أستانة – نجحت المعارضة السورية في تحقيق بعض المكاسب في مؤتمر أستانة الذي اختتم الثلاثاء، رغم التحفظات التي أبدتها على بعض بنود البيان الختامي.
ودارت في العاصمة الكازاخية وعلى مدار يومين اجتماعات غير مباشرة بين النظام السوري والمعارضة المسلحة، برعاية كل من روسيا والأمم المتحدة وتركيا وإيران.
وقال وزير خارجية كازاخستان خيرت عبدالرحمنوف أثناء تلاوته البيان الختامي للقاء أستانة إنه تقرر “تأسيس آلية ثلاثية لمراقبة وضمان الامتثال الكامل لوقف إطلاق النار ومنع أي استفزازات وتحديد كل نماذج وقف إطلاق النار”.
وستتولى كل من روسيا وتركيا وإيران مراقبة وقف إطلاق النار، وسط معارضة الفصائل المسلحة لوجود طهران حيث تتهمها بأنها المسؤولة رقم واحد على الخروقات المسجلة في أكثر من منطقة سورية.
وأوضحت روسيا وتركيا وإيران أنها ستسعى “عبر خطوات ملموسة وباستخدام نفوذها على الأطراف، إلى تعزيز نظام وقف إطلاق النار” الذي دخل حيز التنفيذ في 30 ديسمبر وأدى إلى خفض العنف رغم الخروقات المتكررة.
وتشكك المعارضة حقيقة في أن تغير إيران استراتيجيتها وتوقف خروقات ميليشياتها.
وشدد البيان الختامي على أنه “لا يوجد حل عسكري للنزاع، وأنه من الممكن فقط حله عبر عملية سياسية تعتمد على تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 بشكل كامل”.
وورد في البيان أيضا أحد المطالب الرئيسية لوفد النظام وهو الفصل بين المعارضين “المعتدلين” وجهاديي تنظيم الدولة الإسلامية وجبهة فتح الشام (جبهة النصرة سابقا).
وأكد البيان أن وفود البلدان الثلاثة “يعيدون التأكيد على تصميمهم محاربة داعش والنصرة بشكل مشترك” كما أنهم “يعبرون عن قناعتهم بأن هناك حاجة ملحة إلى تصعيد جهود إطلاق عملية مفاوضات وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 2254”.
ولم يوقع أي من الطرفين السوريين على البيان الختامي ولم تحصل أي جلسة مفاوضات مباشرة بينهما.
مرح البقاعي: الموقف الروسي تحول من مقاتل إلى جانب النظام إلى ضامن محايد للهدنة
وسيمهد هذا المؤتمر الذي ركز بالدرجة الأولى على تثبيت وقف إطلاق النار، لمؤتمر جنيف المقرر في الثامن من فبراير المقبل والذي سيكون مخصصا للبحث في العملية السياسية، برعاية أممية.
وأعرب رئيس الوفد الروسي في العاصمة الكازاخية، عن اعتقاده بأن عملية جديدة ولدت لبدء المفاوضات بين الأطراف المتحاربة في سوريا.
وأوضح ألكسندر لافرينتييف “رغم الوقت الذي استغرقه الاتفاق على البيان الختامي نجحنا في كتابة ميلاد لعملية أستانة”.
وأكد المسؤول الروسي أن موسكو صاغت مسودة دستور لسوريا وسلمت نسخة منها إلى المعارضة.
واعتبر أن روسيا وتركيا وإيران باعتبارها الدول الضامنة للاتفاق لوضع آلية لوقف إطلاق النار ستعمل الآن عن كثب على تنفيذه. غير أنه سعى للتهوين من أثر المحادثات على العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة.
وقال “هناك بعض التكهنات بأن عملية أستانة تعتبر بديلا لعملية جنيف. وهذا غير صحيح، فمحادثات أستانة مكملة لجنيف”. وأضاف أن جماعات أخرى قد تنضم إلى عملية أستانة.
ويرى مراقبون أن النقطة المضيئة المسجلة في هذا المؤتمر بالنسبة للمعارضة هي تمكنها من فرض محادثات أستانة كامتداد لعملية جنيف التي تقودها الأمم المتحدة.
وجدير بالذكر أن النظام وحليفته إيران سعيا إلى فرض أستانة كمرجعية سياسية جديدة، تنسف القرارات الأممية السابقة.
وتقول في هذا السياق مستشارة الهيئة العليا للمعارضة السورية مرح البقاعي لـ“العرب”، “لقد خرجت المعارضة العسكرية بما أرادت من تثبيت وقف إطلاق النار وخلق آليات المراقبة للهدنة، وإطلاق العملية السياسية في جنيف وليس في أستانة”.
وأوضحت “أعتقد أن هذا المؤتمر نجح في تحقيق خرق نوعي ترجم في تحول الموقف الروسي من حليف مقاتل إلى جانب النظام إلى ضامن محايد للهدنة”.
وبدت روسيا تتصرف من موقع الطرف المحايد، حتى أنها وجهت مؤخرا رسالة حازمة إلى النظام بشأن ضرورة وقف خروقاته خاصة في وادي بردى بريف دمشق.
ولعبت روسيا دورا حيويا في منع انهيار النظام السوري، بتدخلها في العام 2015 مباشرة في الصراع، بيد أنها اليوم تحاول جاهدة إنهاء هذا الصراع، بشكل قد لا يتوافق وطموحات النظام وإيران ذات السقف العالي.
وأكد رئيس وفد المعارضة محمد علوش، إثر إعلان البيان الختامي، أنهم تلقوا وعودا من الضامن الروسي، بالعمل على تثبيت وقف إطلاق النار والالتزام به في سوريا، وإيصال المساعدات إلى المحاصرين في المناطق.
وشدد على أن “خيار المعارضة الاستراتيجي يتمثل بالوصول إلى الحل السياسي الحقيقي والعادل، بناء على المرجعيات الدولية، وهي بيان جنيف لعام 2012، وقرارات مجلس الأمن 2118 في العام 2013، و2254 لعام 2016، ورحيل بشار الأسد والطغمة الحاكمة، ومحاسبة كل من تلوثت يده بدم الشعب السوري”.
ولفت إلى أنهم “قدموا تحفظات للجانبين التركي والروسي على البيان الختامي، و(اللذين) تفهما هذه التحفظات، وأن البيان الختامي الذي صدر، تمت مناقشته مع المسؤولين الذين صدر باسمهم البيان وخاصة تركيا وروسيا، فيما الموقف الروسي تحول ليكون ضامنا لكنه يواجه عقبات من إيران وحزب الله (اللبناني) والنظام”.
وحول مفاوضات جنيف المقبلة في 8 فبراير القادم، قال رئيس وفد المعارضة محمد علوش إن “الهيئة العليا للمفاوضات ستبذل جهودا لإجراءات الحل، وقدموا ورقة للجانب التركي وروسيا والأمم المتحدة، تتضمن آليات وقف إطلاق النار لطرحها على جانب النظام، لتكون ملحقا من أجل تثبيت وقف إطلاق النار المعلن”.
العرب اللندنية