يقول محللون إن نجاة لبنان من فخاخ الأزمات الاقتصادية في 2016، لا يعني أن خطرها انحسر تماما وأن العلاجات التي تلقاها قد لا تنجح في إنقاذه لفترة طويلة، في ظل الأزمات السياسية التي تفرض إيقاعها السلبي على الحياة الاقتصادية.
وكان لتدهور العلاقات اللبنانية الخليجية أثر سلبي على الاقتصاد اللبناني ولا سيما على القطاع السياحي، الذي يقوم بشكل شبه حصري على السائح الخليجي.
وتسببت التهديدات الأمنية التي طالت الخليجيين في لبنان والاضطراب الكبير الذي شاب العلاقات اللبنانية الخليجية في ضرب قطاع السياحة وخسارة المداخيل العالية التي كان يؤمنها.
كما أدى ذلك إلى تراجع الاستثمارات الخليجية في لبنان بشكل عام، وهي استثمارات رئيسية في مجالي العقارات والتجارة، لكن العلاقات بدأت تتحسن مع قرب نهاية العام.
وأثارت أزمة شركة سعودي أوجيه المملوكة من قبل عائلة رئيس الحكومة سعد الحريري، أزمة داخلية بعد أن فقد ما يصل إلى 9 آلاف عامل لبناني عملهم فيها، ما أدى إلى تعميق جراح الاقتصاد اللبناني وإدراج الكثير من العائلات تحت خط الفقر.
جاسم عجاقة: تدهور الإنتاج وتآكل المالية العامة وتراجع الاستهلاك عوامل أضرت بلبنان
وأدى التفجير الذي طال فرع بنك لبنان والمهجر في بيروت إلى تراجع نشاط البنوك وتقليص طموحاتها التوسعية والاستثمارية، كما دفعها إلى إلغاء مشاريع إنشاء فروع جديدة.
وشهدت البلاد الكثير من فضائح الفساد والسرقات والاختلاسات الكبيرة في مؤسسة الضمان الاجتماعي، إضافة إلى سوء معالجة الأزمات البيئية كأزمة النفايات، وأزمة القمح المسرطن وغيرها. وأدى ذلك إلى خسارة الدولة لموارد كبيرة وتراجع السياحة الاستشفائية، بعد أن تحول لبنان إلى بلد غير آمن من الناحية الصحية.
وتواصلت تداعيات الحرب السورية، التي أقفلت معظم المعابر البرية. وأدى ذلك إلى كساد كبير في سوق الإنتاج الزراعي في لبنان، وإلى انخفاض كبير في أسعار بعض المنتجات الزراعية، وتلف القسم الكبير منها، ولم تنجح المعالجات التي اعتمدت من قبل الوزارات المعنية في لجم تداعياته الكارثية على الوضع الاقتصادي للمزارعين.
ويرسم المحلل الاقتصادي جاسم عجاقة صورة قاتمة لحصاد الوضع الاقتصادي اللبناني لعام 2016 تتمثل في تدهور النشاط الإنتاجي وتآكل المالية العامة وانخفاض الاستهلاك.
وأكد أن لبنان أفلت من إدراجه ضمن لائحة الدول السوداء التي لا تكافح التهرب الضريبي وتبييض الأموال، بعد إقرار حزمة من القوانين في جلسة برلمانية طارئة عقدت في نوفمبر، وبات منسجما إلى حد كبير مع المعايير الدولية التي تبلورت تحت قوانين مثل “فاتكا” و“غاتكا”.
وأشار إلى أن حاكم مصرف لبنان تمكن عبر إجراءات حازمة من زيادة الاحتياطات عبر تبديل الليرة اللبنانية بالدولار. ونجح في زيادة احتياطات المصرف المركزي بنحو 11 مليار دولار، لتصل إلى نحو 50 مليار دولار.
وتظهر بيانات تراجع الصادرات والنشاط الإنتاجي، حاجة البلد إلى الاستثمارات، خاصة في ظل تمادي المؤسسات في استبدال اللبنانيين بعمال أجانب، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمواطن اللبناني بشكل عام.
وذكر عجاقة أن لبنان تمكن من الحفاظ على نسبة استهلاك معقولة، بفضل تحويلات المغتربين والقروض البنكية الاستهلاكية بشكل خاص.
9.7 مليار دولار، هي استحقاقات الدين العام المتراكمة والتي يتوجب على لبنان أن يدفعها عام 2017
وتراجع نمو الودائع في البنوك بسبب القوانين الأميركية المتعلقة بتمويل حزب الله، ما دفعها إلى قطع الصلة مع أي جهة يمكن أن تطالها العقوبات، خشية أن يؤدي ذلك إلى خفض تصنيفها.
وتراجعت السياحة على مدى العام، لكنها تحسنت كثيرا مع قرب نهاية العام بعد انتخاب رئيس للبلاد وتحسن العلاقات مع الدول الخليجية.
وتشير البيانات إلى أن عدد السياح الوافدين إلى لبنان سيصل إلى 150 ألف سائح في فترة الأعياد، رغم أن معظمهم من حملة الجنسية اللبنانية، ويأتون لزيارة أهاليهم وأقاربهم، وبالتالي فإن تأثيرهم على أشغال الفنادق سيكون ضئيلا.
وأشار عجاقة إلى أن استحقاقات الدين العام المتراكمة والتي يتوجب على لبنان أن يدفعها عام 2017، هي المشهد الأكثر خطورة، حيث ستبلغ 9.7 مليار دولار لتسديد الديون وفوائدها، وهو ما يعادل 18 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي
العرب اللندنية