في 6 أيار/مايو، قُتل ما لا يقل عن ستة عشر مواطناً إيرانياً وعدداً غير معلوم من المقاتلين الأجانب الشيعة الذين يقاتلون تحت قيادة إيرانية خلال استيلاء المتمردين على قرية “خان طومان” جنوب غرب حلب. وقد خدم جميع الايرانيين الستة عشر في «الحرس الثوري الإسلامي»، وتحديداً في «القوات البرية» لـ «الحرس الثوري». وتشير الخسائر في الأرواح اتجاهاً مستمراً في أنماط الانتشار التي تتبعها إيران في سوريا، وعلى وجه التحديد: التوسع في استخدام «القوات البرية» لـ «الحرس الثوري» بالإضافة إلى أو عوضاً عن «فيلق القدس التابع» [«قوة القدس» التابعة] لـ «الحرس الثوري»، وهو فرع النخبة الذي عادة ما يُستخدم لعمليات التدخل السريع. كما أن هذه الخسائر تطعن في صحة التقارير السابقة التي أفادت بأن أعداداً كبيرة من القوات الإيرانية آخذة في الإنسحاب من سوريا.
وهناك أربعة عشر عنصراً من أهالي محافظة مازندران في شمال ايران الذين خدموا في «فرقة 25 كربلاء» في «الحرس الثوري»، من بين الذين قتلوا في “خان طومان”. أما الاثنان الآخران فهما من أهالي محافظة جيلان المجاورة وكانا قد خدما في «قوة القدس الإقليمية» (وهنا، ينبغي عدم الخلط بين هذه القوة وبين «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري»). ورداً على الحادث، كشف المتحدث باسم «فرقة كربلاء» حسين علي رضائي في 10 أيار/مايو أن جميع أعضاء الوحدة الذين بقوا على قيد الحياة ويخدمون في سوريا، بمن فيهم واحد وعشرين جريحاً، قد تم نقلهم إلى إيران، ولكن ليس هناك ما يشير إلى انسحاب أوسع لـ «القوات البرية».
وعلى نطاق أوسع، وثّقت دراسة استقصائية لخدمة الجنائز التي أُجريت في إيران للجنود الذين قُتلوا في سوريا في الفترة من 19 كانون الثاني/يناير 2012، إلى 10 أيار/مايو 2016، ما مجموعه 400 حالة وفاة لعناصر إيرانية. وباستثناء ستة أفراد من الجيش النظامي (“ارتش”)، خدمت جميع هذه القوات في «الحرس الثوري». وعلى الرغم من أن فرع «الحرس الثوري» المعيّن غير معروف لما يقرب من نصف عدد الأرواح التي أُزهقت في القتال، إلا أن «القوات البرية» لـ «الحرس الثوري» شكلت ما لا يقل عن ربعهم، مقارنة فقط بثمانية وعشرين عنصراً تم نحديديهم كتابعين لـ «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري».
اضغط على الشكل لعرض نسخة عالية الدقة.
ويقيناً، أن القتلى الذين لم يتم التأكد بعد من الفرع الذي خدموا فيه قد يكشفون عن وقوع المزيد من الضحايا في صفوف «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» – وفي الواقع، قد يعكس وجود عدد كبير من هذه الوفيات محاولة لإخفاء خدمتهم في وحدة النخبة المذكورة. بيد، يُظهر التقلب في أنماط الإصابات الإيرانية خلال مسار الحرب، زيادة واضحة في عدد الجنود القتلى في المعارك التي وقعت منذ تشرين الأول/ اكتوبر 2015 والذين تم تحديدهم كتابعين لـ «القوات البرية». وهذا شئ غير مستغرب: فـ «فيلق القدس» هو فرع صغير نسبياً، وعندما بدأ يعاني من ارتفاع عدد ضحاياه في سوريا، لم يكن أمام قيادة «الحرس الثوري» أي خيار سوى نشر «القوات البرية».
وفي المقابل، لا يبدو أن نشر إيران لجنود الجيش النظامي (“ارتش”) يعكس مثل هذه الضرورة. ففي 4 نيسان/أبريل قال نائب منسق القوات البرية للجيش النظامي العميد علي أراستيه، لـ “وكالة الأنباء الباكستانية” (“تسنيم”) ان [عناصر من] قوات «لواء النخبة 65 المحمول جواً» قد أُرسلوا إلى سوريا كـ “مستشارين”. ولكن في 20 نيسان/ابريل، أكد قائد الجيش اللواء عطاء الله صالحي أن “الجيش لا يتولّى مسؤوليات تتعلق بتقديم المساعدة الاستشارية إلى سوريا”. وتابع: “هناك منظمة معينة في هذه البلاد [في اشارة الى «الحرس الثوري»] التي تعمل في هذا المجال … ونحن لم ندّعي بتاتاً أن «لواء النخبة 65 المحمول جواً» موجوداً هناك. ومع ذلك، فقد تم نشر بعض المتطوعين في سوريا وهم يخضعون لتلك المنظمة المعينة، وأنه من الممكن أن يكون بينهم أفراد من «اللواء 65»”. وبعبارة أخرى، يبدو أنه تتم إعارة أفراد معيّنين من الجيش إلى وحدات «الحرس الثوري» في سوريا، وهم لا يخدمون وحدهم بوصفهم [ممثلين لـ] وحدات من الجيش. وعلى أي حال، إن التقارير عن سقوط قتلى في المعارك التي جرت في 11 نيسان/ابريل و 20 نيسان/أبريل قدّمت دليلاً على أن جنوداً من وحدات الجيش التالية كانوا موجودين في سوريا: «اللواء 258 مغاوير بزوهندة»، «لواء القوات الخاصة 45»، «لواء النخبة 65 المحمول جواً»، و«اللواء المدرع 388 ».
وتَظهر أنماط مماثلة من دراسة استقصائية لمراسيم جنازات أُجريت في لبنان لمقاتلي «حزب الله»، وللمواطنين الأفغان والباكستانيين الشيعة في إيران. ويُبين الشكل 3 كيف أن كلاً من «الحرس الثوري الإيراني» والأفغان الشيعة من ميليشيا «فرقة الفاطميون» تحمّلوا عبئاً أكبر في الأشهر الأخيرة. ولا يُظهر الرسم البياني سوى خسائر شيعية أفغانية متواضعة لشهر أيار/مايو، إلا أن هذا الرقم سيرتفع بشكل حاد بمجرد كشف المزيد من المعلومات حول الوفيات في “خان طومان” (التقارير الأولية باللغة الفارسية أشارت أن معظم الضحايا كانوا من الأفغان). وفي الوقت نفسه، انخفض عدد ضحايا «حزب الله» في سوريا بشكل حاد، وخاصة منذ منتصف نيسان/ ابريل. فلم يتم الإبلاغ سوى عن مقاتل واحد من «حزب الله» لقي حتفه هناك في أيار/مايو، بينما وقعت جميع خسائر الحزب الثمانية عشر الشهر الماضي قبل 14 نيسان/ ابريل.
اضغط على الشكل لعرض نسخة عالية الدقة.
المحصلة
إن النشر المتزايد لأفراد «القوات البرية» لـ «الحرس الثوري» الإيراني في سوريا يحمل فى طياته مشاكل وفرص للقيادات العسكرية الإيرانية. فمن جهة، قسّمت “العقيدة الفسيفسائية” لـ «الحرس الثوري» من عام 2007، «القوات البرية» إلى إحدى وثلاثين وحدة منفصلة (وحدة واحدة لكل محافظة في إيران واثنان لطهران) وقامت بتدريبها على مكافحة الاضطرابات الداخلية، لذلك قد لا تكون أفضل خيار لمواجهة قوات المتمردين المسلحين جيداً في سوريا. ومن ناحية أخرى، توفر الحرب في سوريا أرضاً خصبة قوية لتدريب قوات «الحرس الثوري» من ناحية إعدادهم للعمليات المستقبلية المحتملة في الخارج. وفي الواقع، يدل نمط الانتشار الإيراني الحالي على تحول أوسع لـ «الحرس الثوري» نحو قوة للتدخل السريع، وتعزيز «فيلق القدس» في هذا الدور.
علي ألفونه
معهد واشنطن