في الفترة الأخيرة، استهدفت الطائرات العسكرية الروسية مواقع الثوار في حلب وأماكن أخرى في سورية. وليس هناك الكثير مما هو جديد في ذلك -سوى أن الكرملين سجل نقطة لدى إعلانه أن القاذفات تطير من قاعدة جوية في غرب إيران.
تشكل هذه الجولة الجديدة من طلعات القصف إشارة أخرى إلى أن موسكو وطهران تقومان بتعزيز علاقتهما الاستراتيجية بعد اتفاق أوباما النووي مع إيران. ويأتي ذلك في أعقاب قرار الكرملين في العام الماضي بيع نظام “أس-300” الصاروخي للملالي، على الرغم من وعوده السابقة بحجب صواريخ أرض-جو عنهم. وفي تعليقه على الحدث الأخير، قال لنا الجنرال الروسي المتقاعد يفغيني بوزينسكي في مقابلة عن طريق الهاتف: “أعتقد أن التعاون بين إيران وروسيا يتنامى، ويأتي التعاون العسكري على رأس القائمة”.
كان الدافع المباشر وراء الضربات العسكرية الروسية-الإيرانية الأخيرة في سورية هو الرد على المكاسب الأخيرة التي حققتها المعارضة في حلب. وكانت قوات بوتين والأسد قد ضربت حصاراً منذ أسابيع عدة على نحو 300.000 شخص من المتبقين في شرق حلب، وقطعت طرق الإمداد عن المناطق التي يسيطر عليها الثوار، بينما قام الروس بقصف المدنيين من الجو.
وفي المقابل، اقتصر رد الفعل الغربي على مناشدة الكرملين من أجل إقرار فترات وقف أطول لإطلاق النار للسماح بمرور الطعام والدواء إلى السكان المحاصرين. لكن تحالف “جيش الفتح” الذي يضم فرع تنظيم القاعدة السوري الذي يقاتل إلى جانب قوات علمانية وقوات إسلامية أكثر اعتدالاً، قام في وقت سابق من هذا الشهر بشق طريق من خلال الحصار السوري-الروسي، وأعاد فتح طرق الإمدادات إلى المدنيين المحاصرين.
تشكل المكاسب الأخيرة التي حققتها المعارضة تذكيراً في سورية جديداً بمكامن ضعف جيش الأسد. فهو يتكون من قوة محبطة المعنويات، بعدد قليل لا يتجاوز 20.000 جندي جاهز للقتال. ولم يكن هذا الجيش قادراً على استعادة السيطرة على حلب على الرغم من الغطاء الجوي الذي وفره بوتين، والدعم البري من إيران ووكيلها حزب الله.
مع ذلك، يتعهد الأسد باستعادة كل شبر من سورية، وتقول المعارضة إنها ملتزمة بتحقيق الهدف نفسه. وما لم يحدث تغيير لميزان القوى، مثل إقامة منطقة يشرف عليها الغرب لحظر الطيران، والتي تجبر طياري الأسد على البقاء رابضين على الأرض، فإن الجمود الدموي الراهن سوف يستمر. وكذلك أيضاً ستفعل الحرب الأهلية السورية -ومعها عدم الاستقرار القابل للانتشار، وتدفقات اللاجئين وفراغات السلطة التي يملؤها الجهاديون.
ربما يناسب واقع كهذا مصالح المتطفلين الروس والإيرانيين الذين سيذرفون القليل من الدموع على المعاناة الإنسانية في مدينة حلب بينما يقومون بتوسيع نفوذهم في بلاد الشام. أما كيف سيفيد ذلك مصالح الولايات المتحدة أو يعزز القيم الغربية، فهي أسئلة يترتب على الرئيس الأميركي المقبل أن ينظر فيها.
ترجمة: علاء الدين أبو زينة
صحيفة الغد