بينما نشر الناجون من مجزرة شارلي إيبدو نسخة غير مسبوقة بـ3 ملايين طبعة من المجلة الساخرة الأربعاء، العديد من الأسئلة ظلت بدون إجابات، محيطة بالهجمات التي خلفت 17 قتيلًا في باريس الأسبوع الماضي.
بعد قتل 10 صحفيين ورجلي شرطة، قالت الأنباء إن الأخوين شريف وسعيد كواشي كانا يعملان لصالح فرع القاعدة في اليمن، أو ما يسمى “بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية“.
أميدي كوليبالي، الذي قتل أربعة خلال السيطرة على سوبرماركت في باريس، وقتل شرطية، ادعى في مقطع تداولته وسائل الإعلام الاجتماعي أنه بايع داعش، المعروفة كذلك بالدولة الإسلامية.
1- هل تظهر الهجمات أن القاعدة وداعش تعملان معًا؟
الرابط بين المسلحين الثلاثة يرجع على الأقل إلى 2005، عندما أظهر سجل لمحكمة فرنسية أن كوليبالي وشريف كواشي سجنا معًا.
يعتقد المسؤولون كذلك أن الأخوان كواشي سافرا إلى اليمن في 2011، وأنه قد تكون بينهماعلاقة وبين زعيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أنور العولقي، الذي قتل بهجمات طائرة أمريكية دون طيار في ذلك العام.
ولكن، بينما ادعتا المجموعتان المختلفتان بمسؤوليتهما عن هجمات باريس، فإن الخبراء يقولون إن هذا لا يعني بالضرورة أنها كنت محاولة ارتباط بين القاعدة وداعش.
تشارلي وينتر، باحث في مركز دراسات مكافحة التطرف “قويليام”، قال إن العلاقات بين القاعدة في شبه الجزيرة العربية وداعش “لم تكن أسوأ من هذه الفترات أبدًا؛ إذ نشر العدد الأخير من مجلة دابق (المجلة الإعلامية لداعش) في 30 كانون الأول/ديسمبر، قبل هجمات باريس مقالتين هاجمتا القاعدة في شبه الجزيرة مباشرة، وقد ينظر لها -كجهادي- على أنها هجومية. هذه المقالات أتت ردًا على بيانات من علماء القاعدة في شبه الجزيرة العربية يقولون إن الخلافة غير شرعية وإن زعيم داعش البغدادي “مصدر تحريض”. الفكرة أن عملهم معًا بعدها، إن كان ممكنًا، لا يبدو محتملًا“.
كلين واتس من معهد أبحاث السياسة الخارجية، قال إن ما بعد الهجمات جعل من المنطقي النظر لها على أنها “مشتبكة”، متسائلًا: “كيف يمكن أن نفهم أن الأخوين المرتبطين بقاعدة شبه الجزيرة العربية وشابًا معجبًا بداعش أتوا معًا إلى باريس؟ الأخوان كواشي وكوليبالي عرفوا بعضهم قبل انقسام داعش والقاعدة، وكلهم ألهموا بخليط من كلا التنظيمين، لكن أن يكونا موجهين مباشرة في كل تصرفاتهم المتتابعة لا يبدو واردًا“.
2- هل كان مسلحو باريس يوجهون من كهف في الشرق الأوسط؟
من الوارد أكثر، بحسب وينتر، أن أي تواصلات بين المسلحين وقاعدة بلاد الشام أو داعش ضعيفة للغاية.
قال وينتر إن الأدلة تشير إلى حقيقة أن الفيديو الذي تبنى به كوليبالي علاقته بداعش لم يظهر من الآلة الإعلامية المركزية للتنظيم، مضيفًا “يبدو أنه صنع من قبل شخص هاو؛ الموسيقى والخط المستخدم والكلمات في البداية تبدو بوضوح غير متلائمة مع شكل داعش الاعتيادي. يبدو أن كوليبالي لا يملك تواصلًا مباشرًا مع وحدة إعلام التنظيم الرئيسة، ويبدو أنه لا يملك خطًا مع القيادة أيضًا“.
وينتر، قال إنه بينما لا تزال هناك بعض المجاهيل، فمن شبه الأكيد أن هجمات باريس لم تكن الهجوم التنسيق الأول بين قاعدة شبه الجزيرة وداعش، والذي يتم ترتيبه عبر وسطاء حول العالم، مضيفًا أن كلا طرفي الانقسام الجهادي كانا متردديين حول التقدم لتبني الهجوم.
وأضاف وينتر أن “مستخدمي تويتر الجهاديين كانوا سريعين جدًا بإلقاء صور معدلة تحت عبارة “باريس تحترق” أو “المسلمون ينتقمون”، ولكن حتى بالإعلام الذي أتى من المصادر الرسمية كانوا غير مباشرين بخطابهم حول تبني الهجمات. الكثير من العوامل تشير معًا إلى أنهم ثلاثة شباب كانوا جهاديين، إرهابيين، أرادوا تضخيم إرهابهم بنسبه لحراك أكبر“.
إيريك هولدر، النائب العام الأمريكي، اقترح أن الهجمات لم ينظر لها من الأجهزة الأمنية الأمريكية على أنها جزء من منظومة متطرفة أكبر؛ إذ إنها “بصراحة شيء يبقيني مستيقظًا بالليل قلقًا من الذئب الوحيد أو المجموعة الصغيرة التي تقرر الحصول على أسلحة لها وفعل ما رأته في فرنسا هذا الأسبوع“، بحسب قوله.
3- هل التهديد من الشبكة الجهادية في باريس لا زال قائمًا؟
الشرطة الفرنسية، قالت إن ما يقارب الستة أعضاء من الشبكة الجهادية التي ضمت الأخوين وكوليبالي قد يكونون أحرارًا، منهم رجل شوهد يقود سيارة مسجلة باسم أرملة الأخير، حياد بومدين.
صباح الثلاثاء، وظفت البلاد 30 ألف جندي لحماية المواقع الحساسة، بما في ذلك المدارس والأحياء اليهودية، بينما قال رئيس الوزراء مانويل فالز إن صيد بقية الخلية أمر عاجل؛ لأن “التهديد لا زال قائمًا“.
مسؤولان شرطة أخبرا وكالة الأسوشيتد برس أن السلطات كانت تبحث في منطقة باريس عن سيارة الميني كوبر المسجلة باسم بومدين، الذين قال المسؤولون الأتراك إنها هربت الآن إلى سوريا.
أحد هؤلاء المسؤولين قال إن الخلية مكونة من حوالي 10 أعضاء، وإن “خمسة أو ستة منهم لا زالوا أحرارًا“، بينما قال الآخر إنها مكونة من حوالي ثمانية أشخاص، بينهم بومدين.
4- أين الهدف القادم؟
أثناء حديثه على برنامج على قناة CBS الأمريكية، قال هولدر إنه يعتقد أن “احتمالية هجمات كهذه موجودة في الولايات المتحدة“.
أثناء ذلك، الأجهزة الأمنية البريطانية وضعت على مستوى “أمني عال” بعد “ثرثرة” على الإنترنت بين جهاديين يناقشون خططًا لقتل شرطة وجنود وعاملين في الاستخبارات في بريطانيا.
بحسب جريدة التايمز، من المعتقد أن المتطرفين يريدون إعادة عملية قتل جيمس فولي وديفيد هاينز وآلان هيننج والرهائن الآخرين العام الماضي، من خلال اختطاف هدف ووضع مقطع لموته على الإنترنت.
الفاتيكان تحركت للتهوين من تقارير الإعلام الإيطالي أنها هدف متوقع مناسب لهجمات شبيهة بهجمات باريس. بعد أن استنكر البابا الهجمات، نقلت صحيفة “لا ريبليكا” و”كورير ديلا سيرا” وصحف أخرى أن الجواسيس تلقوا معلومات استخباراتية بخطر أمني يحيق بالكرسي الرسولي في الفاتيكان.
الناطق الرسمي باسم الفاتيكان الأب فيدريكو لمبادري، قال إنه “بينما استمرت التواصلات العادية بين الأجهزة الأمنية، فإن المسؤولين حول البابا لم يتلقوا تفاصيل واضحة ومحددة” مرتبطة بهجوم.
5- هل كان يمكن للسلطات الفرنسية تجنب الهجمات؟
فالز، اعترف أنه كانت هناك فجوات في الأمن الفرنسي بما يخص الهجمات، قائلًا: “عندما يكون لديك 17 قتيلًا، بالتأكيد لديك فشل. نحن نواجه ظاهرة على مستوى غير مسبوق“.
المسلحون الثلاثة كانوا معروفين للشرطة وكانوا تحت المراقبة في مرحلة ما في الماضي، ولكن قاضي تحقيق سابق قاد عمليات مكافحة الإرهاب، قال إن العدد الكامل للمشتبه بهم جعل من المستحيل إبقاؤهم تحت التعقب.
القاضي جين لويس بروجير، أخبر التليجراف أنه “يتطلب 20 شرطيًا لإبقاء مشتبه به واحد تحت المراقبة مدة 24 ساعة باليوم“.
قائد الشرطة الوطنية جين مارك فالكوني، قال إنه فخور بطريقة تعامل القوات الخاصة والشرطة مع أزمة الرهائن في متجر باريس وعمليات التعقب التي قامت بها لآثار الأخوين كواشي في شمال فرنسا، قائلًا لقناة BMF: “عندما أدركنا أن كل المفاوضات غير مثمرة، قررنا أنه علينا التدخل لإنقاذ الرهائن. الهجوم لم يخلف قتلى أو جرحى للرهائن“، في إشارة لعملية قتل الأخوين كواشي.
6- هل ستترك الهجمات أثرًا دائمًا على أمن بريطانيا؟
بينما أمرت الشرطة الفرنسية بأن لا ترتدي لباسًا رسميًا خارج أوقات الدوام، نصح الشرطة والجنود في بريطانيا بأن يظلوا حذرين.
يوم الاثنين، أجرى ديفيد كاميرون لقاء أمنيًا في شارع داوننج لمناقشة الخطر لبريطانيا، متفحصًا استعدادات القوات الأمنية الفرنسية لهجمات مشابهة.
ناطق رسمي باسم شارع داوننج، قال إن الوكالات تجري بانتظام تدريبات عسكرية لاختبار استجابتها لهجمات إرهابية، بما في ذلك السيناريوهات المشابهة لأحداث باريس.
ديفيد كاميرون وتيريسا ماي استخدما هجمات باريس كذلك للحث على مزيد من السلطات للمراقبة، من خلال استعادة مسودة وثيقة بيانات الاتصالات المتروكة، التي كانت تسمى بـ”وثيقة المتلصصين (Snoopers’ chart)”.
قال كاميرون إن “الهجمات في باريس عرضت حجم التهديد الذي نواجهه والحاجة لامتلاك سلطات قوية من خلال وكالاتنا الأمنية والاستخباراتية للحفاظ على أمن شعبنا”.
نقلا عن التقرير
http://altagreer.com/%D8%B3%D8%AA%D8%A9-%D8%A3%D8%B3%D8%A6%D9%84%D8%A9-%D8%B8%D9%87%D8%B1%D8%AA-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D9%87%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%AA-%D8%B4%D8%A7%D8%B1%D9%84%D9%8A-%D8%A5%D9%8A%D8%A8%D8%AF%D9%88/