كشف مسؤولون روس، الأربعاء، أن الرئيس فلاديمير بوتين سيقوم بزيارة الشهر المقبل إلى أنقرة، في خطوة غير متوقعة.
ونقلت وكالة أنباء “تاس″ الروسية عن ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الرئاسة الروسية (الكريملين) قوله إن “الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتزم زيارة تركيا في شهر أكتوبر القادم”.
وأضاف “إننا لا نستبعد هذا الاحتمال، وعندما يتم الانتهاء من كافة الاستعدادات، سوف نصدر إعلانا في هذا الشأن”.
وكان رفعت حصارجيك أوغلو، رئيس الغرف والبورصات التركية، قد رجح قبل ذلك بساعات خلال مؤتمر صحافي عقب لقائه بمساعد وزير الاقتصاد والتنمية الروسية، ألكسي ليكاشيف في موسكو أن يجري بوتين، زيارة رسمية إلى العاصمة التركية في أكتوبر.
وأوضح أنه من المتوقع أن يناقش بوتين مع المسؤولين الأتراك خلال زيارته، مشروع خط أنابيب السيل التركي الهادف لنقل الغاز الطبيعي الروسي إلى دول أوروبا عبر الأراضي التركية.
ويقول محللون إن هذه الخطوة تعكس أن الرئيس رجب طيب أردوغان في موقف ضعيف حيال قضايا الشرق الوسط، وهو في حاجة إلى روسيا “القوية”، التي أصبح لديها ما يمكنها على حل الكثير من الصراعات في المنطقة رغم الحظر الغربي المفروض عليها.
ومعظم الحديث الدائر حاليا حول الهدف من الزيارة يرتبط بمواضيع إقليمية، لكن الأصل أن أولوية الطرفين الآن إعادة تطبيع العلاقات الثنائية بشكل كامل. فأنقرة تسعى إلى إعادة العلاقات سريعا إلى مستوى أكبر مما كان عليه الأمر قبل إسقاط الطائرة الروسية.
ويبدو أن بوتين سيركز أكثر على تبادل وجهات النظر في ما يتعلق بحجم الانفتاح وسرعته والزخم المطلوب لاستعادة العلاقات مع تركيا، فهناك مصلحة روسية في إطالة هذه الفترة قدر المستطاع لتحصيل أكبر قدر من المكاسب السياسية في وجه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من بوابة حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وفي المقابل، يطمح الأتراك إلى أن يؤدي التقارب على المستوى الثنائي إلى إزالة عوامل التوتر، وبالتالي تهيئة الأجواء أمام إمكانية بحث المواضيع الإقليمية الشائكة في سياق غير متشنج يسوده تفهم مصالح الجانب التركي، لا سيما المتعلق منها بالأمن القومي.
ويرجح الكثير من المتابعين أن المدخل نحو إنجاح هذه المعادلة الصعبة سيكون من خلال تعزيز التعاون العسكري والأمني وتبادل المعلومات.
وكان الرئيس الروسي قد استقبل أردوغان مطلع الشهر الماضي في سان بطرسبورغ، بعد أشهر من القطيعة على خليفة إسقاط الدفاعات التركية طائرة روسية العام الماضي في الأجواء السورية.
واستقبل بوتين نظيره التركي وسط تغطية إعلامية كبيرة، حيث شدد حينها على الرغبة الروسية التركية في إعادة الحوار والعلاقات الثنائية، عقب أزمة دبلوماسية استمرت تسعة أشهر.
وقال الرئيس بوتين، الذي كان من أوائل الزعماء الذين اتصلوا بأردوغان بعد محاولة الانقلاب الفاشل منتصف يوليو الماضي، إن هذه الزيارة “تؤكد أننا جميعا نريد إعادة الحوار والعلاقات من أجـل صالح الشعبين الروسي والتركي”.
ومع أن اللقاء لم يثمر أكثر من عهود الصداقة ووعود التعاون، إلا أن رمزية اللقاء الذي جمع بين عدوين لدودين في الماضي وأجلسهما سوية في محادثة ودية، قرعت نواقيس الخطر في العواصم الغربية.
ويأتي هذا القلق نظرا لكون تركيا عضوا في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ولها دور حساس ومهم في مساعي أوروبا لوقف تدفق اللاجئين من سوريا وأفغانستان، وكذلك في محاربة التنظيمات الإرهابية.
ويراقب البيت الأبيض عودة العلاقات التركية الروسية، دون أن يعبر علنا عن أي قلق أو انزعاج، لكن مصادر أميركية تقول إن موقف الإدارة الأميركية من اللقاء المرتقب لا يغير أيا من حسابات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أو في أوروبا.
صحيفة العرب اللندنية