لندن – أكدت معظم الدول الأعضاء في اتفاقية “الشراكة عبر المحيط الهادي” التي تهدف إلى إقامة أكبر منطقة للتجارة الحرة في العالم، استمرارها في الاتفاقية رغم قرار الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاقية.
وقال وزير المالية الياباني تارو أسو إن اليابان ستعمل مع الدول الأعضاء في الاتفاقية من أجل تعزيز التجارة الحرة بعد انسحاب الولايات المتحدة، رغم أن وزير الخارجية فوميو كيشيدا أكد أن طوكيو ستواصل المناقشات مع واشنطن.
وأكد ترامب مرارا منذ بداية حملته الانتخابية معارضته للاتفاقات التجارية المتعددة الأطراف، التي يقول إنها أدّت إلى هجرة واسعة للوظائف من الولايات المتحدة، وأكد أمس أنه يسعى لإبرام اتفاقات ثنائية قصيرة الأجل، يمكن تعديلها وإلغاؤها بسهولة.
وصدرت عن ترامب تصريحات كثيرة مناوئة للعلاقات التجارية مع الصين، لكن الخبراء يقولون إن قراره إلغاء اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي ستصب في صالح الصين، وتؤدي إلى توسيع دورها في التجارة العالمية.
وصدر أول دليل على ذلك من رئيس الوزراء الأسترالي مالكولم ترنبول، الذي قال إن “هناك بالتأكيد إمكانية انضمام الصين إلى اتفاقية التبادل الحر عبر المحيط الهادي”.
وأكد أن بلاده تجري “مناقشات نشطة” مع الدول الأخرى الموقعة على الاتفاقية مثل اليابان وكندا ونيوزيلندا والمكسيك وماليزيا وسنغافورة حول سبل إنقاذ الاتفاقية، في وقت أعلنت فيه الصين “استعدادها لتسريع″ إقامة مناطق بديلة للتبادل الحر.
وقال وزير التجارة الأسترالي ستيفن سيوبو، إن قرار واشنطن الانسحاب من الاتفاقية “أمر مخز إلى حد كبير، لكنه كان متوقعا”. وأكد أن أستراليا حريصة على معرفة ما إذا كانت الاتفاقية يمكن أن تستمر من دون دولة واحدة هي الولايات المتحدة.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقع يوم الاثنين مذكرة إنهاء مشاركة بلاده في الاتفاقية التي خاضت إدارة سلفه باراك أوباما بشأنها مفاوضات شاقة استمرت سنوات. وقد وصفها ترامب خلال حملته الانتخابية بانها “رهيبة” ومن شأنها الإضرار بمصالح العمال الأميركيين.
لكن ترامب قال إنه “من الممكن أن تتغير السياسة الأميركية مع الوقت في هذا الشأن”، مشيرا إلى أن المرشح لمنصب وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون وعددا من الجمهوريين الآخرين يؤيدون هذا التحالف.
ووقعت الاتفاقية 12 دولة تقع على جانبي المحيط الهادي هي الولايات المتحدة وأستراليا وبروناي وكندا وتشيلي واليابان وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورة وفيتنام.
وتم إبرام الاتفاقية في عام 2015 وهي تهدف إلى تحقيق توازن مع النفوذ المتنامي للصين. وتمثل الدول الموقعة للاتفاقية، التي لم تدخل حيز التنفيذ 40 بالمئة من الاقتصاد العالمي.
وسارعت الصين أمس إلى طرح أوراقها وأعلنت أنها “مستعدة لتسريع” إقامة مناطق بديلة للتبادل الحر، لكنها أكدت في الوقت نفسه رفضها لدور “زعامة” اقتصادية عالمية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونيينغ “مازلنا ملتزمين بتشجيع التكامل الاقتصادي في آسيا المحيط الهادي وتسريع المفاوضات حول الشراكة الاقتصادية التكاملية الإقليمية ومنطقة التبادل الحر للمحيط الهادي، التي تدعو إليها بكين”.
وتضم “الشراكة الاقتصادية التكاملية الإقليمية” الدول العشر الأعضاء في رابطة جنوب شرق آسيا (آسيان) وشركاءها الإقليميين، وهي الصين والهند واليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا”.
ومثل “منطقة التبادل الحر عبر المحيط الهادي”، تهدف هذه الشراكة إلى إلغاء الحواجز الجمركية وغير الجمركية لكن سقف طموحاتها أدنى في قضايا المعايير البيئية والاجتماعية.
وقالت هوا إن “المحادثات لوضع اللمسات الأخيرة على تلك الشراكة، سجلت تقدما هائلا ويفترض أن تنجز في أقرب وقت ممكن، لإعطاء دفع جديد للنمو الاقتصادي في آسيا والعالم”.
كما تريد الصين أن تطلق بسرعة المناقشات حول “منطقة للتبادل الحر للمحيط الهادي” تهدف إلى جمع الدول الـ21 الأعضاء في منتدى آسيا المحيط الهادي (أبيك).
وتثير توجهات ترامب التجارية قلقا واسعا لأنها تربك خطط الاستثمار البعيدة المدى، وقد أجبر تهديداته الكثير من الشركات لتعديل خططها، خشية الحمى الشعبية التي تغذيها تصريحات ترامب.
وزعزعت تهديدات ترامب خطط شركات السيارات للاستثمار في المكسيك، حين هدد بفرض رسوم جمركية مرتفعة على السيارات المستوردة منها إلى الولايات المتحدة رغم أن ذلك يتعارض مع بنود اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية (نافتا) التي تضم المكسيك وكندا والولايات المتحدة.
وقد سعى مستشار الرئيس ترامب أمس إلى طمأنة كندا بشأن إعادة التفاوض حول اتفاقية نافتا، بعد أن أكد رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أن كندا لا تريد “مواجهة” بانتظار أن تتضح تدريجيا معالم السياسة الحمائية للإدارة الأميركية الجديدة.
وقال ستيفان شوارزمان مدير المنتدى الاستراتيجي الذي أنشأه ترامب لتقييم السياسة الاقتصادية أنه “من الأمور المهمة الرأي الإيجابي جدا” لترامب بشأن كندا.
العرب اللندنية