بلغت الجرأة بـ«حوثيي» اليمن والمخلوع صالح أن يستهدفوا بصواريخ إيران الباليستية مكة المكرمة، مهبط الوحي وقبلة مليار ونصف المليار مسلم حول المعمورة، ومأرز الإيمان والإسلام، ولهذا دلالة واحدة كبرى هي أنهم على الرغم من شعارات الإيديولوجيا التي توظف الإسلام لا يعبؤون حقاً به ولديهم الاستعداد الكامل لاستهداف أقدس المقدسات لدى المسلمين بالصواريخ. لقد استهدف انقلابيو اليمن من صالح و«الحوثي» البلد الحرام مكة في الشهر الحرام محرم، انطلاقاً من مسجد في صعدة، في انتهاكٍ صارخ لكل المحرمات الدينية. مكة المكرمة هي أكثر الأماكن قدسية في ضمير كل مسلمٍ، واستهدافها من قبل «الحوثيين» وصالح يعني أنهم بخلاف كل المسلمين، وكل العالم لا يجدون لها حرمةً تذكر.
إنهم ينضمون إلى سلسلة طويلة شاذةٍ استهدفت مكة وانتهكت الحرم، من أبرهة الحبشي الذي جاء ذكره في القرآن الكريم والذي كان أول من استهدف مكة بجيشه عام الفيل، إلى الحجاج بن يوسف الذي كان أول من ضرب مكة بالمنجنيق، ومن بعد جاء القرامطة من الإحساء وانتهكوا حرمة مكة المكرمة وسرقوا الحجر الأسود سنوات طويلة.
هذا في القديم، أما في العصر السعودي الحديث، فقد كان هنا «جماعة جهيمان»، التي انتهكت حرمة الحرم، 1997، والذي تزامنت حركته الإرهابية مع قيام ثورة الخميني، ومن بعدها انفرط عقد إرهاب إيران الموجه إلى الحرم، في الأعوام: 1987,1985,1989,1990، وغيرها من الأعوام، حيث انتهكوا بشكل متعمدٍ ومخططٍ له الحرم المكي، واستهدفوا الحجاج بشتى أنواع الإجرام والقتل، ومثلها فعلت ربيبتها «القاعدة» التي فخخت المصاحف في الحرم المكي، وكذلك فعل ربيبها الآخر تنظيم «داعش» الذي فجر في الحرم المدني في المدينة.
واليوم يكمل عملاء إيران في اليمن الحوثيون وأتباع صالح سلسلة الاعتداءات على الحرم المكي وانتهاك مقدسات المسلمين، ذلك أن إيران لا تقيم حرمة حقيقة للمشاعر المقدسة لدى المسلمين، فهي قررت بمحض إرادتها حرمان حجاجها من أداء حج هذا العام، وهي سعت من قبل لاستغلال القضية الفلسطينية، وجعلت فلسطين في أهم شعاراتها الطائفية المؤدلجة، وقد عبر صراحة عن ذلك الاستغلال هاشمي رفسنجاني في كتابه «حياتي»، وهو أمر معروف لمن تتبع تاريخ ثورة الخميني، كما أن إيران سعت من قبل ومن بعد، وبخلاف كل دول العالم الإسلامي إلى تدويل الحرمين الشريفين، في سلسلة لا تنتهي من محاولات العبث والإرهاب في أقدس مقدسات المسلمين.
استهداف مكة بالصواريخ لم يجرؤ عليه مستعمر، ولم يدر بخلد محتلٍ، ولم يتبادر إلى ذهن مختل، ولكنه كان سياسة معلنة لإيران، سياسة وضعت موضع التنفيذ، بدأت بأعمال شغب مستمرة وتفجيرات في مكة المكرمة ولن تنتهي بصواريخ «الحوثي» وصالح التي استهدفت بالأمس الحرم المكي في مكة المكرمة.
موجة الاستنكار من الدول والشعوب والأفراد المسلمين لم تصل أوجها بعد، وموجة الاستنكار الدولية لم تصل مداها بعد، هذا العمل المشين، سيظل وصمة عار كبرى، كشفت الكثير وستكشف الكثير، عن فئة طاغية باغية، ترفع الإسلام شعاراً وتستهدف بالتفجيرات والشغب ثم بالصواريخ أقدس مقدسات الإسلام وقبلة المسلمين ومهبط الوحي.
يتغنى «الحوثيون» وأتباعهم بشعارات إيران الطائفية، والتي تمثل النسخة الجديدة من التشيع الاثني عشري التي اخترعها الخميني، والتي تهدف إلى توظيف الإسلام بشتى الطرق لخدمة طموحات المشروع الإيراني التوسعية والإمبراطورية، وتصريحات مسؤوليها المتعددة توضح أنها متجهةٌ إلى مزيد من التوسع في هذه السياسة العدوانية تجاه جيرانها.
أخيراً، فإن «الحوثي» وصالح في اليمن ليسا إلا نموذجاً ذليلاً يسعى لإرضاء قادة إيران حتى ولو كان رضاهم لا يتم إلا بقصف أقدس الأقداس مكة المكرمة بالصواريخ الباليستية.
عبدالله بن بجاد العتيبي
صحيفة الاتحاد