مسقط – أشارت إحصائية رسمية أمس، إلى ارتفاع مفاجئ في عدد القوى العاملة الوافدة في سلطنة عُمان حتى نهاية نوفمبر الماضي، لتصل إلى نحو 1.9 مليونا من مختلف الجنسيات.
وذكر المركز الوطني للإحصاء والمعلومات العماني في إحصائية حديثة عن تفاصيل العمالة الوافدة المتواجدة في البلاد أن قطاع الإنشاءات استحوذ على الحصة الأكبر من القوى العاملة الوافدة بنسبة بلغت نحو 36.3 بالمئة.
وبحسب الإحصائية، زادت أعداد العمالة الوافدة بنحو 131 ألفا خلال الأشهر الأحد عشر الأولى من العام الماضي، لتضاف إلى أعداد العمال الأجانب في نهاية العام السابق.
وتمثل العمالة الأجنبية جزءا كبيرا من القوى العاملة في البلد الخليجي، الذي يواجه تحديات اقتصادية كبيرة بسبب تراجع عوائد صادرات النفط، رغم أن الحكومة تحاول جاهدة توفير فرص العمل للمواطنين العاطلين عن العمل.
ويقول البنك الدولي في تقرير أصدره العام الماضي حول “حقائق الهجرة والتحويلات” إن نسبة العمالة الأجنبية في سلطنة عُمان تشكل ما يصل إلى نحو 24.5 بالمئة، من مجموع عدد السكان البالغ نحو 4.5 ملايين نسمة تقريبا، وينتمي الكثيرون منهم إلى بلدان جنوب آسيا مثل الهند وبنغلاديش وباكستان وإندونيسيا.
وتتجه العمالة الوافدة في الخليج بشكل عام إلى مواجهة ضغوط متزايدة مع استمرار انخفاض عوائد صادرات النفط على المديين القصير والمتوسط، وهو ما دفع بعض البلدان الخليجية لترشيد النفقات وخفض العمالة الأجنبية وتجميد مجموعة من المشاريع والاستثمارات.
وبذلك تسير سلطنة عمان عكس تيار تراجع أعداد العمال الأجانب في الدول الخليجية المجاورة.
ويؤكد محللون أنه من الطبيعي أن يكون للعمالة الأجنبية تأثير سلبي على دول الخليج، لما تواجهه تلك الدول من أزمات اقتصادية مع استمرار انخفاض أسعار النفط، لكن ما تشهده سلطنة عُمان يخالف التوقعات.
وتقدر الحكومة حجم تحويلات الأجانب بنحو 9 مليارات دولار سنويا، ومع ارتفاع عدد العمالة الأجنبية قد تزيد هذه التحويلات وهو ما يستنزف إمكانيات الدولة أكثر في هذا الظرف الحساس.
9 مليارات دولار، قيمة تحويلات العمالة الأجنبية سنويا في سلطنة عمان، بحسب التقديرات الحكومية
وتثير هذه التحويلات الضخمة حفيظة الحكومة التي اتخذت إجراءات واسعة طوال العامين الماضيين في تشديد قوانين استقدام العمالة الأجنبية بهدف التقليص، وتوفير فرص عمل للمواطنين.
وكان وزير القوى العاملة الشيخ عبدالله بن ناصر البكري قد أصدر قرارا في أبريل 2014 يقضي بوقف التصريح باستقدام العمالة الوافدة بصفة مؤقتة لمدة ستة أشهر في منشآت القطاع الخاص العاملة في الإنشاءات والنظافة.
وتضررت عُمان الأفقر خليجيا بالموارد النفطيـة من هبوط الأسعار العــالمية منـذ منتصـف 2014، مـا دفعهــا إلى اتخـاذ إجراءات تقشفيـة لمواجهـة الأزمـة بعـدما سجلـت عجـزا بنحـو 11.7 مليــار دولار في مـوازنـة عـام 2015.
ويقول اقتصاديون إن الصعوبات التي تعيشها سلطنة عمان، ليست ناتجة عن اعتمـادها بشكـل كبيـر على عائـدات صادرات النفـط، ولكـن أيضـا بسبب احتيـاطاتهـا أقــل مـن جيـرانهـا، وانخفـاض احتيـاطاتها المـالية.
وأعلنت الحكومة العام الماضي، عن خطة مدتها خمس سنوات لخفض اعتماد اقتصادها على صناعة النفط بمقدار النصف، لتخفيف ضغوط تراجع أسعار الخام على المالية العامة للبلاد.
واعتمدت الخطة 2016-2020 التي جاء ذكرها في بيان للمجلس الأعلى للتخطيط، ما يزيد على 500 برنامج وسياسة في محاولة لتنويع الاقتصاد العماني والتركيز بشكل خاص على قطاعات مثل الصناعات التحويلية والتعدين والنقل والسياحة.
وأكدت انتصار الوهيبية المدير العام للتخطيط التنموي في المجلس أن الخطة الخمسية الجديدة استحدثت منهجية التحوط في ظل عدم اليقين، نظرا للتقلبات في أسعار النفط ومن ثم إعداد سيناريوهات مختلفة بدلا عن السيناريو الواحد لتقدير تأثير التقلبات في أسعـار النفـط على أداء الاقتصـاد الـوطني.
وذكرت أن سياسة التنويع الاقتصادي تستهدف استدامة التنمية الاقتصادية وتحسين مستوى معيشة المواطن وتوفير فرص التوظيف للشباب.
وتهدف الدولة الخليجية إلى خفض مساهمة صناعة النفط في الناتج المحلي الإجمالي إلى 22 بالمئة من 44 بالمئة حاليا وخفض مساهمة الغاز الطبيعي إلى 2.4 من 3.6 بالمئة حاليا.
وسيبلغ متوسط الاستثمارات السنوية نحو 28 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي ومن المتوقع أن تبلغ الاستثمارات المجمعة على سنوات الخطة الخمس نحو 106 مليارات دولار، مقابل 99 مليار دولار في الخطة الخمسية السابقة.
وتفترض الخطة متوسط سعر البرميل من النفط عند 45 دولارا في 2016 و55 دولارا في 2017 و2018 ليصل إلى 60 دولارا في 2019 و2020، بينما من المفترض أن يبقى متوسط الإنتاج النفطي للسلطنة مستقرا عند 990 ألف برميل يوميا. وتفترض الأرقام أن تواصل عمان تسجيل عجز في الموازنة الحكومية خلال جميع سنوات الخطة الخمسية الممتدة حتى العام 2020.
العرب اللندنية