تبدو معادلة من «يسيطر على النفط يسيطرعلى ليبيا» واقعية تماماً اليوم، كما كانت في كل يوم. لذا ما أن تمكن الجنرال خليفة حفتر من نشر قواته حول الهلال النفطي، حتى شن أنصار حكومة السراج في طرابلس هجوماً مضاداً من أجل التحكم في الموانئ النفطية، وبالتالي فرض إرادتها على كامل الأراضي الليبية.
لا بد من التذكير في هذا السياق أن حفتر كان يسيطر على الموانئ النفطية من خلال اتفاق أبرمه مع إبراهيم جضران حارس الموانئ عبر ميليشيا خاصة، لكن هذا الأخير اعلن ولاءه لحكومة السراج في طرابلس، الأمر الذي دفع الجنرال حفتر لإقصائه والسيطرة على الهلال النفطي.
ولا بد من التذكير أيضاً بأن الدول الغربية وفرت الدعم الكامل لحكومة السراج التي عقدت تفاهمات مع حركة «فجر ليبيا»، و«الإخوان المسلمين»، فضلاَ عن مقاتلي مصراتة، أي مع كل الأطراف التي تناصب حفتر العداء. وكان السراج يتوقع أن يستسلم هذا الأخير للإرادة الدولية، وأن ينخرط في المشروع الذي يقوده السراج، الذي يحظى بتغطية دولية واسعة، بيد انه خالف الجميع وتلقى دعماً عربياً.
والراجح أن المصالح العربية وبعض الأجنبية، تكمن في انبثاق حكومة ليبية علمانية مكافحة للإسلام السياسي، بخاصة الإخوان المسلمين. فضلاً عن تطلع الغربيين للإفادة من الثروة النفطية التي يديرها عسكري يحفظ الأمن ويضمن المصالح الدولية.
ولم تمارس القوى الخارجية المؤيدة لحفتر الحرب بالنظارات، فقد تم تزويده بالأسلحة والذخائر. في حين أظهر مقتل 3 جنود فرنسيين في شرق ليبيا إلى جانب قوات حفتر في يوليو/تموز الماضي أن فرنسا وسعت نطاق عملياتها ضد «داعش» نحو الأراضي الليبية» ومن غير المستبعد أن يكون الرهان على انبثاق سلطة في ليبيا بزعامة حفتر.
أما الإشارة إلى البيان الدولي الذي وقعته فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وأمريكا وألمانيا، والذي يدعو حفتر إلى تسليم الموانئ النفطية لحكومة السراج، هذا البيان يتناقض مع الدعم الفرنسي والدولي لحفتر ظاهرياً، لكن في الواقع يبدو أن هذه الدول الغربية تلعب لعبة مزدوجة في هذا البلد، فتؤيد الشرعية الليبية التي خلقتها، وتؤيد في الآن معاً شرعية الشرق الليبي التي ساهمت في القضاء على الإسلاميين في درنة وفي بنغازي. وهنا لا بد من التوسع بإضافة روسيا والصين اللتين تدعمان حفتر بعيداً عن ميليشيات مصراتة وطرابلس.
يفصح ما سبق عن انبثاق شرعيتين، ومركزي قوة أساسيين. الأول في الشرق ويعبر عنه برلمان طبرق المعترف به دولياً، ويمتلك هذا المحور الجيش الرسمي والنفط حتى إشعار آخر، وتأييداً واسعاً من القبائل ويسيطر على اكثر من نصف ليبيا، كما انه يملك تأييداً غربياً وبعض التأييد العربي، وبعض الشرعية الدولية.
المركز الثاني يتمثل بحكومة الرئيس فايز السراج التي تتمتع هي أيضاً بشرعية دولية ناجمة عن مخرجات الحوار الوطني الليبي في الصخيرات، وتسيطر على العاصمة طرابلس إلى حد بعيد، وتحظى بتأييد من مراكز القوى في مصراتة وحركة فجر ليبيا والإخوان المسلمين، بطبيعة الحال، لكن الجيش الليبي لا يطيعها وتفتقر إلى الشرعية البرلمانية. إذ كان عليها أن تتقدم لنيل الثقة من برلمان طبرق المنتخب لكنها امتنعت حتى الآن. وتتمتع بتأييد من بعض قبائل الغرب الليبي.
إن اشتباك الطرفين حول الهلال النفطي يعني شيئاً واحداً هو التحكم في اقتصاد البلاد وفي حكومتها، وبالتالي استبعاد الحل التفاوضي، الأمر الذي يضع البلاد أمام الاحتمالات التالية:
أولاً: الانخراط في صراع مسلح طويل الأمد، ينهك الطرفين، ويبدد اقتصاد البلاد، ويوسع إطار الفوضى فيها، وبالتالي يمهد الطريق أمام تدخلات خارجية.
ثانياً: أن تبادر الدول الغربية وروسيا إلى دعوة الطرفين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وبالتالي تقاسم السلطة والثروة بطرق عادلة، ومن دون سيطرة طرف على طرف آخر، لكن هذا الاحتمال يبدو ضعيفاً في ضوء الظروف الراهنة.
ثالثاً: أن ينتهي النزاع المسلح بغلبة طرف، وخضوعه عسكرياً للطرف الآخر، والقبول بشروطه.
رابعاً: أن يفضي الصراع إلى تقسيم واقعي على الأرض إلى ثلاثة أقاليم، هي الأقاليم الطبيعية لليبيا يستقل كل منها بموارده وأرضه.
خامساً: أن يقتنع «الإخوان» بأن من الصعب عليهم حكم ليبيا، كما كان من الصعب على رفاقهم حكم مصر وتونس، وأن يسيروا على نهج راشد الغنوشي الذي اكتفى بحصة متواضعة من سلطة كان يقبض على مكوناتها الأساسية.
لا بد من التذكير في هذا السياق أن حفتر كان يسيطر على الموانئ النفطية من خلال اتفاق أبرمه مع إبراهيم جضران حارس الموانئ عبر ميليشيا خاصة، لكن هذا الأخير اعلن ولاءه لحكومة السراج في طرابلس، الأمر الذي دفع الجنرال حفتر لإقصائه والسيطرة على الهلال النفطي.
ولا بد من التذكير أيضاً بأن الدول الغربية وفرت الدعم الكامل لحكومة السراج التي عقدت تفاهمات مع حركة «فجر ليبيا»، و«الإخوان المسلمين»، فضلاَ عن مقاتلي مصراتة، أي مع كل الأطراف التي تناصب حفتر العداء. وكان السراج يتوقع أن يستسلم هذا الأخير للإرادة الدولية، وأن ينخرط في المشروع الذي يقوده السراج، الذي يحظى بتغطية دولية واسعة، بيد انه خالف الجميع وتلقى دعماً عربياً.
والراجح أن المصالح العربية وبعض الأجنبية، تكمن في انبثاق حكومة ليبية علمانية مكافحة للإسلام السياسي، بخاصة الإخوان المسلمين. فضلاً عن تطلع الغربيين للإفادة من الثروة النفطية التي يديرها عسكري يحفظ الأمن ويضمن المصالح الدولية.
ولم تمارس القوى الخارجية المؤيدة لحفتر الحرب بالنظارات، فقد تم تزويده بالأسلحة والذخائر. في حين أظهر مقتل 3 جنود فرنسيين في شرق ليبيا إلى جانب قوات حفتر في يوليو/تموز الماضي أن فرنسا وسعت نطاق عملياتها ضد «داعش» نحو الأراضي الليبية» ومن غير المستبعد أن يكون الرهان على انبثاق سلطة في ليبيا بزعامة حفتر.
أما الإشارة إلى البيان الدولي الذي وقعته فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وأمريكا وألمانيا، والذي يدعو حفتر إلى تسليم الموانئ النفطية لحكومة السراج، هذا البيان يتناقض مع الدعم الفرنسي والدولي لحفتر ظاهرياً، لكن في الواقع يبدو أن هذه الدول الغربية تلعب لعبة مزدوجة في هذا البلد، فتؤيد الشرعية الليبية التي خلقتها، وتؤيد في الآن معاً شرعية الشرق الليبي التي ساهمت في القضاء على الإسلاميين في درنة وفي بنغازي. وهنا لا بد من التوسع بإضافة روسيا والصين اللتين تدعمان حفتر بعيداً عن ميليشيات مصراتة وطرابلس.
يفصح ما سبق عن انبثاق شرعيتين، ومركزي قوة أساسيين. الأول في الشرق ويعبر عنه برلمان طبرق المعترف به دولياً، ويمتلك هذا المحور الجيش الرسمي والنفط حتى إشعار آخر، وتأييداً واسعاً من القبائل ويسيطر على اكثر من نصف ليبيا، كما انه يملك تأييداً غربياً وبعض التأييد العربي، وبعض الشرعية الدولية.
المركز الثاني يتمثل بحكومة الرئيس فايز السراج التي تتمتع هي أيضاً بشرعية دولية ناجمة عن مخرجات الحوار الوطني الليبي في الصخيرات، وتسيطر على العاصمة طرابلس إلى حد بعيد، وتحظى بتأييد من مراكز القوى في مصراتة وحركة فجر ليبيا والإخوان المسلمين، بطبيعة الحال، لكن الجيش الليبي لا يطيعها وتفتقر إلى الشرعية البرلمانية. إذ كان عليها أن تتقدم لنيل الثقة من برلمان طبرق المنتخب لكنها امتنعت حتى الآن. وتتمتع بتأييد من بعض قبائل الغرب الليبي.
إن اشتباك الطرفين حول الهلال النفطي يعني شيئاً واحداً هو التحكم في اقتصاد البلاد وفي حكومتها، وبالتالي استبعاد الحل التفاوضي، الأمر الذي يضع البلاد أمام الاحتمالات التالية:
أولاً: الانخراط في صراع مسلح طويل الأمد، ينهك الطرفين، ويبدد اقتصاد البلاد، ويوسع إطار الفوضى فيها، وبالتالي يمهد الطريق أمام تدخلات خارجية.
ثانياً: أن تبادر الدول الغربية وروسيا إلى دعوة الطرفين إلى الجلوس على طاولة المفاوضات لتشكيل حكومة وحدة وطنية. وبالتالي تقاسم السلطة والثروة بطرق عادلة، ومن دون سيطرة طرف على طرف آخر، لكن هذا الاحتمال يبدو ضعيفاً في ضوء الظروف الراهنة.
ثالثاً: أن ينتهي النزاع المسلح بغلبة طرف، وخضوعه عسكرياً للطرف الآخر، والقبول بشروطه.
رابعاً: أن يفضي الصراع إلى تقسيم واقعي على الأرض إلى ثلاثة أقاليم، هي الأقاليم الطبيعية لليبيا يستقل كل منها بموارده وأرضه.
خامساً: أن يقتنع «الإخوان» بأن من الصعب عليهم حكم ليبيا، كما كان من الصعب على رفاقهم حكم مصر وتونس، وأن يسيروا على نهج راشد الغنوشي الذي اكتفى بحصة متواضعة من سلطة كان يقبض على مكوناتها الأساسية.
فيصل جلول
صحيفة الخليج