بيروت – أجمعت أوساط سياسية لبنانية على أن قرار السعودية تعيين سفير لها في لبنان وفتح الباب لعودة السعوديين لزيارة لبنان وزيادة عدد الرحلات الجوية إنما يعكس رغبة رسمية في فتح المجال لتطبيع متوازن لعلاقات الرياض مع بيروت، بما يشمل كافة الملفات الاقتصادية والسياسية والأمنية.
وأكدت هذه الأوساط على أن الرياض جادة في طي صفحة التوتر الذي شاب علاقات البلدين في الفترة السابقة، وأن الزيارة التي قام بها الرئيس اللبناني ميشال عون إلى المملكة كانت ناجحة لجهة تسريع الخطوات الواجب اتخاذها لإعادة العلاقات إلى سابق مستواها.
وقال بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية الاثنين إن وزير الدولة لشؤون الخليج ثامر السبهان الذي يزور بيروت “أعلم الرئيس عون بتعيين سفير جديد للمملكة العربية السعودية في لبنان وزيادة رحلات شركة الطيران السعودية إلى مطار رفيق الحريري الدولي وعودة السعوديين لزيارة لبنان وتمضية عطلاتهم السياحية فيه”.
لكن مصادر لبنانية محلية لفتت إلى أن القرارات تتأسس على ضمانات قدمتها كافة مكونات الحكم اللبناني، بما في ذلك حزب الله، إلى الجانب السعودي بالحرص على أمن المواطنين السعوديين كما الحرص على المصالح السعودية في البلد، وأن لا عودة لقيام حزب الله بعمليات استعراض قوة مع مؤسسات محسوبة على السعودية كما حدث عندما هاجم عناصر للحزب مكاتب قناة العربية.
وترى المصادر أن هذه الخطوة تمثل بالنسبة للسعوديين أيضا مقياسا لمدى التزام إيران باحترام الخصوصيات اللبنانية كما احترام الوجود السعودي في لبنان.
ويرى باسم الشاب النائب عن كتلة المستقبل أن تصريحات السبهان المتعلقة بعودة السياحة الخليجية إلى لبنان تكشف أن حزب الله لا يريد تعطيل مفاعيل هذه العودة وتبرهن “أن الحزب قد يكون ممتلكا للكثير من المفاتيح العسكرية والأمنية، ولكن المفاتيح الاقتصادية الأساسية في البلد ليست في يده، وتاليا فإنه لا مصلحة للحزب حاليا في أن يدخل لبنان في أزمة اقتصادية”.
وقال الشاب في تصريح لـ”العرب” إن موقف حزب الله “لا يمكن أن يكون مختلفا أو مناقضا للأجواء الإيجابية التي عكستها زيارة رئيس الجمهورية إلى السعودية، والتي تستكمل مفاعيلها مع زيارة السبهان الحالية”.
وأكدت مصادر محلية قريبة من أجواء زيارة السبهان لـ”العرب” أن السعودية جادة في الإطلالة الإيجابية على لبنان، لكن الوعود السعودية تبقى رهنا بمدى التزام الأطراف اللبنانية برعاية مصالح السعودية والحفاظ على أبجديات العلاقة السليمة بين الرياض وبيروت، وأن لا عودة لأن يصبح لبنان الرسمي لسان حال المصالح الإيرانية، كما حدث في مرحلة تولي جبران باسيل للخارجية اللبنانية إبان عهد الحكومة السابقة.
وترى أوساط لبنانية أن حزب الله الذي يراقب تراجع دوره الإقليمي يستعد للانكفاء إلى داخل لبنان والاستظلال بسقف الدولة اللبنانية والالتزام بشروطها. ويسعى حزب الله إلى إعادة تأهيله داخل الدائرتين الإقليمية والدولية، لا سيما وأن التصعيد الجاري بين واشنطن وطهران سيتداعى عليه مما يفرض تموضعا يحترم مصالح لبنان العربية عامة والخليجية خاصة.
وتكشف أوساط اقتصادية أن عودة السياحة السعودية الخليجية باتت ضرورية لإنعاش الاقتصاد اللبناني وأن حزب الله بات مدركا لمخاطر الانزلاق الاقتصادي على البلد كما على البيئات الشعبية التي يحتمي بها.
وترى هذه الأوساط أن إعادة السياحة الخليجية إلى البلد تمثل مساعدة اقتصادية ستقدمها السعودية دعما لحكومة الرئيس سعد الحريري وإنعاشا للعهد الجديد برئاسة الرئيس ميشال عون.
ويعتبر النائب عن كتلة التنمية والتحرير المحسوبة على حركة “أمل” عبدالمجيد صالح أن مشكلة غياب السياحة الخليجية عن البلد “جاءت في لحظة اضطراب أمني عام ناتج عن غياب المؤسسات، وعودتها الآن تؤكد أن حزب الله لا يتدخل سلبا في هذا الموضوع”.
ويشير صالح في تصريح لـ”العرب” إلى أن هذه العودة لا ترتبط بموقف حزب الله وحسب لأن “الجميع في لبنان يعلمون أنها تعكس جوا عاما من الارتياح، وتؤكد على وجود استقرار في لبنان تحميه أجهزة أمنية فاعلة”.
ويلفت إلى أن المناخ الذي أنتج عودة السياحة الخليجية إلى لبنان يحمل آثارا إيجابية عامة تتجاوز التأثيرات الاقتصادية كونها “تعيد طرح مسألة عودة الحرارة إلى العلاقات اللبنانية الخليجية بشكل يضمن مصالح الطرفين”.
العرب اللندنية