المدارس السرية للرقص هي الموضة الجديدة في طهران. حسب «ديلي بوست»، فان الإيرانيين والإيرانيات «اكتشفوا» العادة الجديدة، التي تسمح لهم بالرقص الزوجي، وهم مستعدون أيضا لان يدفعوا غير قليل لقاء المتعة ـ 150 دولار لعشرة دروس. وتختبىء بعض من هذه المراكز تحت اسماء «خفية» مثل مركز اللياقة، والنبأ عن وجودها يمر من الفم إلى الاذن.وتعنى سلسلة الصور التي نشرها موقع «سي.ان.ان» هي ايضا بتسرب المزايا الغربية إلى المدن الإيرانية. فتبدو فيها سوبرماركتات مليئة بالاسلوب الغربي وفيها نساء محجبات يحملن عرباتهن بالعلامات التجارية من كل العالم، فيما تطل من فوق الرفوف صور الخميني وخامينئي. ونشر موقع «انستغرام» صورا لاولاد الاغنياء وهم يرتدون افضل ما انتجته الازياء الغربية.
«إيران – ليس ما ظننتم»، تقول الكتابات على الصور. وما الذي بالضبط كان بوسعنا أن نظنه عن إيران، بعد أن صنفتها وسائل الاعلام الغربية تلك بأنها بؤرة ظلماء وبدائية، ومقر للإرهابيين؟ وها هو يتبين بان الشباب الإيراني، وللعجب، يحبون بالضبط ما يحبه الشباب في الغرب، باستثناء انهم يضطرون إلى الاجتهاد اكثر كي يحققوا مبتغاهم.
ظاهرا، يوجد لهم الان رئيس مستعد لان يستمع اليهم. فهو يفهم الطلاب الذين يتظاهرون مطالبين بالافراج عن معتقلي العصيان المدني، الذي وقع في 2009 ضد تعيين محمود أحمدي نجاد رئيسا.
وهو يعد بان يرفع كل العقوبات عن إيران، ولا يخاف من الفيسبوك. ولكن هو ايضا يضطر إلى أن يسير بحذر في حقل الالغام الإيراني. «بمعونة الله سنرفع كل العقوبات»، صرح يوم الاثنين الماضي، «هناك من هم غير راضين عن ذلك. هناك من يصطادون في المياه العكرة. ولكن الاغلبية، من المتحضرين، الاكاديميين، والزعيم الاعلى يريدون كسر سلسلة العقوبات الوحشية».
وتتجه اتهامات روحاني نحو خصومه المحافظين ولا سيما نحو قيادة الحرس الثوري، التي تواصل التمسك بخط متصلب ورؤية المفاوضات مع الغرب خداعا «امريكيا – صهيونيا»، كل هدفه هو المس بالمصالح الإيرانية. ومنتقدو روحاني يتهمونه بنية «تجاوز الخطوط الحمراء»؛ بمعنى الاستسلام لمطالب الغرب بوقف تخصيب اليورانيوم، بوقف عمل منشأة التخصيب في بوردو، بتحويل منشأة المياه الثقيلة في اراك ونقل اليورانيوم المخصب إلى روسيا.
ويحرص مقربو روحاني كل الوقت على تشديد ولائه لاطار المفاوضات الذي قرره خامينئي. واحيانا يطلقون تصريحات متصلبة ضد التنازلات، ولكن يبدو أن هذه تستهدف اساسا تهدئة روع المنتقدين، لانه في نفس الوقت يتواصل الحوار مع القوى العظمى تمهيدا للقاء المخطط في 15 كانون الثاني في جنيف.
وحسب تقرير وكالة «ايه.بي» للانباء فقد حققت المحادثات المبكرة تقدما هاما، وقد وافقت إيران على ما يبدو على أن تنقل إلى روسيا معظم اليورانيوم المخصب إلى مستوى فوق 5 في المئة. ليس واضحا بعد، اذا كانت هذه الموافقة تستجيب لكل المطالب الامريكية، وكذا مسألة عدد أجهزة الطرد المركزي النشطة التي يمكن لإيران ان تحتفظ بها لم تحل بعد، ولكن يبدو أن تكتيك المفاوضات الذي يتبعه جون كيري يخلق زخما ايجابيا لمواصلة المحادثات.
كلما تقدمت المحادثات، يتعاظم ايضا الضغط على روحاني من جانبي الخريطة السياسية. وهكذا، مثلا تتعاظم مطالب الليبراليين والاصلاحيين لتطبيق اصلاحات ديمقراطية، لتحرير معتقلي 2009 ولعرض خطة اقتصادية تجسد ما وعد به روحاني في الانتخابات. اكثر من 2.5 مليون إيراني مسجلون كعاطلين عن العمل، وتتخلف الشركات الحكومية عن تسديد الرواتب، ومستوى الخدمات العامة آخذ في التدهور. وفي الاسبوع الماضي اضرب نحو 900 عامل في مصنع لانتاج المقطورات في اراك مطالبين باعادة زعيمهم المقال. وتعود ملكية المصنع إلى الحرس الثوري، الذي اضطر بعد ثلاثة ايام إلى التنازل واعادة الزعيم.
ولكن على الرغم من أن رفع العقوبات يمكنه أن يخدم المصانع المدنية الكثيرة التي بملكية الحرس الثوري، يواصل قادته بث اشارات الحرب. وهم يطالبون الان باقامة وزارة لـ «الحرب الرقيقة» لتحل محل سلطة «الحرب الرقيقة» التي اقيمت في آب. و «الحرب الرقيقة» معناها الدعاية المكثفة، هجمات السايبر وبالاساس الاعتراض على نشر الايديولوجيا الغربية. كما أنهم يطالبون بمزيد من الميزانيات للقيام بمهامة «الحماية المقدسة» – وهو تعبير ثبت في سياق الحرب العراقية الإيرانية وتحول لوصف الصمود في وجه ما يسمى بالهجمة الغربية.
كل هذه المطالب تعرض بالذات بينما بلغت اسعار النفط الدرك الاسفل، والصندوق الإيراني آخذ في الفراغ. وبين مركزي الضغط هذين يضطر روحاني إلى المناورة بحذر. فمن جهة نجده معنيا بالدفع إلى الامام بتوقيع الاتفاق النهائي في مسألة النووي والذي موعده الهدف هو 30 حزيران؛ ومن جهة اخرى، عليه أن يظهر تصلبا يهدىء روح منتقديه. هو ايضا كما يتبين يضطر إلى اتخاذ استراتيجية الرقص الزوجي: خطوتان إلى الامام وخطوة إلى الوراء، ولكن بالعكس.
نقلا عن القدس العربي
تسفي بارئيل