اتفقت الدول الاعضاء بمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) يوم 30/11/2016 على خفض إنتاجها النفطي للمرة الأولى منذ ثمانية أعوام، الى 32.5 مليون برميل يوميا من مستواه الحالي البالغ 33.24 مليونا؛ لإعادة استقرار أسواق النفط الخام حول العالم، خاصة مع موافقة السعودية وإيران على تخفيض إنتاجهما، استجابة لقرار مؤتمر الجزائر9/2016.
وقد أعلن وزير الطاقة القطري (1) محمد بن صالح أن قرار المنظمة جرى اتخاذه بالإجماع، وأن الكويت وفنزويلا والجزائر ستراقب تقيد الدول بالاتفاق، مشيرا الى ان هناك اجتماعا مرتقبا للمنظمة في 25/مايو/2017 لمراجعة الاتفاق.
وتعهدت المملكة العربية السعودية التي تنتج 3 % من إنتاج أوبك الإجمالي، بخفض إنتاجها بمقدار 486 ألف برميل يومياً، ما ادى الى قفز أسعار النفط نحو 9 %، فوق مستوى 50 دولارا للبرميل لخام برنت.
وذكر الوزير السعودي ان بلاده تأمل بخفض الإنتاج خارج “أوبك” بواقع 600 ألف برميل يومياً، موضحا ان بلاده ستتحمل عبء خفض كمية كبيرة من إنتاجها الحالي، ومن إنتاجها المتوقع لعام 2017 (2).
” وكان قرار تخفيض إنتاج النفط سجل ارتفاعا لاسعار الخام الأمريكي بعدما كانت الأسعار منهارة في العامين الماضيين، اذ ارتفع سعر البرنت بنسبة 8,4 % إلى 51,3 دولار للبرميل، أما الخام الأمريكي فارتفع بنسبة 8,2 % إلى 48,9 دولار للبرميل.
وفيما ارتفعت اسعار خام مزيج برنت في العقود الآجلة من 3.76 دولار إلى 50.14 دولار للبرميل مسجلة أكبر تغير يومي في 9 أشهر، ارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس وسيط الأميركي 3.55 دولار إلى 48.78 دولار للبرميل (3)
وأضاف الوزير القطري ان روسيا، الدولة غير العضو في “أوبك”، تعهدت بخفض إنتاجها بمعدل 300 ألف برميل يومياً، من اصل 10 ملايين برميل، وهي نصف الكمية التي كان يؤمل بأن تخفضها الدول من خارج المنظمة.
ورحبت ايران بالقرار على لسان رئيسها ، حسن روحاني، ومن المقرر ان تحدد انتاجها بنحو 3.975 مليون برميل.ووصف الجانب الايراني القرار بانه “تطور إيجابي” ، وفي هذا السياق لا يمكن تجاهل حقيقة أن موافقة إيران على خفض انتاجها أدى إلى ارتفاع سعر السهم لمنتجي النفط في الولايات المتحدة (بمقدار 20٪) خلال يوم واحد، والذي جاء لصالح مؤيدي الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترمب.
اما بالنسبة للعراق وهو ثاني اكبر منتج للنفط في المنظمة، والذي يعاني ضغوطات مالية هائلة بسبب الحرب ضد تنظيم الدولة (داعش)، وتحرير حقلي النفط ( القيارة & حمرين )، وإعادة أعمار المحافظات المدمرة ، فانه رغم عدم معارضته لقرار التخفيض الا انه يجد صعوبة في تطبيقه، اذ لم يلتزم كبعض الدول الاعضاء وغير الاعضاء باتفاقية 1986 ، واعفي العراق من الالتزام بالتخفيض منذ عام 1991 بسبب الحروب والعقوبات، وضعف المخزون النقدي بسبب انخفاض أسعار النفط جعل العراق .
وأكد وزير النفط العراقي جبار لعيبي ان التراجع الحاد في أسعار النفط في أواخر 2014 شل الاقتصاد العراقي اذ بلغت مبيعاته من الناتج المحلي الإجمالي 60% و90% من عائدات الحكومة وتشير بيانات صندوق النقد الدولي في عام 2011 الى ان العراق انفق 11% من الإنتاج المحلي الإجمالي لدعم قطاع الكهرباء ، الذي ينقسم في مجال الطاقة الى قسمين، وهما: الحكومة المركزية وحكومة إقليم كردستان.
وتواجه حكومة الإقليم ايضا مشاكل مالية، اذ لم تدفع الرواتب لعدة أشهر، ويتجاوز معدل الإنفاق العام الناتج المحلي الإجمالي بما يزيد على 50%، وقد تزايدت تلك المشاكل بسبب الحرب ضد تنظيم الدولة ، وتدفق اللاجئين من سوريا ومن داخل العراق الى الإقليم حيث استقبل 1,8 مليون شخص من أصل 5,5 ملايين شخص مهجر أي بمعدل 28% من عدد سكانها الإجمالي وهذا يؤثر على الاقتصاد المحلي والخدمات العامة للإقليم وازدياد الديون التي أثقلت كاهل ميزانيته التي تقدر ب20 مليار دولار أمريكي، اذ يدخل إلى خزينة الإقليم 67% من عائدات النفط فيما يذهب الباقي لتسديد تلك الديون، ومن بين الجهات الدائنة للاقليم شركات النفط الدولية ، وتجار النفط، وهذا ما يجعل عدم استطاعة حكومة إقليم كردستان التقليل من إنتاج النفط وبيعه حتى وان فكرت حكومة بغداد بتجميد إنتاجها (4).
نستنتج مما سبق أن الدول الأعضاء باوبك غير ملتزمة بحصص الإنتاج وقد تجاوزت حصصها الإنتاجية المقررة في الماضي، ما يجعل المتابعين يشكون بتنفيذها لقرار خفض الإنتاج الحالي، اذ كانت حصص إنتاج كل من إيران والعراق بمستويات أقل مما كانت تهدف إليه اوبك، وتنوي إنتاجه.
اذن هل سيتحقق التخفيض المتفق عليه، وما آلية التنفيذ الحقيقية لأوبك وكل دولة من الدول الأعضاء تجاوزت حصص إنتاجها المقررة في الماضي بشكل روتيني؟ وهذا سبب وجيه لتوقع عدم الالتزام (5)، ففي عام 2014 ارتفعت قيمة الدولار الأمريكي بنسبة 10٪ عن مستواه مع بداية تراجع قيمة النفط ، وكانت الدول الأعضاء وغير الأعضاء في أوبك متحفزة لإنتاج كل برميل يمكنهم من الحصول على المزيد من العملة الأمريكية.
القرار الذي اتخذته أوبك بتخفيض الانتاج هل يهدف إلى حد كبير إلى إظهار وحدة القرار للمنظمة وحفظ ماء الوجه ام انه امام أزمة كبيرة ستظهر في الأشهر المقبلة عندما يطرح ترمب ورقة العمل الخاصة بقطاع النفط والطاقة الأمريكية ؟
شذى خليل
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية
- (للعربية نت ) 30/11/2016
- مصدر(BBC عربي 30/ نوفمبر/2016)
- ( مصدر الراي اليوم 1/ديسمبر/ 2016)
- (معهد واشنطن) 29 /تشرين الثاني /2016
- ASHRAF IAIDI.COM / ديسمبر