اقتحم عناصر من الحشد الشعبي، الإثنين، مؤسسة تعليمية في محافظة صلاح الدين العراقية واعتقلوا عميدها وعددا من أساتذتها وطلابها، في حادثة أكّدت مجدّدا تغوّل الميليشيات الشيعية في العراق وسطوها على اختصاص الدولة في ضبط الأوضاع الأمنية وإنفاذ القانون.
ويتخوّف عراقيون من أنّ الميليشيات الشيعية التي كانت قد ظهرت كجيش طائفي رديف للقوات المسلّحة بفعل مشاركتها الكبيرة في الحرب ضدّ تنظيم داعش وتوليها مسك الأرض في المناطق المستعادة بما في ذلك محافظة صلاح الدين، بصدد الدخول في مرحلة جديدة من التغوّل بفعل الأزمة السياسية الطاحنة التي تشهدها البلاد والتي أدّت إلى تعطيل مؤسسات الدولة وفي مقدمتها مجلس الوزراء والبرلمان.
ومأتى المخاوف تلويح جهات سياسية عراقية باستخدام قوات الحشد في ضبط الأوضاع الأمنية في العاصمة بغداد وفي التصدّي لأتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي لجأ إلى استخدام الشارع بشكل مكثّف في تصفية حساباته ضدّ خصومه السياسيين تحت يافطة المطالبة بالإصلاح.
وطفت فكرة استخدام الميليشيات في تأمين بغداد إلى السطح بشكل كبير بعد حادثة اقتحام أنصار الصدر للبرلمان السبت قبل الماضي، احتجاجا على عدم عقده جلسة للمصادقة على حكومة التكنوقراط التي ساهم الصدر ذاته في اقتراح أسماء من سيتولون حقائبها الوزارية.
وتؤكّد مصادر محلية من داخل المدينة أن عناصر الحشد الشعبي بدأوا بالفعل في الانتشار بالمحاور الحساسة، وخصوصا عند مداخل المنطقة الخضراء التي تضم أهم مؤسسات الدولة ومقرات الأحزاب والسفارات الأجنبية.
ومع قلّة حيلة بعض كبار السياسيين أمام الصعود “الصاروخي” لمقتدى الصدر بدأ هؤلاء بالتلويح باستخدام الميليشيات ضدّه، الأمر الذي وضع العراق المأزوم أمنيا، أمام خطر وقوع صدام شيعي-شيعي، باعتبار أن التيار الصدري يمتلك بدوره ميليشيا قوية وجيدة التسليح تعرف باسم سرايا السلام.
وبعيدا عن استخدام الميليشيات في صراع الفصائل الشيعية على السلطة، يشكو سكان مناطق سنية من تسلّط تلك التشكيلات الطائفية عليهم وممارستها جرائم يومية بحقهم تتراوح بين القتل والاعتقال العشوائي ومصادرة الأرزاق والممتلكات.
ويذهب السكان السنة ببعض المناطق المعروفة بالمختلطة لتعايش السنة والشيعة على أرضها، حدّ الشكوى من تنفيذ الميليشيات عملية تطهير طائفي ضدّهم عبر التضييق عليهم في مناطقهم لدفعهم إلى النزوح عنها.
ومنذ استعادتها من تنظيم داعش بمشاركة فاعلة من ميليشيات الحشد الشعبي، في أبريل من العام الماضي، مازال سكان محافظة صلاح الدين، وخصوصا المناطق التي يشارك الحشد في مسك أراضيها يعانون من ممارسات الميليشيات بحقّهم.
ويقول سكان المحافظة إنّ نقمة الميليشيات عليهم مضاعفة بسبب أنّ محافظتهم كانت موطنا لكبار رموز نظام حزب البعث وعلى رأسهم الرئيس الأسبق صدام حسين، ونائبه عزّت الدوري ابن قضاء الدور.
وأكد مصدر محلي عراقي في مدينة الدور–الواقعة على بعد حوالي 25 كلم جنوب تكريت مركز محافظة صلاح الدين- الإثنين أن عناصر من الحشد الشعبي اقتحموا المعهد الفني في القضاء واعتقلوا الأساتذة وتسعة طلاب على خلفية شجار بين طالبين.
وقال المصدر إنه “بعد حصول مشاجرة بين طالبين في المعهد الفني في الدور، أحدهما من كربلاء والثاني من الدور اقتحم فصيل من الحشد الشعبي المعهـد وأطلـق العيارات النارية وقام باحتجاز عميده والأساتذة في بناية العمادة بالإضافة إلى تسعة طلبة ونقلوهم إلى جهة مجهولة”.
وجاءت حادثة اقتحام المعهد يوما بعد تحذير حاكم الزاملي، رئيس لجنة الأمن النيابية، النائب عن كتلة الأحرار التابعة للتيار الصدري، من نشر قوات الحشد الشعبي خارج مناطق القتال ضدّ داعش لا سيما في بعض المنافذ الحدودية.
وقال الزاملي الأحد في تصريح صحافي “نلاحظ بأن هناك شبه فوضى بدأت، وهناك من يستغل تحريك أطراف في الحشد الشعبي ونزول جزء منهم في موانئ البصرة والمنافذ الحدودية دون أن يكون هناك ردع من قبل الداخلية والمتنفذين في الحشد الشعبي”.
صحيفة العرب اللندنية