تقوم الولايات المتحدة الأميركية بتحركات حثيثة في منطقة الشرق الأوسط لتسجيل نقاط لها عبر المزيد من محاصرة تنظيم الدولة الإسلامية، الأمر الذي جعلها تقوم بتسليح منتظم للجيش اللبناني لضمان عدم استعمال لبنان ممرا لوصول داعش إلى البحر المتوسط.
لكن، حسب بعض المراقبين، الجهود العسكرية الأميركية لصالح الجيش في لبنان ليس لها معنى حقيقي وميداني باعتبار وجود حزب الله مسيطرا على قطاع واسع من الجنوب وتصدير مقاتليه إلى سوريا لمزيد تعقيد الوضع.
فقد سلمت الولايات المتحدة 50 مدرعة عسكرية و40 قطعة مدفعية و50 قاذفة قنابل للجيش اللبناني الثلاثاء في إطار جهودها لدعم قدرات لبنان في مواجهة تهديد الجماعات المتطرفة في سوريا المجاورة التي تمزقها حرب ضروس.
وقالت السفيرة الأميركية في بيروت إليزابيث ريتشارد أثناء حفل التسليم للجيش اللبناني إن هذا العتاد الذي تُقدر قيمته بنحو 50 مليون دولار يأتي في إطار حزمة مساعدات بلغت حاليا نحو 220 مليون دولار منذ بداية العام الأمر الذي يجعل لبنان خامس أكبر متلق للمساعدات العسكرية الأميركية.
وأضافت السفيرة الأميركية أن “هذه السنة فقط قدمت واشنطن ما قيمته 221 مليون دولار في صورة معدات وتدريب لقوى الأمن اللبنانية”، مضيفة “أود أن أُشير هنا أيضا إلى أن لبنان هو خامس أكبر متلق في العالم للتمويل العسكري الأميركي للدول الأجنبية عالميا وهذا يدل على مدى التزامنا هنا، وما نفعله اليوم هو أننا نستقبل حمولة سفينة كاملة من المعدات التي ستساعد القوات اللبنانية في محاربة المتطرفين والدفاع عن حدود لبنان”.
وأضافت ريتشارد أن “ما لدينا هنا بالفعل هو معدات بقيمة نحو 50 مليون دولار تشمل 50 سيارة همفي و40 مدفع هاوتزر و50 قاذفة قنابل وما يزيد على ألف طن من الذخائر، أيها السيدات والسادة أود أن أقول إن هذه شراكة مستوحاة من تفاني وإصرار الجنود اللبنانيين، فهم أناس عاديون يخرجون يوميا واضعين أرواحهم على أكفهم من أجل الدفاع عن الشعب اللبناني والبلاد، ونحن معجبون كثيرا أيضا بخطط قادة القوات المسلحة اللبنانية ومدى تفكيرهم بالفعل في ما يحتاجونه لتحقيق النجاح وحاولنا الاستجابة لهم سريعا بكل ما في وسعنا”.
وكثيرا ما يستعر القتال بين تنظيم الدولة الإسلامية وجماعات متشددة أخرى في سوريا في المناطق الجبلية على طول الحدود الشمالية للبنان ويمتد العنف بين الحين والآخر عبر الحدود، حيث استهدف ثمانية انتحاريين من تنظيم الدولة الإسلامية قرية مسيحية في لبنان قرب الحدود السورية الشهر الماضي مما أسفر عن مقتل خمسة وأثار مخاوف من وقوع المزيد من الهجمات. ويشن مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية وغيره من الجماعات أيضا غارات كثيرة عبر الحدود سيئة الترسيم حول بلدة عرسال في شمال لبنان والتي اجتاحها المتشددون لفترة وجيزة عام 2014 قبل أن يطردهم الجيش.
ويسبب هذا الواقع الأمني المعقد تشتتا في تركيز الأجهزة الأمنية على الحدود من جهة الشرق من ناحية وعلى الوضع الأمني الداخلي الذي يمثل حزب الله أحد أهم عناصر تهديده من ناحية أخرى، بطريقة تجعل من الخطوات الأميركية في تسليح الجيش اللبناني مجرد خطوات لتهدئة وضع قابل للانفجار في أي وقت وفق الشروط التي يمليها الوضع القائم في سوريا وقرار ميليشيات النظام والجيش السوري وحزب الله إنهاء حالة “الانضباط” والتحول إلى عصابات في الشوارع السورية واللبنانية.
وفي ظل الضعف الذي تعانيه حكومة لبنان، تقدم عدة دول الدعم للقوات المسلحة اللبنانية باعتبارها حصنا ضد زعزعة الاستقرار في بلد يشكل اللاجئون السوريون ربع عدد سكانه، ولكن بعض الدول تفطنت إلى أن دعم الجيش لحماية الحدود ليس سوى دعم غير مباشر لحزب الله حتى يتمكن من التفرغ لدعم نظام الأسد في دمشق، وهذا ما يحدث ميدانيا.
وعلقت السعودية هذا العام مساعدات قدرها ثلاثة مليارات دولار لقوات الأمن اللبنانية بسبب ما تراه تزايدا في التقارب بين بيروت وإيران، ويوما ما كانت سوريا تتحكم في مقاليد الأمور في لبنان التي شهدت حربا أهلية استمرت 15 عاما من 1975 حتى 1990. ويقاتل حزب الله اللبناني المدعوم من إيران منذ عام 2013 إلى جانب القوات الحكومية في الحرب الأهلية السورية.
صحيفة العرب اللندنية