شنّ تنظيم داعش يوم الجمعة الماضي العديد من الاعتداءات في مناطق متفرقة من محافظة كركوك تمكن خلالها من الوصول إلى مواقع حكومية واقتصادية مهمة جنوب المحافظة وشمالها. وقد نفّد داعش عبر مجموعة من الانتحاريين اعتداءات متفرقة ضد قوات الأمن وأوقع عددا من القتلى والجرحى في هذه الاعتداءات. ومن جانبه أكد مجلس أمن إقليم كوردستان، بأن الاعتداء الذي شنه مسلحي داعش على محافظة كركوك، قد نفذ من قبل أكثر من 100 مسلح تسللو للمدينة من قضاء الحويجة الى منطقة شركة طارق جنوب كركوك، ثم تم توزيعهم بواسطة 4 عربات حمل من نوع كيا وقلاب على الأماكن التي تم استهدافها.
وقد جاء ذلك في البيان الذي أصدره مجلس أمن إقليم كوردستان في ذات يوم الاعتداء، “اراد مسلحون تابعون لداعش تنفيذ عدد من الأعمال الإرهابية في قضاء دبس وفي جنوب محافظة كركوك، إلا ان قوات الأمن والشرطة والبيشمركة وبمساندة المواطنين، قد استطاعت احباط هذا المخطط، الذي كانوا يسعون من خلاله لإحتلال بعض المناطق في جنوب كركوك، لتقليل الضغط على مسؤوليهم في مدينة الموصل”.
وأضاف البيان، بأنه “استطاعت قوات الأسايش والشرطة والبيشمركة والمتطوعين من مواطني كركوك، قتل عدد كبير من الإرهابيين في داخل وخارج كركوك، كذلك استطاعت قوات الأسايش في كركوك واربيل إلقاء القبض على بعض “الإرهابيين” المشاركين في هذه العملية وهم:
1-أكرم طه عيدان احمد الدليمي، المعروف بأبو مصطفى، الأمير الأمني في قاطع كركوك، ومشارك في هذه العملية.
2- عبدالرحمن فاضل عبدالرحمن العزي، المعروف بـ ابو محمد، المسؤول الإداري والمالي لتنظيم داعش في كركوك، مشارك ايضا في هذه العملية الإرهابية.
3- عبدالعزيز محمود عيدان الدليمي، المعروف بـ العزاوي، مشترك في العملية الأخيرة وعمل كمراقب قبل بدء العملية لتسهيل تنفيذها.
4- عبدالرحيم احمد عبدالله ياسين، المعروف بـ ابو علي، قدم المساعدات الإدارية للإرهابيين قبل تسللهم الى داخل المدينة وشارك معهم في تنفيذ العملية.
5- ليث فلاح نعمة أحمد الجبوري، المعروف بـ ابو غسان، عضو في كتيبة الإنغماسيين وشارك في تنفيذ العملية.
6- عبدالرحمن فاضل عباس محمد العبيدي، المعروف بـ أبو يحيى، قام بنقل الإنتحاريين الى قضاء دبس.
7- علي حسين احمد ابراهيم الجبوري، المعروف بـ ابو محمد، قام بإيواء الإرهابيين ونقلهم الى الأماكن المستهدفة.
8- مهند ابراهيم علي الدليمي، المعروف بـ ابو ليث، شارك في تنفيذ العملية الإرهابية وقام بنقل الإرهابيين الى مناطق قريبة من كركوك”.
وأشار البيان، بأن “التحقيقات لا تزال مستمرة مع المتهمين، وبحسب المعلومات التي حصلنا عليها، فالشخص الذي قام بالتخطيط لهذه العملية هو “مازن نزهان احمد عبدالله العبيدي الرياشي” المعروف بـ “ابو إسلام الأنصاري”، وقد تم إلقاء القبض عليه في منطقة واحد حزيران بعد إصابته من قبل المواطنين وتم تسليمه الى الأطراف الأمنية في كركوك”.
وأضاف، “لقد تمكن الإرهابيون من الإستفادة من الفراغ الأمني الموجود بين مناطق داقوق والبشير، وتمكنوا من نقل مسلحيهم من قضاء الحويجة الى منطقة شركة طارق جنوب مدينة كركوك، حيث وصل عددهم الى أكثر من 100 مسلح، ثم جرى توزيعهم بواسطة 4 عربات حمل من نوع كيا وقلاب على الأماكن التاي تم استهدافها لتنفيذ عملياتهم الإرهابية”.
هذا الاختراق الأمني ما كان ليحدث لو أن الجهات الأمنية في محافظة كركوك أخذت بعين الاعتبار التقارير الاستخبارية الصادرة عن جهاز المخابرات العراقي التي أرسلتها للجهات الأمنية في محافظة كركوك والتي تؤكد بأن تنظيم داعش الإرهابي على وشك القيام باعتداءات إرهابية داخل المحافظة. فبحسب معلومات خاصة التي حصل عليها مركز الروابط والبحوث والدراسات الاستراتيجية تفيد بأن الجهاز المخابرات الوطني العراقي أرسل “كتابين” سريين بتاريخ الخامس والسادس من تشرين الأول/أكتوبر الحالي، للجهات الأمنية في محافظة كركوك يبلغها بنية عناصر داعش الإرهابية القيام بعمليات إرهابية خلال أيام قليلة فيها، كما أبلغهما بأماكن تواجد هؤلاء الإرهابيين “حزيران، المنسية، الواسطي،قرية ناحية ليلان”، كما أشارت تلك الكتابين أيضاً إلى الأهداف محل تنفيذ داعش في المحافظة. وبهذين “الكتابين” اقترح جهاز المخابرات الوطني العراقي على الجهات الأمنية تنفيذ عمليات استباقية لمنع تنظيم داعش من القيام بعمله الارهابي إلا أنها لم تستجب لذلك المقترح.
فعلى الرغم من هذا الاختراق الأمني في محافظة كركوك إلا أنه على الجانب الآخر يعتبر انجاز لجهاز المخابرات العراقي ورئيسه مصطفى الكاظمي الذي عُين بهذا المنصب في السابع من حزيران/يونيو العام الحالي، إذ استطاع ذلك الجهاز أن يحدد أماكن تواجد عناصر داعش وأهدافهم في محافظة كركوك، كما يحسب هذا الانجاز لحيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي الذي أصاب في اختياره لهذه الشخصية.
هذا الاخفاق الأمني عمّق من استياء حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي من الأسلوب الذي ينم عن عدم الجدية في تعامل الأجهزة الأمنية مع تقارير جهاز المخابرات العراقية بشأن العمليات الارهابية لتنظيم داعش في عموم العراق، إذ أرسل هذا الجهاز العديد من التقارير السرية الدقيقة التي تنبأ بوقوع اعتداءات ارهابية لتنظيم داعش الارهابي إلا أن تلك الأجهزة لم تتعامل بكفاءة المطلوبة مع تلك التقارير لو كانت تلك الاجهزة الأمنية تعاملت معها بجدية، لأنقذت العراق والعراقيين من تلك العمليات الارهابية، فهذه الأجهزة لا تعمل كما يرغب حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي، ولا تملك من الكفاءة والمهنية التي تمتلكها حاليا جهاز المخابرات العراقي بقيادة مصطفى الكاظمي.
هذا الانتصار الذي حققه جهاز المخابرات العراقي قد يدفع إلى تأسيس قوة أمنية وقائية تابعة لجهاز المخابرات العراقي منوطة بإفشال كل أو معظم العمليات الإرهابية لتنظيم داعش في العراق، طالما الجهة المسؤولة عن حفظ أمن العراق والعراقيين عاجرة أو متعاجزة في القيام بعملها الوطني بما يليق مع تضحيات الشعب العراقي ورغبة حيدر العبادي في تحقيق اصلاحات تشمل مختلف مفاصل الدولة بما فيها الأجهزة الأمنية، فتعيين مصطفى الكاظمي من قبل حيدر العبادي في منصب رئيس جهاز المخابرات العراقي يأتي في سياق تلك الإصلاحات في أهم أجهزة الدولة على الجانب المخابراتي.
كما يعد هذا الانتصار المخابراتي لجهاز المخابرات العراقي انعكس بشكل ايجابي على مستوى الدول العربية والإقليمية والدولية بعد أن أثبت كفائه الاستخباراتية وقدرته على اختراق تنظيم داعش الارهابي، فالمخابرات العراقية في عهد سياسة الاصلاحات التي ينتهجها حيدر العبادي رئيس الوزراء العراقي، وبرئاسة مصطفى الكاظمي تسير نحو الصعود والاستباقية.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية