مع الغزو الأمريكي للعراق، وسقوط نظام الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين؛ بدأت إيران في التحرك للتغلل داخل العراق، ساعدها في ذلك وجود نسبة كبيرة من الشيعة العراقيين المؤيدين لولاية الفقيه، حيث شكّلت إيران فاعلاً رئيسيًّا في تفاعلات الساحة العراقية، وعلى مختلف الأصعدة؛ ورمت بثقلها للمحافظة على هذا الدور وتعزيزه باستمرار، لإدراكها أهمية العراق الاستراتيجية، وكونه بمثابة بوابة مهمة للدخول إلى المنطقة العربية.
صباح أمس الجمعة، دعا وزير التعليم العالي والبحث العلمي العراقي، عبدالرزاق العيسى، خلال لقائه المستشار الثقافي الإيراني في العراق، إلي عدم التركيز علي مدينة بغداد فقط في تعليم اللغة الفارسية وإقامة دورات في كل مدن العراق خاصةً الجنوبية، كما بحث العيسى خلال لقائه المستشار الثقافي الإيراني في العراق، غلام رضا اباذري، التعاون التعليمي والجامعي، مشيدًا بدور إيران في مجال منح الزمالات الدراسية للطلبة العراقيين.
أنفاق سياسية مظلمة
وعلق موقع «بابل» العراقي، على طلب وزير التعليم العالي والبحث العلمي عبد الرزاق العيسي، من الجانب الإيراني على إقامة دورات في كافة المحافظات العراقية خصوصا «الجنوبية»، باعتبارها خطوة «سياسية» رغم أن رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي، جاء بالعيسى على أساس مبدأ «التكنوقراط» الذي اعتمده في الإصلاحات الوزارية الأخيرة.
وبحسب الموقع، يحاول العيسى، ذو التاريخ العلمي «الحافل» بالإنجازات والمناصب العلمية المهمة كأفضل رئيس جامعة عراقية وغيرها، «تلميع ذاته أمام الإيرانيين»، حين طلب عدم اقتصار دورات تعليم اللغة الفارسية على بغداد فقط، بل دعاهم لتشمل دوراتهم جميع المحافظات العراقية، لـ«يرضوا عنه» من أجل دعمه في المراحل السياسية المقبلة، خصوصًا مع قرب الانتخابات البرلمانية التي ستشهد تغييرات كبيرة على مستوى المناصب السيادية الهامة في كافة مفاصل الدولة.
وأضاف موقع «بابل» أن العيسى، قام بـ«نسف» كل الهالة التي رسمت عليه، منذ استلامه منصبه وحتى اليوم بعد أن تأملت به الأوساط الثقافية والشعبية خيرًا، كونه من الأشخاص الذين عرفوا بـ«استقلاليتهم» وعدم تفضيلهم أي جهة أو قومية على حساب أخرى، حين أدخل نفسه في «أنفاق سياسية مظلمة»، لا يمكن لها إلا أن تخلق مزيدا من حالات «الإرباك» التي يعاني منها التعليم في العراق منذ أمد بعيد، بسبب «التبعية» التي عانت منها الوزارة في كل الفترات الحكومية السابقة، وهذا ما انعكس على الأداء الوظيفي في الجامعات العراقية المختلفة.
التغلغل الإيراني
يُشار إلى أنه في 8 مارس 2015، قال علي يونسي، مستشار الرئيس الإيراني، حسن روحاني، إن إيران اليوم أصبحت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد حاليًا، وهي مركز حضارتنا وثقافتنا وهويتنا اليوم كما في الماضي، في إشارة إلى إعادة الإمبراطورية الفارسية الساسانية قبل الإسلام التي احتلت العراق وجعلت المدائن عاصمة لها.
إذ وفرت الإطاحة بنظام صدام حسين فرصة تاريخية للنظام الإيراني لتحويل علاقتها مع العراق -التي كانت سابقاً واحدة من أشد أعدائها- واستغلت الحدود الطويلة التي يسهل اختراقها مع العراق، وعلاقاتها طويلة المدى مع سياسيين عراقيين رئيسيين وأحزاب وجماعات مسلحة عراقية، فضلاً عن قوتها الناعمة المتمثلة في المجالات الاقتصادية والدينية والإعلامية لتوسيع نفوذها.
كما قام الحرس الإيراني والمخابرات بتشكيل «فرق الموت»، وهي مجاميع للاغتيالات والتصفية من عناصر الأحزاب والحركات أعلاه وبداخلها عدد من العناصر الإيرانية، وجرى تدريبها داخل إيران على عمليات الاغتيال والخطف وتسليحها وتمويلها والإشراف على عملها، والتي تعمل بغطاء تشكيلات وزارتي الداخلية والدفاع وقوائم الأسماء المطلوب قتلها وخطفها وعناوينهم تصل من إيران إلى العراق.
وبعض تلك الشخصيات تم خطفها وإرسالها إلى إيران وتشمل عمليات الاغتيال والخطف «كبار الضباط في الجيش، الطيارين، ضباط الأجهزة الأمنية، الأطباء، أساتذة الجامعات، البعثيين، رجال الدين البارزين والمؤثرين، شيوخ العشائر الرافضين للاحتلال …إلخ»، وعلى سبيل المثال للحصر بلغ عدد قتلى البعث في مدينة صدام 1211 بعثي، وضابط عسكري وأجهزة أمنية ورؤساء عشائر.
وفي محافظة البصرة، بلغ عدد قتلى البعث 622 و28 و36 أستاذ من جامعة البصرة وتربوي، حيث تعمل المخابرات الإيرانية في العراق من الجنوب إلى الوسط إلى الشمال وبكل قوتها وبحرية عالية، وتقوم بممارسة نشاطها من خلال الواجهات الاستخبارية المنتشرة في العراق من «مؤسسات العمل الخيري، المستشفيات، شركات السياحة، المنتشرة بالعراق، المكاتب التجارية..».
كما عملت إيران على زج الكثير من العناصر ذات التبعية الإيرانية والأشخاص من ذوي الأصول الإيرانية، داخل مؤسسات وزارتي الداخلية والدفاع ووزارات الدولة؛ لاستخدامهم لاحقًا في تحقيق أهدافها داخل العراق، كما عملت على زيادة كادر السفارة الإيرانية ليصل إلى أكثر من خمسين دبلوماسيًا خدمةً لأهدافها، بالإضافة إلى القنصليات بالمحافظات الجنوبية والفرات الأوسط.
أحمد سامى – التقرير