لندن – شهد الاقتصاد السعودي في العام 2016 أكبر ثورة إصلاحات اقتصادية في تاريخ البلاد، حيث عرف تحولات كبيرة في برامج الدعم الحكومي وإعادة هيكلة الاقتصاد وصولا إلى إجراءات تقشف قاسية بعد نحو عامين من تراجع إيرادات صادرات النفط.
وبدأت السعودية العام بخفض الدعم الحكومي لأسعار الوقود، وهي أول خطوة من نوعها منذ 10 سنوات، في محاولة للتأقلم مع ضغوط التراجع الحاد في إيرادات صادرات النفط. ولا تزال حتى بعد التعديل عند مستويات متدنية بالمستويات الإقليمية والعالمية.
وقالت الحكومة إن التعديلات تهدف إلى تحقيق الكفاءة في استخدام الطاقة والمحافظة على الموارد الطبيعية ووقف الهدر والاستخدام غير الرشيد والتقليل من الآثار السلبية على متوسطي ومحدودي الدخل.
وكانت المحطة الكبرى إعلان “رؤية السعودية 2030” في 25 أبريل الماضي، وهي خطة طموحة طويلة المدى تسعى إلى إعادة هيكلة الاقتصاد للتأقلم مع عهد النفط الرخيص وخفض الاعتماد على عوائد صادرات الطاقة.
ودخلت الرياض في بداية يونيو الماضي مرحلة تنفيذ أكبر خطة للتحول الاقتصادي في تاريخها، وكشفت تفاصيل المشاريع والإجراءات التي ستتبعها لبناء الاقتصاد عن أسس مستدامة وشفافة وتهيئة البلاد لمرحلة ما بعد النفط.
ومن بين أولويات هذه الخطة زيادة الإيرادات الحكومية غير النفطية إلى 141 مليار دولار بحلول العام 2020، كما تستهدف خلق 450 ألف وظيفة غير حكومية للمواطنين بحسب وثائق وزعت على الصحافيين في جدة.
وتسعى الخطة إلى رفع مستوى الخدمات التي تقدمها الحكومة وتعزيز جودتها من أجل تحقيق “الكفاءة والفعالية في ممارسة أجهزة الدولة لمهامها واختصاصاتها على أكمل وجه والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمستفيدين وصولا إلى مستقبل زاهر وتنمية مستدامة”.
واتخذت السعودية خطوة كبيرة في 26 سبتمبر الماضي، بإقصاء الدولار تماما من التعاملات المباشرة مع الصين، وتأسيس نظام لأسعار الصرف المباشرة بين الريال واليوان، يسمح لبكين بشراء النفط السعودي باليوان.
ويرى الخبـراء أنها خطـوة نوعيـة ستكـون لها تداعيات كبيرة وستلحق أضرارا بمكانة الدولار، وتمهد الطريق لعلاقات ثنائية مزدهرة، بين البلدين وتعطي زخما كبيرا لجهود بكين في تدويل عملتها. ويعني الاتفاق، تسوية المعاملات التجارية بينهما، من خلال استخدام ترتيبات خاصة تسمح للطرفين باستخدام عملة كل دولة في تسوية المعاملات التجارية، في إطار نظام لمعدلات صرف بين العملتين يتم تحديده بصورة مباشرة دون استخدام عملة دولية وسيطة كالدولار.
وعززت في سبتمبر إجراءات ترشيد الإنفاق وزيادة إيرادات الموازنة، وبدأت بتطبيق حزمة جديدة من الرسوم على عدد كبير من الخدمات الحكومية وتأشيرات الدخول إلى البلاد.
ونجحت السعودية في أكتوبر الماضي في اقتراض مبلغ قياسي من أسواق المال العالمية، حين أصدرت سندات دولية بقيمة 17.5 مليار دولار، وهو أكبر اقتراض لدولة ناشئة على الإطلاق.
وهبطت تكلفة التأمين على الديون السعودية ضد مخاطر التخلف عن السداد إلى أدنى مستوياتها هذا العام، في مؤشر على أن إصدار السندات الكبير خفف إلى حد ما الشكوك في قدرة الرياض على التكيف مع عصر النفط الرخيص.
وأعلنت الحكومة في ديسمبر عن موازنة 2017 التي توقعت تراجعا كبيرا في العجز رغم زيادة الإنفاق فيها. وكشفت الحسابات الختامية لعام 2016 عن تحسن كبير في مؤشرات الموازنة، حين جاء العجز أقل بنحو 8 مليارات دولار عن التقديرات الأولية.
وبلغ حجم الإنفاق في الموازنة الجديدة نحو 237.2 مليار دولار، أي بزيادة 17.2 مليار دولار عن الإنفاق الفعلي في العام الحالي، وتوقعت تراجع العجز إلى 52.88 مليار دولار ونمو الإيرادات بـ184.4 مليار دولار. وستكون موازنة 2017 رابع موازنة سعودية تسجل عجزا على التوالي.
ومع اقتراب نهاية العام 2016 أعلن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أن بلاده سجلت خلال العام 2016 تراجعا في استهلاك الكهرباء واستهلاك الوقود في قطاع النقل، ما أدى إلى تراجع في وتيرة نمو استهلاك الطاقة بشكل عام.
وكشف الوزير أن الاستهلاك في قطاع الكهرباء “توقف عن النمو لأول مرة منذ إنشاء شركة الكهرباء” في السعودية.
وقال إن استهلاك قطاع النقل من الطاقة انكمش بمقدار 3 بالمئة في العام 2016، مقابل متوسط نمو وصل إلى 6.5 بالمئة في السنوات الخمس الماضي.
العرب اللندنية