وتتيح الاتفاقيات لإيران إنشاء شبكة اتصالات في سوريا, والاستثمار في منجم للفوسفات قرب تدمر. كما منحت دمشق لطهران خمسة آلاف هكتار لاستغلالها في مجال الزراعة وتربية الماشية، ومثلها لبناء محطات لتخزين المشتقات النفطية.
ولئن كانت معظم هذه المشاريع يمكن وصفها بأنها عادية من الجانب الاقتصادي، فإن الاتفاقية الأهم هي التي ستمكن إيران من إنشاء مشغل ثالث للاتصالات في سوريا. وتجدر الاشارة إلى أن 51% من شركة الاتصالات الإيرانية تعود إلى شركة “اعتماد مبين”، وهي إحدى الأفرع الاقتصادية للحرس الثوري الإيراني.
وتعليقا على هذا الاتفاق قال وزير الاتصالات الإيرانية محمود واعظي إن إطلاق إيران للمشغل الثالث للاتصالات في سوريا سيزيد من التعاون بين البلدين، لكن في الوقت ذاته دعا الجانب السوري إلى التسريع بمنح إيران الترددات اللازمة لذلك.
لم يذكر الجانب الإيراني ولا السوري الحجم المالي للاتفاقيات الموقعة، لكن تمكين إيران من مشاريع كانت حتى وقت قريب من اختصاصات الدولة السورية قد يكون مؤشرا على أن سلطات دمشق بدأت تفتح اقتصادها لمن تعتبرهم حلفاء.
ويقول المحلل السياسي محمد حسين أنصاري إن النظام السوري سيعطي الأولوية للمشاريع الاقتصادية وإعادة الإعمار إلى الدول التي ساعدت سوريا خلال مراحل الحرب.
أبعاد نفسية
وبشأن ماهية الزيارة، يقول الخبير في الشأن الإيراني حسين ريوران إن موقع رئيس الحكومة السورية ليس موقعا سياسيا كبيرا، بل هو مدير اقتصادي أكثر منه سياسي, لذلك كل الاتفاقيات التي وقعها في طهران كانت اقتصادية، أما الاتفاقيات السياسية فهي محصورة بيد الرئيس السوري أو وزير الخارجية.
ولكن هذه الاتفاقيات لها أبعاد نفسية قبل أن تكون لها أبعاد عملية، وتعني أن الحرب في سوريا في نهايتها، وأن مرحلة من السلم والمصالحة وإعادة الإعمار بدأت في سوريا، كما يرى المحلل السياسي محمد حسين أنصاري.
ولا تتوقف المشاريع الإيرانية في سوريا عما تم التوصل إليه أخيرا خلال اتفاقيات الخميس في طهران، بل قد يتم الإعلان قريبا عن التوصل إلى اتفاق يقضي بتطوير إيران لأحد الموانئ السورية كما أعلن ذلك إسحاق جهانغيري النائب الأول للرئيس الإيراني.
واذا ما تم ذلك فإن إيران ستحوز على واجهة على البحر الأبيض المتوسط, وهو ما سيعزز حضورها في المنطقة. ويبدو أن طهران لا تريد أن تتأخر عن حليفها الروسي في سوريا، الذي أعلن عن اتفاق مع النظام في دمشق على استغلال ميناء طرطوس لمدة 499 سنة.
وبشأن العلاقة المستقبلية بين حليفي النظام السوري طهران وموسكو، يرى المحلل السياسي محمد حسين أنصاري أن فتح النظام السوري الاستثمار لحلفائه سيفتح باب التنافس بينها.
أما الخبير في الشأن الإيراني حسين ريوران فقال إن حجم الدمار في سوريا خلق فرصا استثمارية كبيرة ستنتفي معها المنافسة بين روسيا وإيران والصين, مشيرا إلى أن الاستثمارات الروسية ترمي إلى تثبيت الواقع العسكري لها في سوريا، بينما تسعى إيران إلى فتح فرص اقتصادية جديدة لها في هذا البلد.
نور الدين دغير
الجزيرة