زعيم التيار الصدري يتمرس على لعبة الشارع

زعيم التيار الصدري يتمرس على لعبة الشارع

_78645_ir3

في خطوة تصعيدية جديدة دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر السبت، إلى تظاهرة مليونية الاثنين المقبل من أجل الضغط على مجلس النواب للانعقاد وإقرار التشكيلة الوزارية المقبلة لرئيس الوزراء حيدر العبادي.

وكان البرلمان العراقي قد علّق جلساته بسبب الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد على خلفية الصراع على التركيبة الوزارية، والتناحر الحزبي والطائفي.

ودعا الصدر في بيان أنصاره إلى “هبة وتظاهرة مليونية يوم الاثنين المقبل” مؤكدا بأنها “سترعبهم وستجعل منهم مضطرين لعقد البرلمان والتصويت بكامل الحرية والشفافية ليعلم الشعب من يصوّت ومن يحجم من خلال الجلسة العلنية”.

وأضاف “تظاهروا كما عهدناكم ولا تتوانوا ولا يحول بينكم عمل أو عذر (…) الوطن أهم من كل المصالح”.

واعتبر محللون أن خطوة الصدر متوقعة، فرجل الدين الشيعي لا يكاد يفوّت حراكا وإلا وتصدره في لعبة ذكية، يحقق من خلالها حظوة شعبية، وفي ذات الوقت يبقى المسيطر عليه حتى لا ينفلت الوضع بما يهدد فعليا الأحزاب الدينية.

وكان الآلاف من العراقيين قد تظاهروا الجمعة في العاصمة بغداد ومحافظات جنوبية، مطالبين بـ”تشكيل حكومة تكنوقراط، وإنهاء الخلافات السياسية الدائرة في البرلمان، وتقديم الفاسدين إلى القضاء”.

وتجمع المئات في ساحة التحرير وسط العاصمة، حاملين الأعلام العراقية، ورافعين شعارات تطالب بتشكيل حكومة “تكنوقراط” خالية من الانتماءات الحزبية وإنهاء الأزمة في البلاد.

إقليم كردستان: لن نصطف خلف أي تكتلات في العراق
أربيل – صرح نائب رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان قباد طالباني السبت، بأن موقفهم محايد في الإقليم إزاء التكتلات والاستقطابات التي تشكلت في العراق.

وقال طالباني في كلمة خلال حضوره احتفالية عيد الصحافة الكردية التي أقيمت السبت في مدينة كركوك “إننا محايدون أمام كل التكتلات والاستقطابات التي تشكلت في العراق وندعم جميع التغييرات في البلد التي تخطو باتجاه الاصلاحات الحقيقية لكن بشرط”.

وأضاف “لن نكون طرفا في جميع التكتلات ونحاول أن نؤدي واجب الوساطة وأن نحافظ على التوازن لأن ثقافتنا وجغرافيتنا وتاريخنا تتطلب منا أن نمد يد الصداقة إلى جميع المكونات والقوى السياسية دون تمييز”.

وذكر “نحن قبل أن نكون مكونا سياسيا له قائمة برلمانية في بغداد فإننا شعب وأمّة صاحبة تضحية وتاريخ لذا لا نستطيع السعي وراء مصالح مؤقتة والصداقة مع جميع القوى السياسية والمكونات القومية والمذهبية ونحن غير مستعدين للتخلي عن ذلك في أيّ وقت ومن أجل أيّ مصلحة”.

ووضع إقليم كردستان لا يقل سوءا عن الوضع العام في العراق، حيث يواجه صعوبات اقتصادية جراء تهاوي أسعار النفط، فضلا عن الصراعات بين الأحزاب الخمس المتحكمة في المشهد الكردي.

ولا يريد الإقليم الزج بنفسه في متاهة أكبر عبر التمترس خلف أحد التكتلات العراقية ويصر على النأي بنفسه في انتظار ما سيسفر عنه الصراع الدائر بين تلك التكتلات.

وفي محافظات جنوب العراق خرج المئات في مظاهرات مناوئة للفساد والخلافات بين الأطراف السياسية وتراجع الخدمات.

ومنذ أكثر من شهر يعاني العراق من أزمة سياسية حادة تفاقمت مؤخراً بعد اعتصام وتصويت 174 نائبا، (من أصل 328 نائبا هم جميع أعضاء مجلس النواب)، على إقالة رئيس البرلمان سليم الجبوري، ونائبيه، ما دفع الأطراف الدولية إلى التحذير من خطورة استمرار الأزمة السياسية.

وقرر مقتدى الصدر (زعيم التيار الصدري) الأربعاء، تجميد كتلة الأحرار التابعة له في البرلمان العراقي (34) مقعداً، وسحب كتلته من الاعتصام داخل مبنى البرلمان.

وتسبب قرار الصدر بـ”إخلال” النصاب القانوني لعقد جلسة رسمية بالنسبة إلى النواب المعتصمين، بعد أن انسحب 34 نائبا من كتلة الأحرار من أصل نحو 176 نائباً (كانوا معتصمين)، وبذلك لا يمكن للأعضاء المعتصمين حاليا إكمال النصاب القانوني للتصويت على انتخاب رئاسة برلمان جديدة.

ويعتصم النواب في البرلمان، ويطالبون بإقالة الجبوري، إثر تأجيل جلسة التصويت على قائمة أولية قدمها رئيس الوزراء حيدر العبادي نهاية الشهر الماضي، لتشكيل حكومة من التكنوقراط من غير الحزبيين.

ولم تحظ القائمة بقبول الكتل السياسية التي فرضت على العبادي قائمة ثانية تضمّ مرشحين من التكنوقراط لكنهم ينتمون للأحزاب الدينية، مما فاقم الأزمة.

وانقسم أعضاء المجلس بين مؤيد ومعارض لموضوع الإقالة ما دعا رئيسه الجبوري إلى تعليق أعماله حتى إشعار آخر.

وفي الأيام الأخيرة خفتت حدة التوتر في المجلس بعد أن انحسر عدد المعارضين للجبوري بعد انسحاب كتلة بدر النيابية والكتلة الصدرية، ما رجّح الكفة لصالح رئيس المجلس المقال الذي دعا السبت إلى عقد جلسة خلال الأسبوع القادم.

وقال الجبوري في بيان “بعد كل ما جرى نرى أن خط الشروع يبدأ من تصويت البرلمان خلال الأيام القادمة على الكابينة الحكومية التي اختار الشعب العراقي شكلها ونوعها وحدد رغبته فيها وهي الحكومة العابرة للأحزاب والطوائف”.

وأضاف “ما دامت هذه الإرادة نابعة من توجه الشعب فإنها بالتأكيد ستكون الأصلح والأنجح في تخطي الأزمة الحالية”.

وتابع الجبوري “البرلمان سيكون جاهزا لاستقبال هذه التشكيلة هذا الأسبوع في أول جلسات استئناف عمله، بعد الأزمة البرلمانية التي حصلت في الأسبوع الماضي والتي لازلنا ننظر إليها على أنها ممارسة تستوعبها الحالة الديمقراطية وتتقبلها منهجية الرأي والرأي الآخر ولازلنا ننظر إلى إخواننا الذين مارسوها في إطار الاجتهاد السياسي الذي نصيب فيه ونخطئ ولا مجال لاتهام النيات فالكل كما نرى ونعتقد يريد خدمة البلد وتحقيق الإصلاح”.

ويستبعد متابعون أن ينجح المجلس في تحقيق خرق فعلي بالمصادقة على التركيبة الحكومية الجديدة، رغم الضغوط الكبيرة من الشارع العراقي الذي ملّ منطق المحاصصة الحزبية والطائفية التي كلفتهم غاليا على مر السنوات الماضية.

ويبقى المستفيد من هذا الوضع في العراق زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي تمكن خلال الأشهر الأخيرة من فرض نفسه كرقم صعب مجددا بعد أن خفتت الأضواء من حوله خاصة خلال حكم خصمه السياسي نوري المالكي.

ولعل هذه النقطة بالذات هي التي ساهمت أيضا في جعل قوى إقليمية ودولية، وهي إيران والولايات المتحدة الأميركية، للاعتماد عليه في السيطرة على الشارع بعد أن احترقت كل الرموز السياسية التي أتت بعد الاحتلال الأميركي للعراق.

صحيفة العرب اللندنية