السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي…الاستمرارية والتغيير
المؤلف: شحاتة محمد ناصر
الناشر: دار العين للنشر، القاهرة
تاريخ النشر: يناير 2015
صدر عن “دار العين للنشر” ، في القاهرة، كتاب: “السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي…الاستمرارية والتغيير“، للخبير في شؤون ايران والخليج العربي الدكتور شحاتة محمد ناصر. حيث يعمل الكتاب عبر فصوله الخمسة على رصد وتحليل وتقييم توجهات وأهداف وقضايا السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ الثورة الايرانية عام 1979 وحتى مرحلة “الربيع العربي”، وبيان المراحل والمحطات الرئيسة التي مرت بها هذه السياسة، والمتغيرات والمحددات، الداخلية والخارجية، التي تحكمت فيها، والوسائل والأدوات التي تم تنفيذها من خلالها، وحدود الاستمرارية والتغيير فيها، فضلاً عن النتائج التي أدت إليها، والتوجهات أو الأنماط العامة التي كشفت عنها والتي يمكن أن تمثل “مفاتيح” أساسية لفهم سياسة إيران تجاه جوارها الخليجي.
يحاول الكتاب الاجابة على عدة تساؤلات اساسية هي:
- ما أهم المحددات الداخلية والإقليمية والدولية التي حكمت توجهات السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي خلال الفترة من 1979 الى 2012 ؟.
- ما أهداف السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي خلال هذه الفترة، على المستويات الاقتصادية والسياسية والأمنية ؟.
- ما أهم قضايا السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي، وطبيعة تأثير كل منها على هذه السياسة؟.
- ما حدود الاستمرارية والتغيير في سياسة إيران الخارجية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي خلال هذه الفترة، وما العوامل التي تحكمت في ذلك؟.
- هل تبنت إيران سياسة واحدة تجاه دول مجلس التعاون الخليجي كلها، أو أن سياساتها اختلفت من دولة لأخرى، وكيف يمكن تفسير ذلك؟.
- ما أدوات السياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي، وطبيعة التغيرات التي لحقت بها خلال الفترة التي يغطيها الكتاب؟.
- كيف أثّرت ثورات “الربيع العربي” على سياسة إيران تجاه دول مجلس التعاون الخليجي؟.
وانتهى الكتاب، بعد دراسة تحليلية شاملة عبر خمسة فصول، الى عدة نتائج يمكن الاشارة الى أهمها في الاتي:
* إن علاقة إيران مع دول مجلس التعاون منذ 1979 قد مثّلت، وما زالت، محدداً أساسياً من محددات استقرار منطقة الخليج وتوازن القوى وصراعات النفوذ على ساحتها، ويؤكد بروز الاحتقان الطائفي، السني- الشيعي على الساحة الإقليمية منذ 2003، وتعمقه بعد اندلاع ثورات “الربيع العربي”، والتوظيف السياسي له من قبل الجانبين، الإيراني والخليجي.
* على الرغم من تعدد وتنوع قضايا وملفات السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي خلال فترة الدراسة، والتباين في مضامينها وأساليب تناولها ومستوى الاهتمام بها وأهداف هذا الاهتمام من مرحلة لأخرى، فإن القضية الأساسية التي تمحورت وتتمحور حولها هذه السياسة وتقاطعت بشكل مباشر أو غير مباشر مع القضايا الأخرى سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو حتى ثقافية، هي قضية أمن الخليج، التي مثّلت وتمثل مركز التفكير الاستراتيجي في نظرة كل من إيران ودول مجلس التعاون الخليجي للعلاقة فيما بينهما، خاصة أنها تتصل بشكل وثيق بالطموح الإيراني العميق والممتد في دور إقليمي مميز ومؤثر، والخلل في ميزان القوى بين شاطئي الخليج، والسياسات الخليجية لقوى دولية وإقليمية، والملف النووي الإيراني، إضافة إلى أطروحات وأفكار التعاون الأمني والاقتصادي والعسكري بين إيران وجوارها الخليجي.
* ان أهداف السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي عبر المراحل المختلفة التي مرت بها منذ الثورة تعددت وتباينت، إلاّ أنها اتفقت في مجموعة من الأهداف الرئيسية والممتدة التي لم تتغير بتغير الظروف وأشخاص السلطة وإن كانت قد تغيرت أدوات وأساليب السعي إلى تحقيقيها وترتيبها ضمن أولويات هذه السياسة، أهم هذه الأهداف: السعي لدور إقليمي مؤثر ومميز في الخليج، والحفاظ على الخلل في توازن القوى بين إيران ودول المجلس، والحيلولة دون التحالف أو التقارب بين دول المجلس والعراق، وتفادي العزلة الإقليمية، ومنع دول مجلس التعاون من الانخراط في الضغط الأمريكي والغربي عليها، وتعزيز صورة إيران لدى الشعوب العربية بوصفها نموذجاً لدولة ثورية مناوئة لسياسات الولايات المتحدة وإسرائيل، وعدم السماح للعلاقة مع دول المجلس بالوصول إلى نقطة الانهيار أو المواجهة العسكرية، إضافة إلى معارضة أي تغيير في الحدود السياسية أو الجغرافية في المنطقة يمكن أن يحدث خللاً في ميزان القوى في غير صالح إيران.
* على الرغم من أن سياسة إيران الخارجية بشكل عام وتجاه دول مجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، تتنازعها الاعتبارات الايدولوجية والواقعية منذ الثورة، فقد تفوقت البرجماتية في المحكات والاختبارات الكبرى، خاصة في أوقات الأزمات التي رأت فيها إيران أن نظامها السياسي نفسه معرض للتهديد، كما حدث خلال السنوات التالية لعام 2003، أو أنها يمكن أن تنزلق إلى مواجهة عسكرية مع دول مجلس التعاون تشارك فيها الولايات المتحدة، كما حدث في أزمة البحرين في مارس2011.
* على الرغم من التحولات الداخلية والخارجية الكبيرة التي صيغت في ظلها ووفقاً لها السياسة الخارجية الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي خلال فترة الدراسة، فقد ظلت مساحة الاستمرارية أكبر من مساحة التغيير في هذه السياسة، خاصة على مستوى المبادئ والمنطلقات الأساسية.
* أحدثت الثورات العربية “الربيع العربي” بدءاً من نهاية عام 2010، تحولاً جذرياً في البيئة الإقليمية للسياسة الإيرانية تجاه دول مجلس التعاون الخليجي. وعلى الرغم من أن هذه الثورات قد أطاحت ببعض الأنظمة العربية الموالية للولايات المتحدة والقريبة من إسرائيل والمعادية لإيران، ورتبت ضغوطاَ سياسية على الكثير من أنظمة الحكم في دول مجلس التعاون عبر تشجيعها للأقليات الشيعية فيها على المطالبة بالمزيد من الحقوق وإثارتها لقضية الإصلاح السياسي بشكل عام، فإنها في المجمل العام سبّبت أزمة إقليمية معقدة لإيران؛ حيث وصلت إلى سوريا وهددت أهم حلفائها الإقليميين وهو نظام بشار الأسد، ووضعتها في اختبار صعب بين مصالحها وشعاراتها الأيدولوجية، ونالت من شعبيتها وجاذبية نموذجها السياسي- الثوري في المحيط العربي، خاصة في ظل الصبغة الطائفية التي صبغت موقفها من هذه الثورات، وانطوت على صعود سياسي لقوى لها مواقفها السلبية تجاهها وتجاه الشيعة بشكل عام، مثل السلفيين.
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية