كرس الصحافي الياباني الذي يبدو أن داعش قد قتلته يوم السبت، حياته لتسليط الضوء على محنة الأطفال في مناطق اللاجئين.
أظهر شريط فيديو يزعم أنه صدر من قبل “الدولة الإسلامية” يوم السبت، قطع رأس كينجي جوتو، وهو صحفي ياباني أسرته داعش في سوريا واحتجزته كرهينة.
وجاء مقتل جوتو بعد أسبوع واحد فقط من إعدام داعش لهارونا يوكاوا، وهو مواطن ياباني آخر سافر إلى سوريا كمقاول أمن خاص. وجاءت عمليات القتل هذه بعد أن طلبت داعش فدية بقيمة 200 مليون دولار من الحكومة اليابانية، وكذلك الإفراج عن ساجدة مبارك الريشاوي، وهي امرأة سجنت في الأردن لدورها في تفجير انتحاري وقع في العاصمة عمان عام 2005.
وقد أثار خطف جوتو الكثير من الاهتمام في اليابان. ومنذ أن أنشأ تاكو نيشيامي، وهو مخرج ياباني يعيش في نيويورك، صفحة فيسبوك بعنوان “أنا كينجي جوتو“، أي على غرار حملة “أنا تشارلي” الشعبية التي أعقبت الهجمات على مجلة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة، أعجب 25 ألف شخص بالصفحة، ونشر أكثر من ألف شخص صورًا لأنفسهم على الصفحة وهم يظهرون التضامن مع كينجي.
وكان تدفق التعاطف مع قضية جوتو أمرًا غير اعتيادي في بلد يتجنب فيه المواطنون تقليديًا التدخل أو الحديث حتى عن النزاعات الخطيرة. ولكن كينجي جوتو نفسه لم يكن مواطنًا عاديًا. كصحفي، سافر جوتو عبر البلدان التي مزقتها الحروب مثل ليبيريا، والعراق، وكوسوفو، وأنتج الأفلام الوثائقية مستخدمًا ماله الخاص، وهي الأفلام التي أظهرت الحياة اليومية في أسوأ مناطق النزاع في العالم.
وفي رسالة مؤثرة كتبها للجنة حماية الصحفيين يوم الجمعة، وصف الصحفي هيني تريكس من مجلة الإيكونوميست البريطانية نهج جوتو في تغطية الحروب، قائلًا: “بدلًا من التركيز على من هو الفائز أو الخاسر، كان جوتو يروي قصص الناس العاديين، وخاصةً الأطفال، الذين يضطرون لتحمل أهوال الصراع والمآسي المحيطة بهم. مرونتهم في تحمل هذه الأهوال كانت هي إلهامه، كما يقول. عندما كنت أسأله كيف كان يصل إلى أماكن خطرة ليعد منها تقاريره، كان يقول إنه يتبع خطى الناس العاديين الذين يخاطرون بحياتهم. إنها تبين له الطريق“.
وكما كان الحال مع موت هارونا يوكاوا الأسبوع الماضي، يبدو من المرجح أن مقتل جوتو سوف يحفز مزيدًا من الحوار الوطني في اليابان حول دور البلاد في الصراعات الخارجية.
ولكن إرث جوتو الحقيقي قد يكون بدلًا من ذلك ملهمًا لمواطنيه للاعتراف بمعاناة الإنسان في بلدان بعيدة عنهم ومحاولة التدخل في مكافحة هذه المعاناة. وفي يابان تتجه على ما يبدو إلى مزيد من الانخراط مع العالم الخارجي في السنوات المقبلة، من غير الممكن أن يكون هذا الإرث ضئيل الأهمية.
هذا، وتنبذ المادة 9 من الدستور الياباني التي صاغها مسؤولون أمريكيون خلال احتلال البلاد بعد الحرب العالمية الثانية، الحرب كحق سيادي للأمة اليابانية، وتحظر التهديد باستعمال القوة، أو استخدامها، كوسيلة لتسوية النزاعات الدولية.
وقد حافظ اليابان على سياسة “الدفاع فقط” على مدى عقود؛ إلا أن مجلس الوزراء بقيادة آبي استخدم مصطلح “الدفاع الجماعي عن النفس” في إصدار قرار العام الماضي يعيد تفسير الدستور رسميًا، ويسمح لليابان بالمشاركة في الحرب إذا ما هوجم حلفاؤها، وفي حالات أخرى.
وفي مؤتمره صحفي مؤخرًا حول أزمة الرهائن، كان آبي حريصًا على أن يقول إن: “هناك 3 حالات لممارسة الدفاع عن النفس. وفي أي من هذه الأحوال، تحتاج اليابان للحصول على القوانين الأمنية التي ستضمن سلاسة الإجراءات المضادة“. وهذا التصريح يمثل نداءً آخر لإلغاء دستور اليابان السلمي، وإنشاء جيش مستعد للتدخل في الشؤون والصراعات الخارجية.
أتلانتك – التقرير