينيت زعم أنه لا توجد دولة سورية قائمة الآن لتطالب بالجولان وعلى العالم أن يعترف بالسيادة «الإسرائيلية» عليها، وطالب بمضاعفة عدد المستوطنين في الجولان أربع مرات خلال خمس سنوات.
حافظ البرغوثي
صحيفة الخليج